مصانع بير السلم.. تعمل خارج الإطار الرسمي وتشكل خطرًا كبيرًا على صحة المصريين
التراخيص وسيلة لممارسة النشاط التجارى البيع التجارة التصنيع الاستيراد البناء وغيرها من المجالات والأنشطة المختلفة، وخلال الفترة الأخيرة تم الكشف عن مزاولة نشاط بدون تراخيص بعيدا عن أعين الرقابة والدولة والعمل وعدم القدرة على تتبعهم أو تتبع منتجاتهم، ويعد العمل بدون ترخيص جريمة مكتملة الأركان لذا تسارع الأجهزة المختلفة فى التصدي لها فى حالة اكتشافها.
كما أن المصانع والورش الصناعية غير المرخصة وأيضا مراكز الصيانة الوهمية والعشوائية التى تدعى تبعيتها للمصانع ذاتها تعد أحد أهم الأزمات التى تؤرق الاقتصاد المصرى وأيضا المستهلك فى السوق المحلى لما ينتج عنها من تداعيات سلبية على المواطن نتيجة الأضرار التي تلحق به جراء التعامل مع تلك الكيانات غير المعتمدة واستخدام قطع غيار غير جيدة.
مصانع بير السلم
كما تترك تلك الورش والمصانع "تحت بير السلم" تأثيرات سلبية فى منظومة الاقتصاد الرسمى المصرى، حيث تسبب انتشار مراكز الصيانة الوهمية فى الإضرار بسمعة المنتجات المصرية، والمصانع الكبرى التى تعمل بشكل رسمى ولديها خدمات الصيانة الخاصة بها ولعل هذا ما دفع الدولة بين الحين والآخر إلى اتخاذ وإطلاق عدد من القرارات والإجراءات بهدف الحد من أشكال الاقتصاد غير الرسمى المتنوعة بهدف ضمها إلى الاقتصاد الرسمى.
وفقا لمؤشرات التعداد الاقتصادى الخامس الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يشير إلى أن عدد المنشآت الإنتاجية فى القطاع الخاص غير الرسمى يبلغ 2 مليون منشأة، مقابل 1.7 ملايين منشأة بالقطاع الخاص الرسمى، أي ما يمثل 53 % من إجمالى المنشآت الاقتصادية فى مصر.
وتشير الإحصائيات إلى أن حجم المبالغ المستثمرة فى هذا القطاع 69.3 مليار جنيه (4.4 مليار دولار) تمثل نحو 5.1 % من رأس المال المدفوع لقطاعات النشاط الاقتصادى الإجمالية فى مصر، ويبلغ عدد العاملين بالقطاع غير الرسمى نحو 4 ملايين، أو ما يعادل 29.3 % من إجمالى العاملين فى المنشآت الاقتصادية وتركز 36.9 % من إجمالى العمالة فى القطاع غير الرسمى فى 2018 فى 3 محافظات هى القاهرة والجيزة والقليوبية.
وتستحوذ 4 أنشطة اقتصادية على 84.2% من إجمالى المشتغلين بالقطاع غير الرسمى، وهى تجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية والزراعة والصيد وخدمات الغذاء.
مراكز الصيانة
محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية يرى أن إحدى صور الأزمة هى مراكز الصيانة الوهمية المنتشرة فى مصر وتعد صداعا فى رأس صناعة الأجهزة الكهربائية لافتا إلى أن ظاهرة مراكز الصيانة الوهمية تتفاقم مما نتج عنها الإضرار بسمعة المنتجات المصرية، وأيضا تؤثر سلبيا على المصانع التى تعمل بشكل رسمى ولديها خدمات الصيانة الخاصة بها.
وقال إن تلك المراكز تؤثر سلبيا على القطاع الصناعى من خلال توجيه اتهامات غير صحيحة بأنه لا يوجد صناعات مصرية جيدة بالسوق المحلى، وهذا الأمر عار تمامًا عن الصحة مشددا على وجود صناعة مصرية قوية.
