رئيس التحرير
عصام كامل

الرياضة المصرية وتفاصيل معركة يوم الحساب.. نهاية عصر «عموميات الكباب والكفتة» وفزاعة الـ«فيفا»

اتحاد الكرة
اتحاد الكرة

«متأخر دائما».. الوصف الأفضل للحديث عن أحوال اتحاد كرة القدم المصري، الذي ظل طوال السنوات الماضية أبعد ما يكون عن مبدأ «الأخذ بالأسباب» عند حدوث الأزمات، أو البحث عن كل ما هو جديد فى عالم «الساحرة المستديرة» والعمل بشكل سريع على مواكبته وجعل المنظومة الكروية جزءًا منه، فمن غير المعقول أن يكون الاتحاد المصرى الوحيد بين أندية قليلة لم ترخص أندية محترفة سواء فى القارة الأفريقية التى ننتمى إليها أو الآسيوية التي نجاورها.


على مدار سنوات تجاوزت الـ15 عاما، ومجالس إدارات اتحاد الكرة تؤجل وتطلب الاستثناء من «الكاف» حتى لا يطبق دورى المحترفين، وعمل رخص لكل الأندية لتتحول إلى «أندية محترفة»، وهو ما لم يتحقق حتى تاريخه، ما كان له بالغ الأثر السلبى فى تراجع أسهم الكرة المصرية فى بورصة الدوريات العالمية، ليس هذا فحسب، لكن كان هناك ما يمكن وصفه بـ«التعطيل المتعمد» لإشهار رابطة أندية الدورى الممتاز، حيث يرى الاتحاد أن الدوري هو المسابقة التي يجب أن تكون «تحت وضع اليد»، وحتى مع إعلان «الجبلاية» فتح باب الترشح لانتخابات «رابطة أندية الدورى الممتاز الجديدة»، فإنه من المقرر أن تجرى الانتخابات هذه وفق النظام القديم، وستكون الرابطة بلا أي صلاحيات أو ميزانية مستقلة، هذا فضلًا عن كونها ستولد «تحت الوصاية».


«وجوه قديمة»
قطعًا، لم يعد أحد يختلف على أن الكرة المصرية أصبحت «مشاكل فى مشاكل»، سواء على مستوى المسابقات غير المنتظم، أو تذبذب نتائج المنتخبات الوطنية بمستوياتها المختلفة، وذلك نتيجة سيطرة سياسة «المجاملات» فيما يتعلق باختيارات الأجهزة الفنية، وأصبح «أحمد مثل الحاج أحمد»، لأنه وعلى قرابة الـ20 عامًا، لم تتغير الوجوه والتغييرات تجرى فى أضيق الحدود، ما حال دون اكتشاف وجوه إدارية جديدة قادرة على إدارة الدفة، واختصرت الكرة المصرية فى قائمة صغيرة تضم «20 اسما فقط»، هؤلاء هم من يملكون مفاتيح الجمعية العمومية ويعرفون كل شيء عن مندوبى الجمعية العمومية، وبالتالى فإن نسبة التغيير تكاد تكون منعدمة خلال السنوات الطويلة الماضية، فليس هناك أكثر من احتفالية أو دعوة للجمعية العمومية ومائدة عامرة بكل ما لذ وطاب تكون كافية لتمرير كل المطلوب، ولكن هل يستمر الوضع هكذا؟!


بالطبع، كان لا بد أن تكون هناك تحركات لمحاولة العودة من جديد، ولكن فى ظل وجوه جديدة والسير على نفس نظام الدولة المتقدمة كرويا من خلال وضع لائحة جديدة لرابطة أندية الدورى الممتاز تخرج من تحت عباءة اتحاد الكرة تدير المسابقة بالشكل الذى يضمن انتظامها وتوفير كل سبل العدالة لجميع الأطراف المشاركة.


كلمة واحدة فى لائحة اتحاد الكرة تضمن كل هذا، وهى تطبيق بند الـ8 سنوات، وحذف عبارة «التطبيق دون أثر رجعي»، لأن هذا سيكون معناه إتاحة الفرصة أمام الوجوه الجديدة لدخول اتحاد الكرة، ولن يستمر «فيفا» فى لعب دور الـ«فزاعة» التى تجعلنا نتراجع عن ذلك، لأن «فيفا» يحترم لوائح وقوانين كل بلد بما يسمح له فى تطوير كرة القدم لديه.


حكاية بند الـ8 سنوات
«بند الـ 8 سنوات» حكاية قديمة ظهرت فى تسعينيات القرن الماضى، وبالتحديد فى 1996 عندما وضع الدكتور عبد المنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة –آنذاك- بند الـ8 سنوات للتخلص من بعض رؤساء الاتحادات الذين سيطروا على مقاليد الأمور وحالوا دون ضخ دماء جديدة، ليظهر اختراع الـ«إستبن» عن طريق البحث عن شخص يحل محل رئيس الاتحاد الذى خرج يجلس على الكرسى 4 سنوات ثم يرحل دون «شوشرة» ليعود الكرسى مجددًا إلى صاحبه الذى تركه بسبب «البند».


