قتل أم انتحر.. ما تيسر من سيرة عبد الحكيم عامر في ذكرى وفاته
كان المشير عبد الحكيم عامر الذي تحل اليوم 14 سبتمبر من العام 1967، أحد رجال ثورة يوليو 1952 في مصر، وكان الصديق المقرب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الحربية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة من 7 إبريل 1954م إلى 19 يونيو 1967م، تاركا خلفه مسيرة طويلة من النجاحات والإخفاقات، وتبقى نهايته هي اللغز الأكبر حتى الآن.. فهل قتل عبد الحكيم عامر أم انتحر؟
المولد والنشأة
في قرية أسطال، مركز سمالوط بمحافظة المنيا، ولد عبد الحكيم عامر في أسرة تُعد من الأثرياء، حيث كان والده الشيخ علي عامر عمدة القرية، تخرج في الكلية الحربية عام 1939، وشارك في حرب 1948 في نفس وحدة جمال عبد الناصر، حصل على نوط الشجاعة في حرب 48، وتم ترقيته مع صلاح سالم استثنائيًا، وكان خاله محمد حيدر باشا وزير الدفاع أثناء حرب 1948.
وزير الحربية
لعب عامر دورًا كبيرًا في القيام بالثورة عام 1952 وفي عام 1953، تمت ترقيته من رتبة صاغ رائد إلى رتبة لواء وهو لا يزال في الـ 34 من العمر متخطيا ثلاث رتب، وأصبح القائد العام للقوات المسلحة المصرية وفي عام 1954 وعين وزيرًا للحربية مع احتفاظه بمنصبه في القيادة العامة للقوات المسلحة.
ورقي إلى رتبة فريق عام 1958 وفي عام 1964 أصبح نائبًا أول لرئيس الجمهورية، وأضيفت إليه مهمة رئاسة اللجنة العليا للسد العالي، ثم رئاسة المجلس الأعلى للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي في أبريل من العام نفسه.
زواج عبد الحكيم عامر
تزوج عبد الحكيم عامر عامر مرتين الأولى من ابنة عمه زينب عبد الوهاب وأنجب منها ثلاثة أبناء وأربع بنات، غير أن زواجه الثاني من الفنانة برلنتي عبد الحميد هو الأشهر، وأنجب منها ابنه عمرو وقامت بالاعتزال بعد الزواج عن سن 29 عاما.
علاقة عبد الحكيم عامر وجمال عبد الناصر
فسدت العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر على نحو سريع عقب حرب 1967، بعد إصدار الرئيس عبد الناصر قرارًا بتنحية عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش وتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية.
وهو القرار الذي رفضه عبد الحكيم عامر بشدة، وحزم حقائبه واتجه إلى بلدته أسطال ليقضي بها بعض الوقت، غير أنه سرعان ما عاد إلى القاهرة بعد أيام وتحديدًا في الأول من يوليو 1967، واستقر في منزله بالجيزة.
هويدي يتذكر
وقال أمين هويدي، رئيس المخابرات ووزير الحربية بعد النكسة: وكان عامر قد جمع حوله مجموعة من الموالين له والمتعاونين معه شركاء اللهو والسهرات الحمراء، حيث كان عامر متزوجًا من الممثلة برلنتي عبد الحميد، وعلي شفيق ومها صبري، وعبد المنعم أبو زيد من الراقصة سهير فخري أيضًا، انتقل بجميع أسلحته وأفراده إلى منزله الجديد بالجيزة، ووضع خطة هو ومعاونيه لقلب نظام الحكم في 27 أغسطس 67 للاستيلاء على القيادة العامة للقوات المسلحة، وتأمين وصوله إلى منطقة القناة واتخاذها مقرًا له يعلن من خلالها مطالبه إلى رئيس الجمهورية.
تحديد الإقامة
وتابع: "في 25 أغسطس تحددت إقامة المشير قبل الانقلاب بــ 48 ساعة بمعاونة السادات وزكريا محيي الدين وسامى شرف وشعراوي جمعة ومحمد فوزي الذي أعطيته التعليمات بصفتي وزير الحربية تنفيذ الجانب العسكري دون إطلاق النيران، وحتى لا يفطن أحد إلى العملية أسميناها "العملية جونسون" وكان نتيجتها تحديد إقامة عامر، وخروج صلاح نصر من المخابرات والقبض عليه وتعييني قائدًا للمخابرات العامة".
واستطرد: "في يوم 14 سبتمبر أبلغت الفريق فوزى بقرار الرئيس عبد الناصر نقل عامر من منزله إلى استراحة بالمريوطية على أن يقيم فيها منفردًا تمهيدًا للتحقيق معه فيما نُسب إليه، عندما ذهبت إليه أنا وفوزى لتنفيذ القرار رفض وغافل الحاضرين وتناول مادة الأكونتين السامة ممزوجة بمخدر الأفيون، وعندما أدرك الفريق عبد المنعم رياض الذي كان موجودًا أنها مادة سامة اقترح نقله إلى مستشفى المعادى للقوات المسلحة، وبالفعل نُقل وتم إسعافه ونقل بعدها إلى استراحة المريوطية".
هيكل يعلن الانتحار
وأعد الصحفى محمد حسنين هيكل بيان انتحار المشير عبد الحكيم عامر، وأُذيع البيان من إذاعة صوت العرب في التاسعة مساء يوم 15 سبتمبر، ونشر في صحف اليوم التالي، وجاء فيه:
"وقع أمس حادث يدعو إلى الأسف والألم، إذ أقدم المشير عبد الحكيم عامر على الانتحار بابتلاع كمية من مواد مخدرة وسامة.. ورغم كل الإسعافات الطبية والعاجلة فإنه أصيب بانهيار مفاجئ نتج عنه وفاته، وقد اصطحبه الفريق أول محمد فوزى إلى مستشفى المعادى، وأشرف مديره اللواء طبيب عبد الحميد مرتجى على عملية الإسعاف الطبية إلى جانب كبير الجراحين بمستشفى القوات المسلحة والطبيب العميد عبد المنعم القللى، ورئيس معامل مستشفى المعادى المقدم طبيب محمد عبد المنعم عثمان والرائد طبيب ثروت الجرف وطبيب الاستقبال الرائد حسن أحمد فتحى والرائد أحمد عبد الكريم أخصائي البنج".
رحيل عبد الحكيم عامر
وتوفي عبد الحكيم عامر في 14 سبتمبر 1967 مسموما، وقيل حينها إنه انتحر بسبب تأثره بهزيمة حرب 1967، بينما تقول عائلته وآخرون إنّ السم قد دُسّ له ودفن في قريته أسطال.