هل تخضع طالبان لـ «إملاءات أمريكا» هربا من العزلة الدولية؟
لاتأمن طالبان لأمريكا، ولا الولايات المتحدة تأمن في المقابل للحركة الأصولية، التي وصلت للحكم مرة أخرى في سيناريو درامي، بعد إسقاطها عن الحكم قبل عقدين من الزمان بسبب إيواء أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة السابق وأحد أباء الفكر الجهادي التكفيري في القرن العشرين.
ويرى مراقبون أن أمريكا حاولت استدراج طالبان للمفاوضات لإعادة الكرة مرة آخرى، واستخدامها كفزاعة للصين وروسيا كما أستخدمت جهاديو الأفغان في مطلع التسعينات خلال القرن الماضي ونجحوا في إهالة التراب على الاتحاد العملاق وساهموا في تفكيكه.. لكن ما الذي تغير ولماذا ترفض طالبان أداء هذا الدور حتى الآن !
الضغط على الحركة
يقول يوسف الحداد، الكاتب والباحث أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وبين طالبان كان يستهدف استخدام الحركة في الضغط على بكين وموسكو، لكن الواقع يبدو مغايرا لهذه الفرضيات تمامًا، مشيرا إلى وجود اتفاق واضح بين طالبان وبين كل من الصين وروسيا، فضلًا عن فتح قنوات اتصال بين إيران والحركة تبدو قائمة ومستمرة.
وتابع: طالبان دعت بعض الدول لحضور مراسم الاحتفال بالحكومة الجديدة، وكان من بينها تركيا وإيران وباكستان والصين وروسيا، لذا فإن الهدف الأمريكي الخاص بوضع شوكة في خاصرة الصين وروسيا لن يتحقق، مضيفا: تلعب أمريكا على الوقت خاصة أن مفاتيح الحصول على الشرعية والاعتراف الدولي لا تزال بيدها وحلفائها الغربيين.
طالبان والسلطة
وأشار الباحث إلى أن أمريكا تطمئن تماما إلى إن بقاء طالبان في السلطة مرهونًا بالحصول على المساعدات الدولية وإنقاذ الاقتصاد الأفغاني من انهيار حتمي سيواجهه حال استمرار عزلة الحركة، كما كانت الحال في ولاية حكمها الأولى، مضيفا: الإدارة الأمريكية الحالية لا تثق كثيرًا بحدوث تغييرات في نهج طالبان، حسب تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه لا يعتقد أن الحركة تغيرت.
وأوضح الحداد أن أمريكا تتعامل مع طالبان بالمزيد من الضغط على اقتصاديًا ودبلوماسيًا ودوليًا، حيث تبقى خيار العقوبات والعزلة الدولية للتلويح به لطالبان، إذا ما قررت انتهاج سيرتها الأولى.
لكن المعضلة التي لاتدركها أمريكا حتى الآن أن تقارب طالبان مع خصومها الاستراتيجيين يحد من فاعلية سياسة العقوبات والعزلة، التي يمكن أن تلجأ إليها واشنطن، كأدوات ضغط على الحركة، كما يحدث مع إيران الآن، خاصة مع حول انحسار الاهتمام الغربي بالتدخل عسكريًا لمكافحة التنظيمات الإرهابية، على حد قوله.