حكاية أول مصنع للسجاد اليدوي في مصر وقصة اللود مارش | فيديو وصور
بداخل أحد الشوارع الرئيسية فى حى حدائق القبة بمحافظة القاهرة، توجد لافتة كبيرة على أحد جانبى الشارع تحمل اسم "مصنع القطان"، تقودك الى الداخل فتجد نفسك أمام أقدم وأول مصنع للسجاد اليدوي في مصر، حيث تحمل جدران هذا المبنى الأثري والتاريخي أسرار كثيرة عن صناعة السجاد اليدوى عبر الزمن لعائلة القطان.
عندما تتجول داخل كل ركن وممر بالمصنع تفوح منه رائحة التاريخ وقد اختلطت برائحة النسيج، لتجد امامك ايضا أكوام متراصة من السجاد اليدوي المصنوع بحرفية ودقة عالية، مع تواجد الحفيد محمد القطان والمدير الحالي للمصنع، الذى مازال يعمل خشية اندثار مهنة السجاد اليدوي دون أن يفكر يوما في إغلاق أبواب المكان استسلاما لحالة الكساد أو الركود التي تعانيها الحرفة في وقتنا الحالي.
المبنى تم إنشاؤه منذ عصر الأسرة العلوية أي منذ حوالي 200 سنة. هكذا يحكى لنا محمد القطان الحفيد والمدير الحالى للمصنع قائلا: جدي أحمد فهمي القطان بك اشترى الأرض سنة 1930، وخصصها للمصنع وتولت والدتي من الجيل الثاني إدارته بعد وفاته في الخمسينات.
وأشار إلى أنه هذا المكان مسجل على قائمة الآثار. وأثناء جولتنا داخل المصنع شاهدنا مكتب الجد الذي لا يزال الحفيد محافظًا على مقتنيات المكان كما هي، حيث أشار مبتسما الى أحد مكونات المكتب على سبيل المثال “المروحة ذات الطراز القديم ”قائلا انها مازالت تعمل حتى الآن، وبدأ يستعرض معنا مقتنيات المكتب الذى مازلت كما هى منذ عام 1930
يجلس القطان ليحكى لنا عن تاريخ المكان الأثري من داخل مكتب الجد، حيث يطلعنا على بعض الفواتير القديمة المكتوبة بخط اليد لبيع معروضات من السجاد اليدوي من إنتاج المصنع، وايضا بعض المجلات القديمة والتى يعود تاريخها إلى الثلاثينيات من القرن الماضي.
ويقول القطان الذي تولى إدارة المصنع بعد تقاعده من عمله بالقوات الجوية أثناء حديثه مع “فـيتو”: "مازلت متمسكا بهذه المهنة بسبب حبى الشديد لها، وهذا رغم العديد من التحديات والأزمات التي ما زالت تواجه المهنة سواء ندرة العمالة أو تداعيات أزمة كورونا أو حالة الكساد فالمصنع ما زال مفتوحا ومستمرا فى إنتاج وتصنيع السجاد اليدوى".
القطان أول مصنع متكامل للسجاد اليدوي بمصر
ويحكى لنا القطان عن ذكرياته داخل هذا المكان قائلا: هذا أول مصنع متكامل للسجاد اليدوى في مصر، ويبدأ التصنيع بداية من فروة الخروف مرورا بـ الصبغة والغزل وتصنيع السجاد وتجهيزه فى نفس المكان.
وننتقل اثناء الحديث مع القطان من المبنى الأثري إلى أروقته الداخلية، ويروي “القطان الحفيد” مراحل تصنيع السجاد اليدوي، التي تبدأ من غرفة الرسم داخل المصنع " ورسمة على ورق أبيض مربعات بواسطة رسام سجاد متخصص كل مربع منهم يمثل عقدة على النول، ويراعي في تصميم الشكل مساحة السجادة المطلوبة، يتولى من بعده العامل المحترف من خلال وضع الخيوط على النول.
وعن انواع الخيوط المستخدمة قال محمد القطان انها تتنوع سواء كانت قطن أو صوف أو حرير، ثم يبدأ العامل المحترف محاكاة شكل الرسمة بالخيوط ليعزف على أوتار النول بأصابع يديه وشغله الحرفى المتقن، لتبدأ مرحلة أخرى ويتولى من بعده شخص آخر يقوم بقص الزوائد من السجادة وصولا إلى مرحلة التنعيم الأخيرة والسرفلة حتى تكتمل السجادة كـ “لوحة فنية”.
المصنع يضم ماكينات غزل صوف يعود تاريخها إلى عام 1934
وما زلنا فى جولتنا داخل أروقة المصنع والذى يضم ماكينات غزل صوف.. ويشير القطان بيديه أثناء حديثه معنا إلى "اللافتة المعدنية المثبتة أعلى إحدى الماكينات" التى تحمل عبارة: "ماكينات غزل إنجليزي- 1934"، مدونة باللغتين العربية والإنجليزية.
ويصف الحفيد الماكينات النادرة، بأنها تراث وذكرى وتاريخ لم يعد لها مثيل في عصر النسيج الحالي ويقول ان هذه الماكينات إنجليزية لم تعد موجودة حاليا، حيث كانت تعمل منذ فترة الثلاثينات وتم وقف العمل بها في فترة الثمانينات بعد شكوى السكان من صوتها العالى.
وقال القطان : مصنعنا شارك في معارض السجاد العالمية فى “ ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، حتى اشتهر سجاد القطان ووصل صداه إلى قصر اللورد مارش البريطاني، ابن عم ملكة بريطانيا”.
وقال انه طلب منهم صنع سجادة يدوية فرعونية خصيصا لقصر اللورد مارش البريطاني، استغرق إعدادها أكثر من عام كامل، وخرجت فى موكب كبير، لتستقر في غرفة الطعام بالقصر البريطاني، لافتا الى أن المجلات والصحف البريطانية تطرقت لهذا الموضوع حينها.
القطان ذات تاريخ منذ 90 سنة
ويستكمل القطان: ولدت فى هذا المكان وعشت فيه عمرا وهذا المكان منذ 90 سنة وكان لابد أن أحافظ على هذا الكيان واسمه وتراثه فى هذا المجال.