عاطف فاروق يكتب: تفاصيل استغلال المستشارين للسيارات الحكومية بـ"التنمية الصناعية"
كشف حكم قضائي مهم عن صراع كبير يدور في مصر بين جبهتين متعارضتين، الأولى، تحمل هموم الوطن، وتتكبد المشاق وتتحمل الصعاب حتى تضع هذا البلد الطيب في مصاف الدول المتقدمة، ومن أجل ذلك تسعى لترشيد النفقات والاستهلاك، وهو ما يؤكد عليه السيد رئيس الجمهورية في أحاديثه، وتتحرك في اتجاهه كيانات الدولة.
والجبهة الثانية تربت في أحضان الفساد، تعرفهم في المؤسسات التي يتعدد فيها المستشارون، بلا جدوى من وجودهم، بل ويتزامن وجودهم مع إهدار المال العام بتخصيص سيارات لهم دون وجه حق، وكذا سائقين تابعين لجهات ندبهم، مع حرمان موظفي تلك الجهات من حقهم في استخدام تلك السيارات وإساءة استخدامها.
وقد رصد الحكم الصادر عن مجلس الدولة في القضية رقم 92 لسنة 62 قضائية عليا تفاصيل قضية الفساد المالي والإداري داخل الهيئة العامة للتنمية الصناعية، والتي عوقب على إثرها 4 مسئولين بعد ثبوت ارتكابهم مخالفات مالية جسيمة تمثلت في تخصيص السيارات التابعة لجهة عملهم لبعض المستشارين بالمخالفة لضوابط استخدام السيارات الحكومية.
السيارات الحكومية
أكدت المحكمة أن المحالين خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم وخالفوا القواعد المنظمة لاستعمال السيارات الحكومية وسيارات القطاع العام، بأن إستخدم أحمد سيد عبد الوهاب، مسئول تشغيل بالهيئة العامة للتنمية الصناعية أوامر تشغيل غير مطابقة للنموذج المرفق بكتاب دوري الهيئة العامة للخدمات الحكومية رقم 3 لسنة 1996.
وتبين من أوراق القضية أن وائل بركات صابر، رئيس الحركة بالهيئة سمح باستخدام كارنيهات استخدام السيارات باللون اللبني طوال عام 2018 بالمخالفة للكتاب الدوري رقم 14 لسنة 2017، الذي حدد لون كارنيهات الاشتراك باللون الأزرق، ووافق على عمل السيارة رقم (6562) ط ود، دورة موظفين بعدد خمسة مشتركين فقط، وهو أقل من العدد المحدد للسيارة بالمخالفة لمنشور هيئة الخدمات الحكومية بجلسة 27 أغسطس 1978.
الخدمات الحكومية
كما وافق على عمل السيارة (821) ع ود، دورة موظفين بـ"حمولة" أقل من 75% من الحمولة المقررة بالرخصة وهي 29 راكبا في حين أن عدد المشتركين 14 راكبا فقط، بالمخالفة لمنشور هيئة الخدمات الحكومية عاليه، وسمح بعمل السيارتين رقمي (1655) م ود، و(783) وح ن، دورة موظفين خارج نطاق محافظة القاهرة دون الرجوع للهيئة العامة للخدمات الحكومية بالمخالفة للكتاب الدوري رقم 13 لسنة 2005، وتراخى في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تعطل السيارة رقم (432) ص ود، اعتبارًا من عام 2017 حتى 12 سبتمبر 2018.
كما تبين من أوراق القضية أن المحال وافق على إستخدام السيارة (258) س ق د، مع مستشار مجلس الدولة المنتدب بالهيئة للانتقال من وإلى محل إقامته في الفترة من 29 ابريل 2019 حتى تاريخه، والسيارة رقم (239) س ق د، مع الدكتور وليد حبيقة، مستشار رئيس الهيئة من تاريخ 25 يونية 2016 حتى 21 مارس 2019، والسيارة رقم (289) ي ط ق، مع الدكتور محمد مصطفى مستشار رئيس الهيئة للتطوير خلال الفترة من 14 نوفمبر 2017 حتى 15 يناير 2019، والسيارة رقم (275) ي ود، مع الدكتور عبد العال إسماعيل، مستشار رئيس الهيئة من 18 مارس 2018 حتى 22 يناير 2019 دون الرجوع للجنة الرئيسية للسيارات بالمخالفة لقرار اللجنة الرئاسية للسيارات بهيئة الخدمات الحكومية بجلسة 17 نوفمبر.
مستشارو رئيس الهيئة
وتضمنت أسباب الحكم أن عبده محمد رشاد، مدير الشئون الإدارية أهمل في الإشراف على أعمال المحال الثاني مما أدى إلى ارتكابه بعض المخالفات المنسوبة إليه، وتراخى أشرف فاروق عبد الحميد، مسئول الصيانة بالهيئة في اتخاذ إجراءات إصلاح السيارة (653) ط ود، 2019.
وانتهت المحكمة إلى ثبوت المخالفات في حق المحالين وفقًا لإعترافهم بتنفيذ تعليمات بتخصيص هذه السيارات لنقل مستشارى رئيس الهيئة التي جاءت بإرادة حرة دون ضغط أو أكراه، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بمجازاة أحمد سيد عبد الوهاب وأشرف فاروق عبد الحميد بخصم أجر ثلاثة أيام من أجر كل منهما، ومجازاة وائل بركات صابر بخصم أجر عشرة أيام من أجره، ومجازاة عبده محمد رشاد بعقوبة التنبيه.
وعلى الرغم من أن المُخالفين تلقوا العقوبات، إلا أن أصابع الاتهام تُلاحق بعض المسئولين الكبار الذين خلت الأوراق من أدلة تورطهم، ولكن هذه المخالفات لم تكن لتحدث دون تلقي الضوء الأخضر من كبار المسئولين لفتح طريق العبور نحو الفساد.