رئيس التحرير
عصام كامل

المخرج اللبنانى سعيد الماروق: بحب الألغاز في الأعمال الدرامية.. وبرتاح مع سيرين عبد النور ( حوار )

المخرج اللبنانى سعيد
المخرج اللبنانى سعيد الماروق ( أرشيفية )

"حلم العمر".. أظهر الوجه الحقيقى للبنان.. وانتظروا الجزء الثاني
المنصات الرقمية ستكتب شهادة وفاة المسلسلات بشكلها التقليدى باستثناء شهر رمضان
الوضع مؤسف جدا فى لبنان.. وهناك طبقة فاسدة لا يهمها سوى الجشع


ولد في بيروت لأبوين لبنانيين أصمّين، فأتقن لغة الإشارة، كما أتقن عدة لغات منها الإنجليزية والصربية والألمانية والكراواتية، غادر لبنان – وفقا موسوعة ويكيبيديا - بسبب الحرب الأهلية اللبنانية، درس الإخراج في أكاديمية السينما في العاصمة اليوغوسلافية بلغراد عام 1990 وبسبب الأوضاع السياسية الصعبة هناك، قرر إكمال دراسته في ألمانيا عام 199.


عمل بمهن قد تكون بعيدة عن مجال شهرته، فكان مراسل كاميرا لمحطات التليفزيون الألماني لعدة أعوام، أخرج أول خمسة أغاني مصورة لـخمسة فرق غنائية ألمانية بـ عام 1996 حتى 1999، عمل على إخراج المباريات والبرامج التلفزيونية وإخراج إعلانات تلفزيونية لمهرجان مسقط وتركيا وفي عام 1997 حتى 2000 عمل على إخراج أهم الحفلات الغنائية والمهرجانات، ليتطور عمله الفني إلى مدير لمكتب شبكة راديو وتلفزيون العرب خلال العامين 1996 و1999، عاد بعدها إلى بلده وخاض تجربة إخراج الاعلانات التلفزيونية، ومنها بدأ الدخول إلى عالم الفيديو كليب من بوابة مهنة ريجسير في كليب أغنية قيصر الغناء العربي كاظم الساهر “زيديني عشقا”. 


انطلاقته في إخراج الأغاني المصورة كانت عام 2000 من خلال تولّيه إخراج أغنية “دللني” للفنانة هويدا يوسف، مر بأزمة صحية حيث تدهورت حالته لدرجة اختفاء صوته، مما أجبره على زيارة الطبيب الذي طلب منه إجراء فحوصات عدة، تبين من نتائجها وجود سرطان في الغدد اللمفاوية الموجودة في القصبة الهوائية، وهي التي تؤثر على الأوتار الصوتية وقرر الطبيب المشرف على حالته معالجة ورم الغدد اللمفاوية بالـعلاج الكيماوي والإشعاعي لمدة ستة أسابيع في لبنان، ومن ثم استكمال العلاج في ألمانيا وتعافى منه لاحقا


تزوج عام 2005 من المخرجة جيهان متروك، ورزق منها بولد وبنت عام 2011 وانفصل عنها في مايو 2020، غارق فى حب السينما إلى درجة العشق، حينما قرر تقديم مسلسل للمرة الأولى أخرجه بطريقة سينمائية فكانت النتيجة مسلسلًا لبنانيًّا بنكهة عالمية.


إنه المخرج اللبنانى سعيد الماروق الذى سبق وأخرج أنجح الكليبات لأهم مطربى العالم العربى وقدم للسينما المصرية فيلم 365 يوم سعادة وفيلم الفلوس.. ومؤخرًا اقتحم عالم الدراما من خلال مسلسل الغموض والإثارة "دور العمر" الذى عُرض على إحدى المنصات الرقمية وحقق نجاحًا لافتًا للأنظار.. عن المسلسل وكواليس الإعداد له وإخراجه كان لـ "فيتو" معه هذا الحوار: 

*هل مسلسل "دور العُمر" كان بالفعل "دور العُمر" لسعيد الماروق؟
لقد استمتعت كثيرًا بمسلسل دور العمر، كما أنه كان فرصة بالنسبة لى، وتمكنت من التعبير عن نفسى من خلاله، فأنا أرى نفسى دائمًا قوى فى هذه المنطقة التى يدور المسلسل فى فلكها، حتى فى كليباتى كنت أفضل العمل على الجانب المظلم، ومعظم العروض التى كانت تأتينى وتحديدًا من مصر عروض لأعمال كوميدية، وكنت أحاول دومًا أن أخبرهم أن الأعمال الفنية التى تعتمد على الألغاز هى منطقتى، فأنا أحب لعبة الألغاز وأمتلك القدرة على أن أحكيها وأستطيع أن أصنع لها إحساسها و"مودها" من خلال العناصر الفنية المختلفة، مثل الإضاءة والديكور والموسيقى والتقطيع وحتى العدسات، ففى "دور العمر" قلبت العدسات لتحقيق تأثيرات معينة، فقد استخدمت العدسات الواسعة لتصوير اللقطات القريبة، واستخدمت العدسات الضيقة للقطات البعيدة، فعند استخدام العدسات الواسعة وتقريبها على الشخص يشعر المشاهد أن هذا الشخص "سايكو" ومريض، أي أننى اعتمدت على أن تخاطب الصورة اللاوعى لدى الجمهور لذا فإن المشاهد سيشعر بإحساس مختلف وهو يشاهد العمل.

