القتل من المسافة صفر.. هولوكوست بحق المسلمين فى الهند وسط التزام العالم الصمت
وسط حالة من الصمت الدولى والعربى، يتعرض المسلمون في الهند منذ عقود لأبشع أنواع العنف والتعذيب، وزادت حدة الانتهاكات الجسيمة بحقهم والتي أسفرت عن سقوط آلاف الشهداء ضحايا العنف الرسمى، يومًا بعد يوم نتيجة التحريض السياسي والإعلامي ضدهم.
الأقليات المسلمة تواجه أبشع الجرائم العنصرية في الهند منذ ستينيات القرن الماضي، حين أعلن الهندوس سيطرتهم على البلاد إبان إنتهاء الاحتلال البريطاني، ليعتبروا إثر ذلك مسلميها الموجودين على أراضيها مجرد أقلية مباح دمها.
تنامى قمع المسلمين
لكن على الرغم من التاريخ الحافل بالمجازر، تشير كافة التقارير والإحصائيات إلى أن الظاهرة تنامت خطورتها منذ عام 2014 وبدء فترة ولاية ناريندرا مودي.
والحادثة الأخيرة التي احتج ضدها مسلمو الهند لمقتل شاب بطريقة وحشية بعدما أطقت عليه الشرطة الرصاص من المسافة صفر، إحدى المؤشرات العديدة عن الوضع الإنساني المأساوي الذي تعانيه هذه الأقلية، تحت وطأة تحريض الإعلامى، واعتداء السلطة والمتطرفين، وذلك دون أي إدانة دولية تذكر وصمت مريب من العالمين العربى والإسلامى.
ومؤخرا أثار انتشار مقطع فيديو، لعدد من أفراد الشرطة الهندية وهم يطلقون الرصاص على شاب مسلم هندي في ولاية أسام، مواصلين ضربه وركله بطريقة وحشية، ودهس أحد المصورين المرافقين لجسد الضحية، موجة غضب شديدة.
الهند تقتل المسلمين
وتحت وسم "الهند تقتل المسلمين" أطلق نشطاء حملة إلكتروني واسعة امتد صداها إلى العالم الإسلامي الذي تفاعل على المستوي الشعبى فقط مع الحادثة واستنكر على السلطات الهندية، القتل الممنهج والاعتداء المتواصل على المسلمين هناك.
وفي هذا السياق قال رئيس وزراء ولاية أسام، هيمانتا بيسوا سارما، في تصريح صحفي: "إن حملة الإخلاء ستستمر.. والشرطة تقوم بواجبها. فرغم أن الناس هاجموا الشرطة بالمناجل والحراب وأشياء أخرى. إلا أن عمليات الإخلاء ما زالت مستمرة".
ولاية أسام
وتهجر السلطات الهندية بشكل قسري منذ 20 سبتمبر الجاري، أكثر من 800 عائلة مسلمة في ولاية أسام، وتزيل مساكنهم البسيطة المصنوعة من الصفيح، وذلك بحجة أنها مقامة على أرض مملوكة للدولة.
وأكد سكان هذه المنطقة، أن الجهات الرسمية لم تخطرهم بقرار الإخلاء، إلا ليلة البدء في تنفيذه، ليصبحوا مجبرين فجأة على مغادرة منازلهم، دون وجهة بديلة، ولم تمر على القرار سوى ساعات قليلة، حتى بدأت السلطات الهندية بهدم المنازل وتسويتها بالأرض. ولم يكن هناك من خيار آخر متاح أمام سكان المنطقة، غير الاحتجاج والتصدي للحفارات، على أمل التوصل إلى حل عبر التفاوض مع السلطات.
لكن شرطة أسام الهندية واجهت الحزام البشري المحتج بالنار، ليسقط جراء الاشتباكات عديد من القتلى والمصابين. وكان أكثر مشاهد المواجهات فظاعة في ذلك اليوم، مقتل الشاب الثلاثيني برصاص الشرطة ودهس جثته، وسط احتفاء المسؤولين والسياسيين الهندوس، وتأكيدهم على المضي قدمًا في قرار الإخلاء، بالرغم من وثائق ثبوتية ملكيتها لأهلها.
ولطالما كانت هذه الولاية -أسام- الواقعة في شمال شرقي الهند، كما يصفها الكثيرون، بؤرة للتوترات العرقية طيلة عقود.
تشير الأرقام التي كشفت عنها التقارير الاستقصائية لجرائم الكراهية في الهند، عن تجاوز الضحايا من المسلمين تحديدًا، خلال العشر سنوات الماضية، نسبة 90%. وفي الوقت الذي تدين فيه القوانين الدولية، مرتكبي جرائم الكراهية في العالم، تكافئ السلطات الهندية المتورطين في أعمال عنف ضد الأقلية المسلمة هناك ولا تلاحقهم بأي نوع من العقوبة، لتكون الهند بذلك عنوانًا لأبشع أنواع الإسلاموفوبيا في العالم، كما يصفها ناشطون وحقوقيون.
انتهاكات جسيمة
وتورطت أغلب مكونات المجتمع الهندوسي في ارتكاب الفظائع والانتهاكات الجسيمة ضد المسلمين، بشكل مستمر، فالتجييش المستمر لوسائل الإعلام، فاقم من حالة الكراهية ضد المسلمين، وزاد في تأليب المتطرفين ضدهم، والذين تمكنوا بدورهم وبتفويض رجال الشرطة أو بمساعدتهم، من الاعتداء على المسلمين الذين أصبحوا في غياب الحماية القانونية والقضائية مساغًا سهلًا لهم.
وبعد أن أصبح مسار الحكومة وسياساتها واضحين ومعلومين فيما يتعلق بالأقلية المسلمة طيلة عقود من الزمن، بات اليوم من غير الضروري انتظار أي تعليمات رسمية للتحرك وفقها، في مهاجمة المسلمين أو اضطهادهم.
ويحمل كتاب التاريخ أرقام مفزعة عن الجرائم بحق المسلمين فى الهند، فهناك مجازر نيلي عام 1983 التي راح ضحيتها أكثر من 1800 مسلم، ومجزرة كالكوتا التي أسفرت عن سقوط 100 شخص وإصابة أكثر من 480، وغيرها من المذابح، يمكن أن تتسع لجرائم أخرى، ما دام العالم صامت يكتفى يمشاهدة الدم.