«صقر يواجه»
وفى العشر سنوات الأولى من الألفية جاء المهندس حسن صقر محاولا التخلص من «أباطرة الرياضة» وقتها كان الدكتور حسن مصطفى يسيطر على اليد محليا ودوليا، واللواء منير ثابت على الرماية واللجنة الأولمبية المصرية، والمستشار خالد زين على التجديف والدكتور عمرو علوانى على الكرة الطائرة، ورغم الحرب الشرسة التي شنت على «صقر»، إلا أنه نجح فى تحقيق ما أراد، وليس هذا فقط فى الاتحادات إنما قرر تعميم الأمر على الأندية، ورغم الثورة إلا أنه لم يتراجع، والتى كان من نتيجتها استبعاد رجل بحجم حسن حمدى رئيس النادى الأهلى من الترشيح مرة أخرى بعد أن قضى سنوات عديدة تجاوزت العشر سنوات على كرسى رئيس الأهلى، وتم التطبيق، وزادت الآمال فى وجود وجوه جديدة تثرى الرياضة المصرية.


لكن بالطبع كان لا بد أن يكون هناك التفاف من أجل العودة إلى نظام «الأبدية» فى الرياضة المصرية، من خلال إلغاء بند الـ8 سنوات، واستغل القائمون على الرياضة موضوع قانون الرياضة الجديد الذى نقل الكرة من ملعب الوزارة إلى اللجنة الأولمبية، وتحت مزاعم الميثاق الأولمبى ارتكبت العديد من الجنايات كان أهمها ترك الأندية والاتحادات لتضع الدستور أو اللائحة الخاصة بها وطبعا جاءت لهؤلاء الجالسين على الكراسى على طبق من ذهب، وكان الحل إلغاء بند الـ8 سنوات ليضمنوا الاستمرار الأبدى فى الاتحادات، بل إن بعضهم يريد توريث كرسيه لأحد أفراد عائلته!


ورغم محاولة تحريك المياه الراكدة، إلا أن الوقت لم يكن مناسبا بسبب الاشتراك فى الدورة الأولمبية، والرغبة فى عدم إثارة البلبلة، وعبثًا حاولت الاتحادات الرياضية وضع الدولة أمام «أمر واقع» بعد فتح باب الترشح للانتخابات فى غفلة من الزمن، ومن ثم إغلاقها، وفاز بـ«التزكية» قبل السفر للدورة الأولمبية، وظن هؤلاء أن لا أحد سيستطيع التحدث معهم، لكن أبدا لم تقف وزارة الشباب والرياضة مكتوفة الأيدي، بل انتفضت بشدة وثارت فى وجوه الذين ظنوا أنهم يمسكون بين أيديهم بـ«مفاتيح اللعبة»، ثم كان القرار الذى لم يستطع أن يعلن معارضته له، وهو عدم الاعتداد بكل الانتخابات التى تمت والنتائج التي أسفرت عنها، جملة وتفصيلا، ثم أعقب ذلك قرار تشكيل لجنة لوضع المعايير وإعادة تصنيف أندية الجمعية العمومية، ورفضت اللجنة فتح باب الترشح حتى الآن، وهو ما يؤكد أن هناك فى الأمور أمور.


«الفاتورة القديمة»
هل يظن أحد أنه سيفلت بفعلته فى أي اتحاد سواء فى مخالفات مالية أو إدارية؟.. وقد أيقن الجميع أن زمن التغنى بالبطولات وتحقيق الإنجازات فى الدورة الأولمبية قد انتهى، وأن كل مخالفة ارتكبت فى السابق لن تمر مرور الكرام، وسيحاسب المسئول عنها قبل رحيله من مكانه.
والحقيقة.. أنه ما أكثر الفواتير القديمة التى تحتاج إلى «التسديد» فى كل الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية، وهناك أطنان من المخالفات موجودة فى أدراج وزارة الشباب والرياضة منذ سنوات، وحان وقت الحساب.


معالم «أيام الحساب» ظهرت مؤخرا فى طرح أسماء عناصر جديدة بعيدا عن الوجوه القديمة تملك طرحا جديدا للكرة المصرية، وذلك بعدما انصرفت جماهير الكرة المصرية عن متابعة الدورى المصرى واتجهت لمتابعة الدوريات الأوروبية، وتمنى نفسها بأمل جديد فى غد مشرق للكرة المصرية، غد يضمن وجود لوائح واضحة وجمعيات عمومية تكون هى صاحبة الحق الأصيل فى محاسبة أي اتحاد يخرج عن النص، جمعيات عمومية تدرك جيدًا أنها تعبر عن صوت الشارع الرياضى فى مصر، لا بد أن تكون هناك قواعد ملزمة للجميع بعيدا عن أن الانتصارات تغطي على المخالفات فى أي منظومة رياضية، ووقتها سيندحر التعصب الرياضي الذي أصبح خطرا داهما يهدد الرياضة المصرية.


أعتقد أن الصورة تتضح يومًا بعد الآخر، وأن هناك آمالا كبيرة فى تطهير الوسط الرياضى، وكل الآمال أن تكون اللوائح جديدة مستمرة فترة طويلة، وأن «تكسر» كل يد تحاول العبث فى تلك اللوائح والعودة سنوات طويلة إلى الوراء.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية