كيف تستفيد الجماعات الدينية من جهل الشباب باللغة العربية؟
لا يترك الإسلاميون أي ثغرة دون استغلالها للإيقاع بالشباب، وواحدة من أخطر مشكلات المجتمع، عدم الإلمام بقواعد اللغة العربية ومعرفة بحارها الواسعة، ويسهل ذلك من انفراد التيار الديني بتفسير الدين حسب هواه، بل يعتبرون عدم الإلمام باللغة حجة تعني أن صاحبها غير مؤهل للحديث في الدين أو معرفة شئون دينه بنفسه.
وقال أسامة يماني، الكاتب والباحث، إن هناك أهمية لإلمام الشباب بثقافتنا العربية، وتطورها، حتى يكون هنا معرفة بالكلمة وتطورها، بما يجعلهم أكثر إلمامًا بدلالاتها ومضامينها ومعانيها.
ولفت الباحث إلى أن كلمة مثل الزندقة ــ من الكلمات التي استخدمها الإسلاميون بكثرة خلال العقود الماضية ــ جردت من معناها الحقيقي، فالزناديق وشعر الزندقة إرث كبير.
كما تذكر الكتب التاريخية ما تعرض له الزنادقة من تعنيف وقتل وحرق لمؤلفاتهم في زمن الدولة العباسية، مثل الفهرست لابن النديم، ومروج الذهب للمسعودي والأغاني لأبي الفرج الأصفهاني.
وأوضح يماني: جاء في الروايات أن زرادشت، مؤسس عقيدة الفرس قد بشر بظهور مجدد، وقد استغلت هذه الرواية من قبل الدعوة المزدكية التي استغلتها وسخّرتها لمصالح سياسية واقتصادية، بعدما ظهر رجل اسمه مزدك بن نامذان ودعا إلى ديانة جديدة لها كتاب مقدس أسماه الزند والمؤمن به يدعى الزنديق.
وأضاف: دعا لبعض الأمور المستقاة من بعض العقائد الفارسية القديمة، لكن ما كان جديدًا بعقيدته تلك، هو دعوته إلى إلغاء الملكية الفردية، لأن استئثار الإنسان بمال أو أرض أو بيت أو أي ممتلكات هو السبب - على حد قوله - في شيوع الحسد والحقد واعتداء الإنسان على أخيه الإنسان، وأكد أن الوضع المثالي ألا يمتلك الفرد سوى قوت يومه، بينما تبقى بقية الأشياء على المشاع بين الناس».
وأوضح يماني أن كسرى الفرس اتبع تعاليم مزدك واتبعه لا عن اقتناع، وإنما عن رغبة في تقليم أظفار كبار رجال الدين الزرادشتي الذين تعاظمت سلطتهم، وتدخلوا في أدق شؤون الحكم.
ولكن بعد ذلك وجد قباذ أن تحالفه مع المزدكيين لم يساعده على إضعاف سلطة الكهنة بل بالعكس، أمدهم بالدعم الشعبي وتسبب في تحالفهم مع طبقة الأثرياء التي كانت تتكون من أبنائها أقوى أجنحة الجيش، وأعاد كسرى حساباته وقرر أن الوقت قد حان للتخلي عن تأييد مزدك.
وأضاف: تم الخلاص من مزدك وقتله وأتباعه، وأصبحت بعد ذلك، كلمة زنديق أي المؤمن بكتاب الزند، تعني كل مَن يُحدث بدعة خارجة عن العقيدة العامة.
واختتم الباحث قائلا: مثل هذه الكلمات لا يجب أن تطلق على أي شخص دون أن يكون هناك إلمام وفهم بمعناها الحقيقي.