«مفيش صاحب يتصاحب».. انتشار جرائم غدر الأصحاب.. وخبراء يكشفون الأسباب
شهدت الفترة الأخيرة عددًا من جرائم القتل التي تندرج تحت شعار “غدر الصحاب”، فكما يقول المثل الشعبي: "عدو عاقل خير من صديق جاهل"، حيث أقدم القتلة على قتل أصدقائهم بدم بارد ولأجل أسباب متباينة، فما أكثرها تلك الجرائم التي سيتم ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
مهندس الدقهلية
كانت آخر هذه الجرائم، قتل المهندس أحمد عاطف الشربيني، المعروف إعلاميا بـ«مهندس الدقهلية»، ضحية غدر صديق عمره بعدما قتله بدم بارد ولم يمهله الوقت لاستقبال مولوده الجديد، حيث غدر به وألقاه من أعلى كوبري على نهر النيل ليلقى حتفه.
مناشدات زوجة مهندس الدقهلية المختفي قبل ساعات من ولادتها كانت مفتاحا لتعاطف الكثيرين معها قبل العثور على جثمان زوجها الشاب تحت أحد الكباري بدون إصابات ظاهرة، وقبل أن تتوصل تحريات الأجهزة الأمنية إلى أن القاتل هو صديق عمره الذي استولى منه على مبالغ لتشغيلها تتجاوز 600 ألف جنيه مصري.
جريمة “النُّص”
فيما لم تشفع سنوات العمر التي ارتبط فيها «ع. ف.» 32 عاما، وشهرته «النص»، بعلاقة صداقة وطيدة مع رفيقه «خالد ع.» 31 عاما، ولم يفترقا، حيث التحقا بنفس المدرسة في إحدى قرى مركز ميت غمر بالدقهلية، وبعد فشلهما الدراسي، وتكرار رسوبهما، تركا الدراسة واتجها للأنشطة المحرمة مثل السرقة، والسطو المسلح، والمخدرات، وكوّنا عصابة، وانتهى بهما الحال في السجن، ليخرجا معا بعد قضاء العقوبة.
ويبدو أن إعلان توبة خالد لم ترق لـ «النص»، حيث اقترض منه مبلغا ماليا لشراء توكتوك ولم يسدده له، فعزم «النص» على قتل صديق عمره بعدما استدرجه لمكان خالٍ، ثم قتله بالرصاص، وسرق التوكتوك وباعه.
فتاة المول
ومن بين جرائم غدر الصحاب التي أثارت ضجة كبيرة في كافة الأوساط الإعلامية، قضية مقتل نجلاء نعمة الله الشهيرة بفتاة المول، داخل عيادة طبيب عيون بمول تجاري في مدينة كفر الدوار في محافظة البحيرة.
حيث كشفت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية في مصر، أن أقرب صديقة للمجني عليها هي من دبرت لقتلها، بمعاونة شابين؛ من أجل سرقة هاتفها ومبلغ مالي، وأن المتهمين نجحا في دخول عيادة طبيب العيون التي كانت تعمل فيها الضحية المجني عليها، وخنقاها وسددا لها عدة طعنات قاتلة أودت بحياتها قبل أن يفروا هاربين من مسرح الجريمة.
كما تبين من التحريات أن صديقة المجني عليها هي التي رتبت للجريمة وخططت لها، وجلست قبل ارتكابها بربع ساعة مع المجني عليها، التي أحضرت لها كوبًا من العصير، وجلستا تتبادلان الحديث، ثم أرسلت لصديقيها رسالة بأن العيادة خالية فتوجها إليها وقامت صديقة المجني عليها بمغافلتها بحجة أنها ستتحدث معها في موضوع خاص بينما قام المتهمان اللذان ادعيا أنهما مرضى، بمحاولة سرقة الإيراد، فاكتشفت المجني عليها ذلك وحاولت الصراخ.
وأوضحت التحريات أن المتهمين قاما بتكميم فمها بينما كانت المتهمة تستغيث بصديقتها، «حرام عليكي.. حوشى عني» لكنها أشارت إلى أحد المتهمين فأخرج سكينًا وطعنها عدة طعنات قاتلة ثم سرقوا هاتفها وحقيبتها ومبلغًا ماليًا.
الأسباب النفسية
ويقف وراء جرائم غدر الصحاب عدد من الأبعاد النفسية والاجتماعية التي كشف عنها الخبراء لـ “فيتو”، حيث يقول جمال فرويز الطبيب النفسي أن السبب الأساسي هو الانحدار الثقافي، فقد غاب عن مصر الوعي الثقافي بعناصره الأربعة؛ الوعي الديني والسلوكي والأخلاقي والاجتماعي.
ونصح الخبير النفسي الشباب بعدم إعطاء الأمان لأي شخص حتى وإن كان قريبًا منه، فالمصلحة أصبحت هي السائدة في العلاقات بين الصحاب، فأينما تتواجد المصلحة تتواجد الصداقة، حيث يقول فرويز: "احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة".
الرأي الاجتماعي
وعلى جانب آخر، تقول سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الأشخاص الذين يلجئون الغدر بأصحابهم لديهم حب شديد للمادة والطمع في الحصول عليها حتى لو على سبيل علاقة الصداقة.
وأكدت "خضر" أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تعرض مشاهد عنف وقتل، وأيضا الاستماع إلى الأغاني الشعبية التي تحتوي علي كلمات عنيفة عن غدر الصحاب والخيانة، كل ذلك يخلق حالة من التجرؤ على ارتكاب تلك الجرائم، فحينما يقع الشخص في مشكلة يجد أمامه القتل هو الحل الأسهل والمتاح، وأول الخيارات التي يطرحها له عقله.
وأضافت: كما تلعب المخدرات دورًا في ذلك، التعاطي وإدمان المخدرات يجعل الشخص فاقد الوعي غير مدرك لما يفعله، مستكملة: وأيضا الطمع وغياب الأخلاق والضمير أحد الأسباب التي تكمن وراء تلك الحوادث.