خبيرة في الشئون الصينية: أوكوس اتفاقية دفاعية موجهة ضد بكين
أكدت الدكتورة نادية حلمي الخبيرة في الشئون السياسية الصينية والآسيوية، أن اتفاقية أوكوس هى بالأساس اتفاقية دفاعية موجهة ضد الصين، وهى نقطة تعززها حقيقة أن قادة (بريطانيا، الولايات المتحدة، أستراليا) قد ظهروا معًا عبر الفيديو للإعلان عن هذه الشراكة، وذلك يعود للأهمية المتزايدة لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وعلى الرغم من أن المسؤولين البريطانيين يصرون على أن اتفاقية الدفاع الجديدة "أوكوس" ليست ردًا على أى دولة، إلا أنها تعود فتؤكد أنها موجهة للحفاظ على (الأمن والإستقرار فى منطقتى المحيط الهندى والهادئ)، ولدعم "نظام سلمي قائم على القواعد". ولا يخفى على أحد أن بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا تتشارك المخاوف بشأن (الحشد العسكرى الصينى) فى المنطقة، والخوف من تهديد مصالحهم.
وأضافت الخبيرة في الشئون السياسية الصينية والآسيوية، خلال حديثها لـ “فيتو” أن صفقة الإيكواس تمثل نقطة تحول إستراتيجى، خاصةً أنها المرة الأولى التى تعقد فيها الولايات المتحدة الأمريكية صفقة لإتاحة مثل هذه التقنية الحساسة مع دولة أخرى غير بريطانيا، وهنا نجد أن الدولة الوحيدة التى شاركت الولايات المتحدة معها هذا النوع من تكنولوجيا الدفع النووى الخاصة بصفقة غواصات إيكواس النووية إلى أستراليا هى بريطانيا فقط، وذلك منذ عام ١٩٥٨، مما يعد تحولًا إستراتيجيًا خطيرًا فى الفكر العسكري والدفاعى الأمريكي ضد الصين، بالسعى لتعزيز تحالفات واشنطن وحلفائها فى كل الإتجاهات للتصدى لبكين، عبر (تشكيل تحالف أمنى إستراتيجى فى منطقة المحيطين الهندي والهادئ)، وهو مشروع يهدد بتقويض الطموحات الفرنسية فى المنطقة، بل ويبعدها عنها. ويعد (تحالف أوكوس) لضمان حصول أستراليا على أسطول من الغواصات التى تعمل بالدفع النووى، وهو أمر أدى لإلغاء الجانب الأسترالى لصفقة أخرى ضخمة أبرمتها مع الجانب الفرنسى لشراء غواصات فرنسية الصنع، وهو الأمر الذى سيؤدى بدوره لحساسية العلاقات بين تلك الدول المعنية مع فرنسا، وربما بوجود تخوفات فرنسية من تعمد واشنطن إبعاد فرنسا عن (منطقة الأطلسى-الهندى) كشريك وحليف أساسى بها.
وأوضحت أنه على جانب آخر، فإن تحالف أوكوس، يعد نصرًا دبلوماسيًا كبيرًا للإستراتيجية البريطانية الرامية لتجنيب البلاد العزلة الدولية بعدما خرجت بريطانيا من الإتحاد الأوروبى، خاصةً وأن معاهدة أو تحالف أوكوس سيربط بين بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة بشكل أكثر عمقًا، مما سينعكس على مستوى الثقة بينهم ويؤكد عمق هدفهم الخاص بتشكيل تحالف قوي ضد الصين.
مخاوف الصين
وأشارت إلى أن ما يؤكد الطرح السابق هو تداول مصطلح جديد على الأذهان قد أثار مخاوف الصين، بخصوص (الديمقراطيات البحرية)، بمعنى أن التحالف فقط تم بين دول ديمقراطية بحرية، مثلما قسمت واشنطن التكنولوجيا الرقمية لديمقراطية تنتهج النهج الغربى، وأخرى استبدادية شيوعية على النهج الصيني بالنسبة للدول التى استفادت من شبكات الجيل الخامس الصينية.
وألمحت إلى أن الأمر شبيه بلعبة (تنافس أيديولوجى لتقسيم العالم إلى جزأين أو قسمين أو تحالفين ليبرالى ديمقراطى أمريكى، وشيوعى استبدادي صينى)، ونفس الأمر السابق ينطبق على إشكالية طرح مفهوم "الديمقراطيات البحرية"، بالإستناد إلى تاريخ دول الأوكوس المشترك كديموقراطيات بحرية، أى كدول تطل على البحار وتنتهج النهج الديمقراطى، ونجد أن تخوفات الصين بالأساس تتمحور حول الخوف من (إمتلاك أستراليا على حدودها لغواصات تعمل بالدفع النووى)، ورغبة الصين فى التفرقة ما بين (غواصات تعمل بالدفع النووى، أم صفقة غواصات أمريكية لأستراليا مزودة بالسلاح النووى، والذى حتمًا سيكون موجهًا ضد الصين)، وهو ما نفته أستراليا، مؤكدة أنها (تعمل فقط بالدفع النووى وليست مزودة بأى سلاح نووى، وفق التخوفات الصينية).
وقالت: كما نعلم فإن "بايدن" أعلن عدة مرات بأن الإستثمار الأمريكى فى تشكيل تحالفات ضد الصين، يعد هو أكبر مصدر للقوة بالنسبة لواشنطن، ومن هنا يمكننا فهم محاولة الولايات المتحدة الأمريكية خنق واحتواء المحيط الإستراتيجى والحيوى للصين عبر تشكيل تحالفات أمريكية مع دول الجوار الصينى، خاصةً وأن هناك تحالف آخر موجه ضد الصين، ومع نية الرئيس الأمريكى "جو بايدن" يوم ٢٤ سبتمبر من عقد اجتماع فى واشنطن، يهدف لتأسيس تأكيد تحالف يضم كل من (أستراليا، الهند، واليابان)، وذلك بهدف أساسى هو (إعادة إطلاق التحالف الرباعى المعروف بإسم "كواد" أو "الحوار الأمنى الرباعى")، والذى يضم تلك الدول الأربعة.
وأشارت إلى أن تحالف أوكوس، فضلًا عن تحالف كواد الرباعى بقيادة واشنطن وحلفائها فى المنطقة المحيطة بالصين، يهدف بالأساس لممارسة ضغوط على أنشطة بكين فى تلك المنطقة، وما زاد من مخاوف الصين هو إعلان دول التحالف مع واشنطن بأن الشركاء الأربعة فى تحالف كواد الرباعى، عليهم التحالف لتعميق الالتزام بجعل "منطقة الهند - المحيط الهادئ مفتوحة وحرة"، ومن هنا نفهم أنها عبارة دبلوماسية تعتمدها واشنطن للتنديد بالتطلعات الإقليمية الصينية فى منطقتى المحيط الهندي والهادئ وبحر الصين الجنوبي.