المهندس حذر بشدة من التعامل مع تلك المراكز الوهمية والتى تدعى أنها تابعة للشركات الأصلية العاملة بمجال الأجهزة الكهربائية والمنزلية. مشددا بضرورة التصدى لها من تأثير سلبى على سمعة الصناعة المصرية وتشويه صورة المنتج المصرى بأنه غير جيد وهذا غير صحيح.
وأشار إلى أن الصناعة المصرية وخاصة صناعة الأجهزة المنزلية والكهربائية تعانى من أزمة تواجد وانتشار مراكز الصيانة غير المعتمدة.
وقال المهندس إنه بعدما تزايد عدد الشكاوى فى الفترة الأخيرة، من خدمات الصيانة الوهمية فإن الغرفة لم تقف أمام هذا الأمر مكتوفة الأيدى بل تسعى دائما للتواصل مع أعضائها لحل تلك المشكلات، لافتا إلى أنه تم التواصل مع وزارة الصناعة ممثلة فى مصلحة الرقابة الصناعية فى وقت سابق وتم عقد اجتماعا مؤخرا واستعراض جميع جوانب الموضوع معها للتدخل لحل تلك الظاهرة، وأيضا مع جهاز حماية المستهلك لمناقشة آليات الحد من ظاهرة المراكز الوهمية.
وقال إن الغرفة تلقت بالفعل عدة شكاوى من الشركات المصنعة بمعاناتها من استمرار إعلانات هذه المراكز مما يتطلب ضرورة وقفة حاسمة مع تلك المراكز لأنها تؤثر بشكل عام على الصناعة، لافتا إلى أنه تم التواصل مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتم الاتفاق على وقف الإعلانات، التى تذاع عبر الفضائيات بشأن مراكز الصيانة الوهمية حيث إن هذه المراكز تقوم ببث إعلانات عنها عبر بعض القنوات الفضائية، وفى المقابل يتعرض المواطنين للنصب والاحتيال من جانب تلك المراكز بإيهامهم بأنها مراكز معتمدة وهى دون ذلك.
وأوضح المهندس أن الخداع يبدأ من خلال إيهام تلك المراكز بأنها معتمدة وتابعة للمصانع والشركات ذاتها ثم يقع المستهلك ضحية لتلك المراكز الوهمية حيث إنه يتعرض للنصب من خلال دفع رسوم كبيرة فى خدمة غير معتمدة، وفى المقابل يتم استخدام خامات غير أصلية أثناء تصليح تلك الأجهزة من تلك المراكز مما يعرض الأجهزة للتلف مع مرور الوقت، داعيًل المستهلكين إلى أهمية التأكد من كون مركز الخدمة الذى يتعامل معه هو مركز معتمد تابع لشركة الأجهزة المنزلية والكهربائية وليس وسيطا.
طرق التعقب
وعلى جانب آخر أوضح المهندس حسن مبروك رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، أن المراكز الوهمية صداع فى رأس الشركات الأجهزة المنزلية والكهربائية لافتا إلى أنها لها تداعيات سلبية واضحة على الصناعة المحلية من خلال ادعاء تلك المراكز بأنها معتمدة مما يجعل المواطن يقع فريسة لهان مشيرًا إلى أن الغرفة تحرص دوما على مواجهة أي تحديات تواجه الأعضاء والشركات وبالفعل تم التواصل مع الجهات المعنية مثل جهاز حماية المستهلك وأيضا الرقابة الصناعية لمناقشة الآليات المطلوبة لمواجهة تلك المراكز التى تضر بسمعة الصناعة المحلية.
وعن أكثر القطاعات الصناعية التى تنتشر بها تلك مراكز الصيانة الوهمية قال "مبروك": إنها تنتشر بشكل كبير فى قطاع صيانة الأجهزة الكهربائية عن غيره من القطاعات الصناعية الأخرى، لافتا إلى أي بيت مصرى لديه عادة الأجهزة الأساسية "الثلاجة – البوتاجاز – الغسالة"، والذى قد يتطلب الأمر يوما ما إلى التعامل مع أي مركز صيانة لحل أي عطل بتلك الأجهزة وفى المقابل تظهر تلك المراكز من خلال بث إعلانات لها على الفضائيات بأنها مراكز صيانة معتمدة وتابعة للشركات والمصانع المنتجة لتلك المنتجات للأسف.
