أولاف شولتز.. رجل السنافر الأوفر حظاً للاقتراب من حكم ألمانيا
اقترب السياسي المخضرم أولاف شولتز من حكم ألمانيا خلفًا للمرأة الحديدية انجيلا ميركل التي قررت أن تتقاعد طواعية عن العمل بالسياسة.
وبثقة بدت في وقتها "مبالغ فيها" أو "في غير محلها"، وقف رجل ستيني قبل أشهر مخاطبا الصحفيين "أريد أن أصبح مستشارا".
وكان هذا الرجل هو أولاف شولتز (63 عاما)، نائب المستشارة الألمانية ووزير المالية، ومرشح الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط" للمستشارية في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل.
لكن عبارته كانت مبالغ فيها طوال الأشهر الماضية، وحتى شهرين فقط من الآن، لأن حزبه كان عالقا في المرتبة الثالثة بـ14% من نوايا التصويت، وبعيد بأكثر من عشر نقاط عن المقدمة.
الاشتراكيين الديمقراطيين
غير أنه ظل على ثقته الكبيرة في قدراته وخبراته وفرص حزبه، حتى إنه قال في تصريحات لمجلة دير شبيجل الألمانية: "هذه فرصة حقيقية لنا.. نحن (أي الاشتراكيين الديمقراطيين) الوحيدون الذين يملكون مرشحا لائقا ومناسبا ومؤهلا لمنصب المستشار".
ومنذ تسمية الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شولتز، مرشحه للمستشارية في صيف 2020، برز اسم الرجل كأكثر المرشحين خبرة بدولاب العمل الحكومي على المستوى الفيدرالي، والأكثر تمرسا في العمل السياسي.
ووفق دير شبيجل، فإنه بعد خروج ميركل من الساحة السياسية بشكل طوعي في نهاية الفترة التشريعية الحالية، يصبح شولتز بشكل تلقائي المرشح الأبرز لخلافتها، لأنه يملك خبرة كبيرة في الدولاب الحكومي، ويشغل منذ مارس 2018، منصب وزير المالية؛ أهم حقيبة في الحكومة، بالإضافة إلى منصب نائب المستشارة.
كما أن شولتز شغل منصب عمدة هامبورج "وسط"، وهي واحدة من أهم المراكز الاقتصادية في ألمانيا وفي أوروبا بأثرها، في الفترة بين عامي 2011 و2018.
وشولتز المعروف بلقب "رجل السنافر" لتشابه ابتسامته بالشخصية الكارتونية الشهيرة، كان ينتظر ترشيحه لمنصب المستشار منذ 2019، ويقبض على حلمه وهدفه بثقة كبيرة.
ففي أبريل 2019، تحدث شولتز لمدة 40 دقيقة في معهد بيترسون للدراسات في واشنطن عن "التعددية في النظام الدولي" و"الفلسفة السياسية"، و"التنمية المستدامة"، أمام جمع من الصحفيين والمتابعين.
وعندما بدأ الملل يضرب القاعة، وجه أحد الحضور سؤالا لشولتز: حزبك يؤدي بشكل سيئ في استطلاعات الرأي، ماذا يمكن أن يفعله الحزب حيال ذلك؟، ورد السياسي المخضرم: يحب أن يدعم الحزب التوازن الاجتماعي والثقة في المستقبل، كما يجب أن يستعد لحكم البلاد.
واعتبرت وسائل الإعلام الألمانية في ذلك الوقت، رد شولتز، تعبيرا واضحا عن رغبته في أن يصبح مستشارا خلفا لميركل، بل ذهبت مجلة دير شبيجل المرموقة للقول إنه "أطلق بالفعل حملته من أمريكا".
تحديات ونجاحات
لكن الأمل والحلم شيء والعمل السياسي شيء آخر، فالرجل لم يكتف بالثقة، وإنما خاض حملة قوية لأشهر طويلة في ظل أرقام شعبية متدنية لحزبه وابتعاد كامل عن صراع المقدمة.
وبحملة قوية وبرنامج يركز على قضيتي المناخ والرعاية الاجتماعية، حقق شولتز قفزات كبيرة في شهرين فقط، وتحرك حزبه تدريجيا من المرتبة الثالثة، إلى المقدمة، ووصل القمة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.
وطوال هذا الطريق، تغلب السياسي المخضرم الذي يحمل آمال حزبه في العودة إلى السلطة بعد 16 عاما من الغياب، على عدد كبير من العقبات.
أول هذه الصعوبات هو التراجع الكبير والمستمر في شعبية الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت في سبتمبر 2017، إذ حصد آنذاك 20.5% من الأصوات، واحتل المرتبة الثانية بعد الاتحاد المسيحي (33%)، وواصل بعدها السقوط الحر إلى نسبة 14%.
كما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي عانى ظروفا صعبة في ٢٠١٩، حيث تعرض لخسارة كبيرة في الانتخابات الأوروبية في مايو من هذا العام، واستقالة رئيسته أندريا ناليس.
وعانى فراغا على مستوى القيادة وفوضى سياسية استمرت أشهر، حتى انتخاب قيادة جديدة في نهاية نفس العام.
فيما كان آخر تحد واجهه المرشح للمستشارية، هو تنفيذ الشرطة بأمر من الادعاء العام، تفتيش في أروقة وزارة المالية التي يترأسها، قبل أيام، لفحص اتهامات في تلكؤ الوزارة في مواجهة جرائم غسيل الأموال، لكنه هاجم الخطوة ووصفها بـأنها "مسيسة وترمي لتحقيق هدف سياسي"، نافيا أي تقصير في مكافحة هذه الجرائم.
تصدر الاستطلاعات
وقبل أيام من الاقتراع المقرر الأحد، يتصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة شولتز نوايا التصويت بـ25%، متفوقا بـ3 نقاط على الاتحاد المسيحي الحاكم.
وفي معدلات الشعبية، يعد شولتز السياسي الأكثر شعبية في البلاد بعد أنجيلا ميركل، إذ حصد 53 نقطة فيما حصدت المستشارة التي اختارت التقاعد عقب الفترة التشريعية الحالية، 65 نقطة.
ويعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومرشحه شولتز الأقرب للفوز بالانتخابات، وفق استطلاع الرأي، بعد أن قاد السياسي المخضرم "ريمونتادا" قوية في استطلاعات الرأي في شهرين فقط.