عاطف فاروق يكتب: حكم قضائي يلزم رئيس محكمة الأسرة بسداد مصروفات مدرسة ابنته
ليت "الشيخة أم خديجة" كان لها عمل مفيد بدلًا من جلب الحببب ورد المطلقة، ليتها كانت تستطيع أن تُرقق قلوبًا متحجرة ترفض الإنفاق على أبنائها، ولكن الدجل لا يبحث عن أهداف جادة بقدر ما يبحث عن ضحايا اهتزت ثقتهم بكل شيء.
ولا شك ان الثقة يمكن أن تهتز حين نجد مفارقة غريبة مثل موضوع اليوم، فبطل القصة رئيس محكمة الأسرة، ويمتنع عن الإنفاق على ابنته، ولأن القضاء هو مقياس الخير في الأمم، وهو معيار العظمة فيها، ورأس مفاخر كل أمة حية وراشدة.. تعود الثقة إلى قلوبنا مرة أخرى بعد أن نعرف حكم محكمة الأسرة المختصة في هذه الواقعة.
بدأت القصة بدعوى قضائية أقامها الدكتور محمد إبراهيم أحمد، المحامي بالنقض وكيلًا عن ثريا لطفي محفوظ، أمام محكمة أسرة مدينة نصر أول فى 8 فبراير2021 ضد والد حفيدتها "رئيس إحدى الدوائر بمحكمة الأسرة" والمقيم بإحدى الفيللات، وطلب في ختامها الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغًا وقدره (ثلاثة وثمانون ألف وتسعمائة جنيه مصري) وهي عبارة عن إجمالي ما دفعته من مصروفات دراسية للصغيرة “ريتال م م”، عن الأعوام الدراسية من عام 2014 / 2015 حتى عام 2020/2021
الصغيرة ريتال
تضمنت حيثيات الحكم أن المدعية استندت إلى حكم نهائي في الدعويين رقمي 1556 / 2485 لسنة 2012 أسرة مدينة نصر بضم حضانة الصغيرة ريتال إليها وبصفتها الحاضنة للصغيرة قد قامت بسداد المصروفات الدراسية لها عن الأعوام الدراسية من عام 2014/2015 حتى عام 2019/2021 بإجمالي مبلغ قدره 83900 جنيه وامتنع المدعي عليه عن سداد مصروفات تعليمها وديًا بالرغم من يساره وقدرته الأمر الذي حدى بالمدعية لإقامة دعواها.
والمحكمة استعرضت نص المادة 18 مكررًا ثانيًا من القانون رقم 5 لسنة 1920 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985، والتي تنص على أنه: إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه، وتنص الفقرتين الثالثة والرابعة على أن " يلتزم الأب بنفقة أولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره وبما يكفل للأولاد العيش في المستوى اللائق بأمثالهم وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليهم.
وقالت إن من المستقر عليه فقهًا أن المصروفات الدراسية من ضمن عناصر نفقة الصغير على أبيه وهو ما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية للنص بمنزله الطعام والكساء وهي تستحق كلما قام الصغير أو صاحب اليد عليه بسدادها من ماله الخاص " وتقتصر تلك المصروفات علي المبالغ المستحقة لتعليم الصغير فلا يدخل فيها ثمن الملابس الدراسية لتكون الأخيرة ضمن نفقة ملبس الصغير كما لا يدخل فيها أجرة السيارة المدرسية، كما أن هذه الوجهة من النظر تتفق وفقًا لما ورد بالمذكرة الإيضاحية الخاصة بالقانون.
دخله الشهري
والثابت من أوراق الدعوى أن الصغيرة ريتال ابنة المدعي عليه شرعًا وفقًا للثابت بقيد ميلادها المرفقة بالأوراق، وكانت مصروفات تعليمها تدخل ضمن نفقات الصغير علي الأب مما يتعين القضاء بها عليه في حدود يساره وقدرته، وقد اطمأنت المحكمة إلى قدرته ويساره على سداد المصروفات الدراسية فى حدود دخله الشهري وفقا لما جاء ببيان راتبه المرفق والذي أطمأنت إليه المحكمة، وكان طلب المدعية نفقات التعليم للصغيرة قد جاء علي سند من الواقع والقانون لكونها الحاضنة لها والقائمة بسداد مصروفتها الدراسية وفقا لما قدم منها من مستندات وفقًا للإفادات المقدمة منها.
وانتهت المحكمة إلى أنه وعن المصاريف، شاملة مقابل أتعاب المحاماه فالمحكمة تلزم بها المدعي عليه عملًا بنص المادة 184/1 من قانون المرافعات والمادة 187/1 من القانون 17 لسنة 1983 بشأن المحاماه والمستبدلة بالقانون 10 لسنة 2002 والمادة 3/2 من القانون 1 لسنة 2000
لا يقبل المحاباة
ولأن ثوب القضاء شامخ ناصع البياض لا يقبل المحاباة ولا يعرف المواربة فقد صدر حكم الدائرة الخامسة بمحكمة أسرة مدينة نصر ثان في الدعوى رقم 539 لسنة 2021 قضائية مرصعًا بالذهب متضمنًا بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ قدره (ثلاثة وثمانون ألفًا وتسعمائة جنيه) قيمة المصروفات الدراسية للصغيرة ريتال م م، عن الأعوام الدراسية من 2014/2015 حتى 2020/2021 والزمت المدعى عليه بالمصروفات ومبلغ خمسة وسبعين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة.
صدر الحكم برئاسة القاضي علاء رجب، رئيس المحكمة وعضوية القاضيين إسلام كيوان وأحمد اللواج، الرئيسين بالمحكمة وحضور يوسف سامح، وكيل النيابة ورشا يحيى، خبير إجتماعي وحفيظة ساهر، خبير نفسي ووليد مسعود، سكرتير الجلسة .