البرلمان الجزائري يمنح الثقة للحكومة الجديدة
أصدر مجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية للبرلمان)، مساء الأربعاء، لائحة تأييد لمخطط عمل الحكومة خلال جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس، صالح قوجيل، ورئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن.
وصادق أعضاء المجلس على مخطط عمل الحكومة بأغلبية الأصوات (85 صوت بـ"نعم" مقابل 0 صوت بـ"لا").
وقال بن عبد الرحمن في ختام الجلسة إن "هذا البرنامج سوف يعطي للجزائر انطلاقتها الحقيقية بتظافر جهود كل الخيرين وكل المواطنين الصادقين الذين سوف يكونون معنا كيد واحدة في مسعى بناء الجزائر الجديدة".
وأضاف: "سوف نعمل ابتداء من اليوم وقد بدأنا في الحقيقة ولكن سنزداد مثابرة وجهدا في تطبيق هذا البرنامج من أجل إخراج الجزائر من الوضع الاقتصادي الحالي والانطلاق بها في الإنعاش الاقتصادي المنشود الذي سيحقق لها الاكتفاء الذاتي، والأمن الصحي، الغذائي، والاستقلال الاقتصادي".
وختم قائلا: "كما حقق أسلافنا الاستقلال السياسي، سوف تعمل هذه الحكومة على تحقيق الاستقلال الاقتصادي المنشود وسنعمل جميعا كرجل واحد على تحقيق التزامات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون".
يذكر أن تعهد الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، بإدخال إصلاحات «شاملة» على القضاء «بما يحقق المساواة للجميع أمام القانون»، وأكد أن الحكومة «عازمة على تحقيق الاستقلال الاقتصادي، مثلما حقق أسلافنا استقلالنا السياسي»، والحد من التبعية للخارج في استيراد الغذاء، وبخاصة الحبوب.
وعرض ابن عبد الرحمن، «مخطط عمل الحكومة» على أعضاء «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، كمحطة ثانية وأخيرة لبدء تنفيذه، بعدما حصل على تأييد «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) الأسبوع الماضي. وقال إن برنامج عمل حكومة الرئيس عبد المجيد تبون يرتكز على خمسة فصول كبيرة، يبدأ تنفيذها هذا العام، ويستمر حتى 2024.
ويأتي على رأس التعهدات، المستمَّدة من وعود تبون خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019، «تعزيز دولة القانون وإنعاش الاقتصاد، والإبقاء على سياسة الدعم في المجال الاجتماعي، واعتماد سياسة خارجية ناجعة واستباقية، وتعزيز الأمن والدفاع». مبرزًا «حرص السلطات على تكريس الحريات واحترام حقوق الإنسان، وسيكون ذلك بتكييف التشريعات مع أحكام الدستور»، الذي أُدخلت عليه تعديلات بموجب استفتاء شعبي نظِّم العام الماضي، تضمنت «جرعة إضافية للحقوق والحريات»، حسبما ذكر الرئيس تبون في وقت سابق.
ويأتي حديث ابن عبد الرحمن عن «الحقوق والحريات»، في سياق انتقادات كبيرة للسلطة من طرف ناشطين سياسيين وحقوقيين، بسبب سجن عدة صحافيين ورئيس حزب هو فتحي غراس، زعيم «الحركة الديمقراطية والاجتماعية» اليساري، والمئات من الناشطين المعارضين لسياسات الرئيس، وذلك على أساس تهم مرتبطة بمواقفهم وآرائهم. ويرفض تبون الحديث عن وجود «سجناء رأي»، ذلك أن الأمر يتعلق، حسبه، بأشخاص تابعهم القضاء «بسبب أفعال ضد الدولة».
وأكد ابن عبد الرحمن «أهمية إحداث إصلاح شامل للقضاء بما يحقق استقلال العدالة عن الجهاز التنفيذي، ومساواة الجميع أمام القضاء. وتقريب القضاء من المواطن وتعزيز دور الدفاع». مبرزًا «عزم الدولة على توفير آليات تضمن سلامة أمن الأشخاص والممتلكات، مع السعي لإعادة ثقة المواطن في السلطات العمومية»، على أساس أنها باتت مفقودة بسبب ممارسات فساد كبيرة خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كما يجري ترديده في الخطاب الحكومي منذ قرابة عامين.
وفي مجال الاقتصاد، الذي يعتمد بشكل كامل على مداخيل النفط والغاز، أشار بن عبد الرحمن إلى أن التبعية للخارج في الأمن الغذائي، وبخاصة بالنسبة للحبوب، باتت مصدر قلق بالغ للدولة. ووعد برفع قيمة الصادرات خارج المحروقات، التي هي في حدود مليار دولار سنويًا.
وحسب خبراء الاقتصاد، فإنه أمام الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات 12 يونيو (حزيران) الماضي، تحديات يجب تجاوزها في أقرب وقت، وأهمهما تقليص فاتورة الاستيراد التي تصل إلى 30 مليار دولار سنويًا (قيمة المداخيل من بيع المحروقات لا تتعدى 30 مليار دولار). فضلًا عن تطوير قطاع الاستثمار لجذب المستثمرين الأجانب، علمًا بأن الاستثمارات لم تتخطَّ سنويًا 500 مليون دولار، وذلك منذ 20 سنة.