رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتصاد والسياسة والمخدرات.. ملفات على طاولة حكومة طالبان

قادة طالبان
قادة طالبان

بعد أن سيطرت على معظم الأراضي الأفغانية تستعد حركة طالبان، للكشف عن سياستها الجديدة في وقت يتأرجح فيه الاقتصاد الأفغاني ليقف على حافة الانهيار بعد وضع نهاية للحرب التي استمرت 20 عاما في كابول.

وقال أحمد الله متقي، أحد قادة الحركة، على وسائل التواصل الاجتماعي إنه يجري التحضير لمراسم الإعلان عن الحكومة في القصر الرئاسي في كابول، بينما قالت إذاعة تولو الخاصة إن الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة أضحى وشيكا.

وفي تصريح لوكالة رويترز، قال أحد قادة طالبان الشهر الماضي، إنه من المتوقع أن يتشكل مجلس حكم له رئيس، لكن سيكون لزعيم الحركة، هبة الله أخوندزادة، السلطة النهائية على المجلس.

وقال محللون إن شرعية الحكومة الجديدة في نظر المانحين والمستثمرين الدوليين ستكون حاسمة بالنسبة للاقتصاد الأفغاني، الذي يتوقع له أن ينهار بعد أن عادت طالبان إلى السلطة.

ولكي نعرف الملفات المطروحة على اجندة الحكومة الافغانية علينا ان نعرف عن قيادتها الفاعلة وبداية مع زعيم حركة طالبان الأفغانية هبة الله آخوند زاده "أمير المؤمنين" حسبما جاء في تصريح لإنعام الله سمنجاني، عضو اللجنة الثقافية في الحركة لقناة "طلوع نيوز" التلفزيونية الأفغانية.

من هو هبة الله أخوندزاده

تولى هبة الله أخوند زاده زعامة حركة طالبان الأفغانية في 26 مايو 2016 بعد أن تم تعيينه في هذا المنصب من قبل مجلس الشورى الحركة خلفًا لزعيم الحركة السابق أختر محمد منصور الذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في 22 مايو2016.

وتحت قيادة أخوند زاده وقعت طالبان اتفاق سلام تاريخي مع الولايات المتحدة في قطر في 29 فبراير 2020 ووصف أخوندزاده الاتفاق بأنه "انتصار كبير" للجماعة.

ولزعيم الحركة ثلاثة نواب: مولوي يعقوب، نجل مؤسس الحركة الراحل الملا عمر، وسراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني القوية، وعبد الغني برادار، أحد أبرز الأعضاء المؤسسين للجماعة.

ويعتبر مجلس الحكم غير المنتخب، الطريقة التي تدير بها طالبان حكومتها، كما فعلت عندما تولت الحكم عام 1996، وطبقت ماعده البعض شكلا متطرفا من الشريعة الإسلامية حتى الإطاحة بها على أيدي القوات التي تقودها الولايات المتحدة عام 2001.

الملف الاقتصادي 

وحذرت المنظمات الإنسانية من وقوع كارثة في أفغانستان بعد أن أجبر الجفاف الشديد واضطرابات الحرب آلاف العائلات على الفرار من ديارهم، كما جمدت الولايات المتحدة أرصدة أفغانستان.

وأفغانستان بحاجة ماسة إلى المال، ومن غير المرجح أن تتمكن طالبان من الوصول السريع إلى ما يقرب من 10 مليارات دولار من الأصول التي يحتفظ بها البنك المركزي الأفغاني في الخارج.

وكانت طالبان قد أمرت البنوك بإعادة فتح أبوابها، لكنها فرضت قيودا أسبوعية صارمة على عمليات السحب، إذ امتلأت البنوك بطوابير الناس الذين يحاولون سحب بعض أموالهم لممارسة حياتهم اليومية.

وسعى رئيس البنك المركزي الجديد المُعين من قبل طالبان إلى طمأنة البنوك بأن الحركة تريد نظاما ماليا يعمل بكامل طاقته، لكنها لم تقدم تفاصيل حول كيفية توفير الأموال لها، فيما يمثل تحدي حقيق للدولة الأفغانية الغنية بالموارد والفيرة في العقول.

 

ثروات أفغانستان 

وتتمتع أفغانستان بميزة اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، وهو ما سيجعل حركة طالبان بعد سيطرتها الثانية على السلطة في البلاد محل اهتمام الدول التي تتطلع للاستثمار في هذه البلد. 

ففي عام 2010، أشار تقرير أعده مجموعة من الخبراء العسكريين والجيوسياسيين من الولايات المتحدة، إلى أن أفغانستان التي تعد أحد أفقر بلدان العالم، تمتلك ثروة معدنية تقدر بقرابة تريليون دولار أي ما يعادل 820 مليار يورو بسبب ما تذخر به من خام الحديد والنحاس والليثيوم والكوبالت ومعادن أخرى.

