الجحيم.. يوم اعتقلنا جيش العدو 3 ساعات!
ربما لا ولن يصدق الكثيرون أن قرار صدر بجمع وحشد كل - كتائب المدفعية المصرية وعددها ٣٦ بطارية وخلفها كل - قادة وضباط وضباط صف وجنود سلاح المدفعية كله لتنفيذ مهمة كبيرة هي -في تقديرنا- الأغرب والأكثر جرأة وكلفة بين عمليات قواتنا المسلحة!
كان قرار الصمود ثم الهجوم النشط ثم الردع كمراحل ثلاثة لحرب الاستنزاف تسير بشكل جيد.. وقد إنتهت المرحلة الأولي وتنتظر قواتنا الفرصة لتبدأ المرحلة الثانية وقد جاءت الفرصة بعد إقدام العدو بالعدوان على منشآت بترولية مصرية بمنطقة الزيتية بالسويس.. لم يكن يدرك أن الرد سيكون صاعقا وأن الإرادة المصرية التي رفضت الإنكسار في ٥ يونيو والتي أكدت أننا شعب مختلف عن شعوب كثيرة قبلت الاستسلام ووقع حكامها وثائق استسلام.. نقول: لم يكن العدو يدرك أنه لا جريمة من اليوم بغير عقاب.. وقد كان !
الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية والرجل الذي أشرف على إعادة بناء الجيش العظيم في هذا الظرف الصعب يبلغ القائد الأعلي جمال عبد الناصر بالفكرة التي طرحها قائد سلاح المدفعية اللواء عبد التواب هديب -صديق عبد الناصر وزميل دراسته وقام بتكليفات مهمة ليلة ثورة يوليو- والتي تقضي بقيام السلاح بدك تحصينات العدو على طول قناة السويس !
استدعاء عاجل لقائد الجيش للاجتماع بالقائد الأعلى ومنه إلى القيادة العامة ثم الموافقة على العملية !إنتشار للكتائب بنظام محدد واستعداد بالذخيرة وتنظيم للأطقم الاحتياطية والبديلة وعند الرابعة ونصف عصرا تنطلق القذيفة الأولى ولمدة ثلاث ساعات كاملة بغير انقطاع أو توقف إلا عند الطلقة الأخيرة عند السابعة والنصف مساء ظلت قيادات وقوات العدو بالكامل معتقلة حتى بعد توقف القذائف لفترة طويلة غير مصدقين انتهاء العملية!
عيد سلاح المدفعية
لم تكن العملية بطول القناة فقط بل وبعمق بلغ العشرين كيلو مترا انتهت إلى إخراج 17 بطارية مدفعية للعدو من الخدمة وتدمير 6 بطاريات مدفعية و19 دبابة و27 دشمة مدفع ماكينة و8 مواقع صواريخ أرض أرض و4 مخازن وقود ومنطقة إدارية بالكامل!
لكن ورغم كل هذه الخسائر يبقى الأثر المعنوي أكبر لما حققه في نفوس المصريين وقتها لتكرر قوات المدرعات المصرية الهجوم مرات ومرات كما حدث في ٨ مارس ١٩٦٩ وحتى فعلتها كما رأيناها صوتا وصورة في حرب أكتوبر المجيدة ! البطولة السابقة جرت في مثل هذا اليوم ٨ سبتمبر من عام ١٩٦٨ وتحول إلى عيد لسلاح المدفعية ليكون العيد الثالث لقواتنا المسلحة من واقع بطولات حرب الاستنزاف بعد عيد البحرية المصرية في يوم إغراق إيلات ٢٠ أكتوبر وعيد الدفاع الجوي ٣٠ يونيو يوم الإنتهاء من حائط الصواريخ العظيم !
لذلك نتعجب ممن يخلطون السياسي بالوطني ومن تجعل تصفية حسابات سياسية يصفون هذه الفترة بأنها كانت أيام ذل وعار وكنا في الوحل وكأنهم أعداء لهذا الوطن والجيش العظيم رغم إنها كانت أيام مجد وبطولات وتضحيات بلغت حدود الأساطير أبقيت قواتنا كبيرة وعظيمة مرفوعة الرأس وحتي يوم العبور العظيم ! ومنها إلى المكانة التي تستحقها قوات المدفعية حيث تحتل المركز الرابع عالميا !
تاريخنا.. الذي عبثت به الأيدي الخبيثة الشريرة تزييفا وتزويرا.. تشويها وتجريحا.. سوف يكتب كاملا.. صحيحا وحقيقيا.. تقدر فيه ليس فقط كل قطرة دم بل كل حبة عرق قدمت لمجد هذا الوطن وشعبه !
كل عام وابطالنا بكل خير..