وقال إن حلقة الاحتيال من المراكز على المستهلك فيحصل على خدمة إصلاح دون المستوى لكونهم غير فنيين أو معتمدين لحل تلك المشكلات أو العيوب التى قد تظهر بأي جهاز كهربائى أو منزلى ما أثر فضلا عن استخدامهم لقطع غيار مزيفة وغير أصلية، فضلا عن تقديم الخدمة بأسعار مرتفعة.
وأكد الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية على ضرورة وضع ضوابط للعيادة التى تظهر بها مخالفات، وعمل خط مباشر للشكوى للمواطنين ليمكنهم من التواصل مع الجهات المعنية لمواجهة أي إخطار، مشددا على ضرورة مراجعة العيادة وإمكان العلاج الطبيعى والمتعاملين فى الأدوية فى العيادة بشكل مستمر ودورى، موضحا أن الأدوية مكانها الطبيعى الصيدلة، والعيادات يجب التفتيش عليها من وزارة الصحة للتأكد من مطابقتها وخاضعة للاشتراطات الطبية المطلوبة.
ولفت "رئيس شعبة الأدوية" إلى أن ظاهرة سمكرى البنى آدمين ظاهرة خطيرة تضر بالمريض بهدف تحقيق المكاسب من أشخاص غير مؤهلين، التعامل مع الإنسان وجسمه علم لا يجوز أي شخص بالخبرة يتعامل مع المرضى ولا بد من مساءلة أي شخص يتعامل بدون أن يكون مؤهلا لذلك.
قالت الدكتورة يمن الحماقى الخبيرة الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن القطاع غير الرسمى يقلل التكلفة على المنتج على عكس القطاع الرسمى ويجعلها لا يضطر إلى دفع المصاريف الإدارية والخاصة بالرخصة، مؤكدا أن التسهيل فى المناخ الاستثمارى على المستثمر الصغير وتسهيل التراخيص كان هيفرق بشكل أكبر فى القطاع غير الرسمى، ولا نستطيع أن ننفى أن هناك أنشطة تضر بالمجتمع فى القطاع غير الرسمى نظرا لانعدام الرقابة وتراجعها على هذا القطاع على عكس القطاعات الرسمية.
وأوضحت أن الصناعات الغذائية على سبيل المثال فى ظل غياب القواعد الرقابية السليمة سينشأ عن ذلك أن أصحاب المشروعات سيقدمون منتجا رخيصا لكن بدون التزامات بالقواعد الصحية.
وطالبت الخبيرة الاقتصادية بضرورة وجود حوافز مختلفة للذين يمارسون أنشطة مختلفة فى القطاع غير الرسمى والذين لا يحصلون على التراخيص، ويجب تشجيع العاملين بدون تراخيص وفى القطاع غير الرسمى حتى يكونوا إضافة إلى الإنتاج المحلى، مشددة على ضرورة تقديم خدمات مالية وغير مالية وخدمات مختلفة للمستثمر الصغير حتى يعمل بشكل مرخص ومنظم ورسمى، مشيرة إلى أن التقديرات إلى أن القطاع غير الرسمى يساوى 50% من النشاط الاقتصادى، كما إن محاربة القطاع غير الرسمى أمر غير مطلوب نظرا لأنه مسئول عن التشغيل ومحاربة القطاع غير الرسمى يساهم فى زيادة البطالة وخاصة للسيدات والشباب.
ولفتت إلى أن الإقبال على الأرخص والأنشطة الاقتصادية غير الرسمية يرجع إلى الفقر وأن الطبقة المتوسطة اقتربت من الفقر وأن أغلب المجتمع يتمنى الحصول على السلعة بسعر رخيص دون النظر إلى جودتها، والقطاع غير الرسمى ملاذا أمان للفقر ويوفر لهم السلعة.
نقلًا عن العدد الورقي…