وقد ارتفعت قيمة هذه المعادن بشكل كبير على وقع التحول والتوجه العالمي صوب الطاقة النظيفة. وخلال العقد الماضي، لم يتم استغلال هذه الموارد والثروات الطبيعية بسبب الصراع الذي مزق أفغانستان.

 

وفي عام 2017، قال تقرير صادر عن الحكومة الأفغانية إن الاكتشافات المعدنية الجديدة في العاصمة كابول بما في ذلك الوقود الأحفوري تصل قيمتها إلى نحو ثلاثة تريليونات دولار.

تزامن هذا مع الطلب العالمي غير المسبوق على الليثيوم الذي يُستخدم في صناعة البطاريات داخل السيارات الكهربائية والهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الآلي المحمولة، بنمو سنوي يصل إلى نسبة 20 بالمائة مقارنة بنسبة كانت تتراوح ما بين  5 إلى 6 بالمائة في الأعوام القليلة الماضية.

ودفع هذا الأمر وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون إلى القول بأن ما تمتلكه أفغانستان من الليثيوم يشبه ما تمتلكه السعودية من احتياطات النفط العالمية، إذ توقع البنتاجون أن رواسب الليثيوم الوفيرة في أفغانستان قد تتساوى مع ما تمتلكه بوليفيا التي تعد واحدة من أكبر مصادر استخراج الليثيوم في جميع أنحاء العالم.

 

وسيشهد خام النحاس أيضا انتعاشا اقتصاديا بعد التعافي من وباء كورونا بزيادة تصل إلى 43 بالمائة مقارنة بالعام المنصرم.

وفي هذا الصدد، يمكن تحقيق أكثر من ربع الثروة المعدنية المستقبلية لأفغانستان من خلال توسيع أنشطة تعدين واستخراج خام النحاس.

الصين وروسيا وباكستان 

وفي الوقت الذي هددت فيه الدول الغربية بعدم العمل مع طالبان عقب سيطرتها على العاصمة كابول، تتزاحم الصين وروسيا وباكستان للبدء في تدشين أعمال تجارية مع طالبان ما يزيد من إذلال الولايات المتحدة وأوروبا على الساحة الدولية على خلفية سقوط أفغانستان.

ونظرا لأن الصين تعد الدولة التي تصنع نصف البضائع الصناعية في العالم فهي تعمل على تأجيج الطلب العالمي على هذه السلع.

ومن المرجح أن  تقود الصين التي تعد حاليا أكبر مستثمر أجنبي في أفغانستان السباق لمساعدة أفغانستان  في بناء نظام تعدين فعال لتلبية احتياجاتها الكبيرة من المعادن.

وقال مايكل تانشوم، زميل بارز في المعهد النمساوي للسياسة الأمنية الأوروبية، إن سيطرة طالبان على أفغانستان "تزامنت مع نشوب أزمة في المعروض من هذه المعادن في المستقبل المنظور فيما تحتاج الصين إلى هذه المعادن".

وأضاف "الصين بدأت تخطو خطواتها داخل أفغانستان من أجل تعدين هذه المعادن" في أشارة الى ان نجاح الصين في التعدين في افغانستان يعني ان تصبح افغانستان دولة حقيقية يمكنها التعامل مع العالم.

القضاء على المخدرات 

فيما لا تزال زراعة المخدرات أحد المصادر الرئيسية للدخل لطالبان، وتنتج أفغانستان أكثر من 80% من الأفيون في العالم. ويعمل معظم المزارعين في أفغانستان في زراعة المخدرات، وعدت طالبان بالتخلي عن زراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون والهيروين في تحدي صريح للشعب الأفغاني الذي يتكسب من زراعة الممنوعات بل هي مصدر دخله الوحيد.

وفي أول مؤتمر صحافي للحركة من كابول، أكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد أن السلطات الجديدة لن تحول أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم إلى دولة مخدرات حقيقية. 

وأضاف "نؤكد لمواطنينا وللمجتمع الدولي أننا لن ننتج المخدرات". وتابع "من الآن فصاعدا لن يشارك أحد (في تجارة الهيروين) ولن يتمكن أحد المشاركة في تهريب المخدرات".

ويرى محللون أن الخطاب المناهض للمخدرات إلى جانب وعود مماثلة باحترام حقوق الإنسان وحرية الإعلام، تندرج كلها في إطار جهود هؤلاء القادة الجدد ليبدوا أكثر اعتدالا ويكسبوا بالتالي دعم المجتمع الدولي.

وكانت طالبان فرضت ضرائب على الأفيون وقامت بتسويقه؛  ويأتي الجزء الأكبر من الأفيون والهيروين المستهلك في العالم من أفغانستان وينتج ويصدر من مناطق تسيطر عليها حركة طالبان التي فرضت ضرائب على الأفيون وقامت بتسويقه خلال تمردها الذي دام عشرين عاما.

الجريدة الرسمية