في ذكرى استشهاد شيخ المجاهدين.. محطات في حياة عمر المختار
في مثل هذا اليوم من عام 1931 قامت سلطات الاحتلال الإيطالي في ليبيا بإعدام شيخ المجاهدين عمر المختار البالغ من العمر آنذاك 73 عاما شنقا بعد محاكمة صورية.
قرية زاوية جنزور
ولد المختار عام 1862 في قرية زاوية جنزور في إقليم برقة شرقي ليبيا وتوفي والده وهو صغير، وتعلم القرآن، ثم انتقل فيما بعد إلى معقل السنوسية في واحة الجغبوب حيث درس على أيدي كبار مشايخها.
وفي عام 1897 كلفه المهدي السنوسي بأن يكون شيخا لبلدة تسمى زاوية القصور ليحصل على لقب "سيدي" ككل شيوخ السنوسية الكبار.
وانتقل المختار بعد ذلك إلى السودان لينشر دعوة السنوسية حيث أقام المختار في "قرو" غربي السودان، ثم عينه المهدي شيخا لزاوية "عين كلك" حيث حصل على لقب "أسد الصحراء"، لمدافعته عن مريديه وطلابه في الرحلة ضد أسد هددهم وعاد برأسه على جواده.
احتلال الإيطاليين
وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه بعد احتلال الإيطاليين لليبيا عام 1911 واجهوا مقاومة طويلة الأمد من قبل السنوسيين في برقة، وهي المقاومة التي حرمت الفاشيين من السيطرة التامة على البلاد حتى عام 1931، عندما أسروا وأعدموا قائد المقاومة السنوسية اللامع عمر المختار.
كما كتب أندرو نورث في بي بي سي يقول: إنه عندما قام الإيطاليون بغزو طرابلس عام 1911، على أمل أن ينظر الليبيون لهم كمحررين من الحكم العثماني، لم يتوقعوا أن تندلع مقاومة ضدهم لمدة 20 عاما في المناطق المحيطة ببنغازي بقيادة عمر المختار.
وقد اضطر ديكتاتور إيطاليا الفاشي، بنيتو موسوليني، إلى قمع تلك الثورة بوسائل عقاب جماعية، حيث تم ترحيل 100 ألف ليبي من المناطق التي تعد معاقل للثورة، إلى معسكرات اعتقال مات فيها الآلاف.
وبعد وفاة محمد المهدي السنوسي عام 1902، عاد المختار مجددا إلى برقة ليعين مجددا شيخا لبلدة زاوية القصور.
وقبل حربه ضد الإيطاليين بسنوات قاتل المختار البريطانيين أيضا على الحدود المصرية الليبية، في مناطق البردية والسلوم ومساعد، وخاض معركة السلوم عام 1908، التي انتهت بوقوع البلدة في أيدي البريطانيين.
كما شارك في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان، إضافة إلى قتال الفرنسيين عندما بدأ استعمارهم لتشاد عام 1900.
وفي عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية التي كانت تحكم ليبيا وقتها ودخلت قواتها للأراضي الليبية، وفي عام 1912 أعلنت روما ليبيا مستعمرة إيطالية، فقاد المختار، ابن الـ 53 عاما حينها، المقاومة لنحو 20 عاما أوقع خلالها خسائر فادحة بصفوف الفاشية.
واشتعلت المعارك بين المقاومة والاحتلال الإيطالي، خاصة بعد أن باعت إسطنبول الليبيين باتفاقية تبادل مع روما المعروفة بأوشي لوزان عام 1912.
الإعدام شنقًا
وعين حاكم إيطاليا حينها بينيتو أندريا موسوليني الجنرال جراتسياني محل بادوليو واشتدت المعارك إلى أن نجح الإيطاليون في 11 سبتمبر 1931 في أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها حصانه وكسرت نظارته.
ونقل المختار إلى بنغازي حيث انعقدت محكمة خاصة في 15 سبتمبر وصدر حكم الإعدام شنقا، وفي صباح اليوم التالي تم التنفيذ أمام القرويين.
وحارب المختار الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عاما، لأكثر من عشرين عاما في عدد كبير من المعارك، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الإيطاليين، وأجريت له محاكمة صورية انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبيرا عليلا.
وبلغ في حينها 73 عاما، وعانى من الحمى، وكان الهدف من إعدامه هو إضعاف الروح المعنوية للمقاومين الليبيين، والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَة، فقد ارتفعت حدة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُرد الإيطاليون من البلاد.
وظل المختار رمزا يناجيه الليبيون لشكوى ما يواجهون في الحياة وكتب عنه العديد من الكتب والرسائل العلمية والقصائد وصورت إيطاليا فيلما لتخليد ذكراه والاعتذار عن إعدامه حتى الآن.