روائي ومصمم.. "محمد ومحمود" شقيقان يحاربان الإعاقة بالإبداع | فيديو
في وسط شوارع الجيزة، وتحديدا منطقة الطالبية، هناك شقيقان يضربان مثالًا ملهمًا من التميز والنجاح، على الرغم من إصابتهما ببعض الاعاقات الجسدية، إلا أنها تحولت لمستقبل مشرق أمامهما.
"محمد ومحمود" الشقيقان الوحيدان لأسرة الحاج خالد، وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، جاءا إلى الحياة يحملان رسالة ربانية بأنهما يقطعان أميالا من الجهد والتحمل، حتى يشاء القدر بأن يخرجا عن المألوف ويصبحا مزيجا فريدا في المجتمع، أحدهما مبدع في الكتابة والمحاكاة والإخراج، والآخر في مجال الجرافيك، بجانب كونهما خاضا تجربة الفنون التصميمية معا.
الشقيقان محمد ومحمود ودور البطولة
كان الشقيقان حريصين أشد الحرص على إتمام مراحلهما التعليمية منذ نعومة أظفارهما، حتى تخرجا من أرقى الجامعات الحكومية، وذلك بالرغم من حالتهما الصحية الصعبة، إلا أن دور البطولة يتمثل في إعانة الوالدين وإصرارهما على تحقيق رغبات أبنائهما، لينتصرا على إعاقتهما، ويبنيا لهما مستقبلا باهرا، ليؤديا رسالتهما في الحياة بأكمل وجه.
"تخرجت من كلية تجارة جامعة القاهرة في عام 2018، ونظرا لكوني أحب الإبداع في كل شيء، خرجت عن جلدي واتجهت إلى تعلم الفنون التصميمية، بدأت العمل عن طريق التعلم اونلاين على موقع الفيديوهات يوتيوب، وعلى الرغم من توفيقي في دراستي بمجال المحاسبة والإدارة، إلا أنها لم تقف حاجزا في تحقيق رغباتي والوصول إلى مرادي، خاصة أنه لغة العصر ولا يمكن الاستغناء عنه، بغض النظر عن المجالات الأخرى" يقول محمد خالد صاحب الـ ٢٥ عاما.
جوائز في التصميم والدمج
وأضاف محمد: "كنت أحب الرسم منذ نعومة أظفاري، وحصدت على العديد من الجوائز في مجال التصميم والدمج، حيث استغرقت في عمل أول تصميم لى بعد انتهاء عام كاملا من تقاليد بعض التصميمات الأخرى، وكثيرا ما لفتت نظري التصميمات الأجنبية الجديدة، وخاصة الإبداع في كل ما هو مبتكر، وأبعد كل البعد عن الأشياء والأعمال التقليدية التي لا تلفت الأنظار".
وأكد أن أسرته كان لها الدور الأكبر بعد الله عزوجل، في الدعم، وتمكنوا من مساعدته ودعمه بشكل كبير، مضيفا أنه يتذكر عندما طلب منه صديقه بعمل تصميم له ونال إعجاب الجميع وحصد على المركز الأول في المسابقة، “لأني أعرف أبدع أكثر وأميز الحاجة اللي هشتغل فيها، وبجانب أيضا شقيقي محمود اللي كان بيساعدنا في كل أعمال التصميم الجرافيكي، كما كان له دور في التسويق لجميع الأعمال”.
عدم الاستسلام أمام الإعاقة
ولا تقف الموهبة عند محمد فقط، ولكنها استمرت أيضا مع شقيقه محمود خالد، صاحب الـ 23 عاما، الذي استطاع بالرغم من إعاقته الحصول على ليسانس آداب جامعة القاهرة، قائلا: "بدأت أعراض مرض ضمور العضلات منذ الولادة، والذي نتج عن الجينات الوراثية التي نشأت من الأسرة، وعن ظهور الإعاقة بدأت تنشأ شيئًا فشيئًا مع مرحلة البلوغ"، وعلى الرغم من الحالة الصحية، لكن إرادتهما القوية لم تسمح لهما بالاستسلام، أو التوقف عن إتمام مراحل الدراسة، مضيفًا أنه لقى ما تمناه في اللجوء إلى الحياة العلمية، لتحقيق رغباتهما والارتقاء في الحياة لخدمة البشرية.
وأضاف محمود، أنه واجه العديد من الصعوبات عند دخول الحرم الجامعي، مما جعل الوضع يختلف كثيرًا، لا سيما بدأت المرحلة الأولى من التعليم مع أشخاص يحملون نفس الإعاقة، وصولا إلى ساحة مليئة بالأشخاص العامة، والذي كان يجد نفسه مختلفًا، مشيرا إلى أنه تعرض للتنمر من إحدى المدرسات في الجامعة، حيث وجهت كلام عنيف عندما اقتربت من الكرسي المتحرك به، مضيفًا أن هناك أيضًا من قام بتشجيعه بأن يكمل في الدراسات العليا وذلك بعد التخرج من الجامعة.
قصص حكاياتي
"أهرب من الواقع إلى خيال ممزوجا بحكايات الأطفال واكتب قصص حكاياتي" يقول محمود خالد، بدأت الكتابة في السن الخامسة، حيث أحلام الطفولة، أسرح بخيالي في كل رواية ممزوجًا بروح تغمرني بأنه سوف يأتي اليوم ليقرا الاطفال حكاياتي، وفي بداية المراهقة، أتذكر أول كتاباتي القصصية "التحدي والإرادة" ثم أكملت في كتابة القصص حتى عام 2011، تطور الأمر وبدأت في كتابة أول رواية في عام 2019 بعنوان "الحب عيد والقدر سرطان حميد"، ونالت إعجاب العديد من الأشخاص، ثم قرر كتابة الجزء الثاني منها، وكان للحب أثر كبير في حكاياته، فأصبح يكتب حلقات ملهمة ويشاركها مع العديد من الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن اليأس يأتي الأمل، والأمل خير طريق يقطعه الإنسان ليتحدى بها كل صعوبات وعوائق الأيام، يأتي الإنسان ومعه فرحتان الأولى سعادة الآباء بوصولهم، والثانية دموع الأمهات بعد أهات من شهور الولادة، ليتفاجأ القدر بقدوم طفلين استثنائيا، يعيش الحاج خالد مع زوجته في منطقة الطالبية، مجسدين دورًا مختلفًا يصنعان المعجزات ويعملان كالوتيرة ما بين ساعات العمل الشاق ورعاية هذين الابنين اللذين يحتاجان لمعاملة خاصة وعزيمة قوية.
يقول الحاج خالد، والد الشقيقان "محمد ومحمود"، إنه كان يقوم كل صباح بحمل أبنائه إلى المدرسة، ويترك والدتهما معهما لتلبية احتياجاتهما الخاصة، إلى أن ينتهى من العمل وأخذهما إلى المنزل الذي يبعد أميالا عديدة من المدرسة.
وأضاف أن الأمر لا يتوقف في الذهاب إلى المدرسة فقط، بل هناك زيارات إلى العيادات الخارجية التي لا يوجد بها "أسانسير" والأمر الذي يجعله يحمل واحدا بواحد وينتظر حتى الانتهاء.