*ما هى كواليس موافقتك على مسلسل دور العمر؟
فى ديسمبر، وبينما كنت أعمل على تصوير فيلم لبنانى يحمل اسم "ولا غلطة" فى بيروت، تواصل معى ناصر فقيه، مؤلف مسلسل دور العمر، وأخبرنى أن لديه نصا سوف يرسل لى منه حلقتين، وأنه يشعر أن لا أحد يمكن أنه يخرجه غيرى، فأرسل النص إلى وحينما قرأته وافقت فورًا.

*ما أكثر ما يميز دور العمر فى اعتقادك؟
فى الكواليس، أكثر ما ميز "دور العمر" هو فريق العمل والحب الكبير من الجميع، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل، أما أكثر ما يميزه كعمل فنى أنه تم تقديمه بطريقة مختلفة بعيدًا عن الكليشيهات وبدون مط أو تطويل، وأنه يتسم بالإيقاع السريع، ولقد قصدت هذا حتى أننى كنت أحذف 5 أو 6 دقائق وأعدل الحلقات فى المونتاج حتى يظل إيقاع المسلسل سريعًا.

*مسلسل دور العمر عمل لبنانى بامتياز.. هل كان هذا تحديًا بالنسبة لك؟
بالفعل، ممثلو مسلسل دور العمر جميعهم لبنانيون، وكنت أقصد هذا، وجميعنا كنا نقصد هذا، ولقد دخلنا هذا التحدى من منطلق "فلنعتمد على أنفسنا" وما أمتعنى بصفة شخصية هو محاولة تقديم شيئًا يراه الناس صعب أن ينجح.

*خلال أحداث المسلسل ظهر لبنان كبلد جميل ولكن يعيش به الكثير من الفاسدين.. هل قصدت أن يصل هذا المعنى للمُشاهد؟
نعم قصدت ذلك، وهناك إسقاطات كثيرة فى الصورة فى "دور العمر" قد لا يلحظها المشاهد فورًا، والمشكلة أن لبنان بلد جميل، ولكن هناك كمية فساد كبيرة، "زى ما يبقى الجحيم فى الجنة".

*ما سر اختلاف سيرين عبد النور أمام كاميرا سعيد الماروق؟
أنا "اشتغلت كتير" على سيرين، و"أحلى" ما فى سيرين عبد النور أننى حينما كنت أقول لها أي شيء كانت تقول لى "حاضر".

*ولماذا اخترت ثنائية سيرين عبد النور وعادل كرم؟
لقد بدأنا المشروع سويًّا، الكاتب وأنا والجهة المنتجة وسيرين عبد النور وعادل كرم، والاختيارات الأخرى للممثلين بعد ذلك كانت من اختيارى، وفيما يتعلق بـ"عادل كرم" كنت أتمنى "من زمان" أن يعمل أمام كاميرتى، لأننى أرى أنه يمتلك تفاصيل خاصة به أحبها، وبالنسبة إلى سيرين فهى صديقة منذ نحو 15 عامًا وفى كل مرة كنا نريد العمل معًا لم تكن الفرصة تسنح لذلك، حتى جاءت فرصة "دور العمر".

*هل المنصات الرقمية لها تأثير إيجابى على صناعة الدراما بعالمنا العربى فى رأيك؟
نعم، فالمنصات الرقمية ستساعد على تطور صناعة الدراما فى عالمنا العربى لأسباب عدة أبرزها أنها تقدم جرعة مكثفة للجمهور، مع إمكانية تقديم أكثر من موسم للمسلسل، وهناك احترام للوقت، فالمبدع لديه وقت مناسب لتسليم الحلقات بدون التعرض لضغط تسليم الحلقة فى يومين، بالإضافة إلى أنه لا يتم فرض مدة ثابتة للحلقات وذلك نابع من فكر المنصات فى تقديم إيقاع جيد فى الحلقة بغض النظر عن مدتها، فالحلقة التاسعة من دور العمر كانت 38 دقيقة والثالثة كانت 50 دقيقة، كما أن المنصات الرقمية أيضا تحترم لغة الصورة لأن جمهورها جديد وباحث عن شكل مميز، وهناك جيل شبابى جديد يدير المنصات يهتم بالملابس والديكور والمونتاج والموسيقى وجميع التفاصيل الفنية.

*إذن ومع هذه التطورات التى تشهدها الدراما.. هل ستعلن المنصات الرقمية وفاة المسلسلات بشكلها التقليدى؟
المسلسلات التقليدية ذات الـ 30 حلقة ستظل موجودة فى عالمنا العربى لسبب واحد فقط وهو شهر رمضان، لكن أعتقد خارج إطار رمضان سوف ينتهى هذا الشكل التقليدى للمسلسلات.

*ذكرت أنك أخرجت فيلمًا لبنانيا وقدمت مؤخرًا مسلسلًا لبنانيا.. هل تركيز سعيد الماروق حاليا ينصب فى العمل محليا فى لبنان؟
لا، فأنا أتلقى العديد من المشروعات من مصر والسعودية والكويت والأردن وسوريا ولبنان، وبالنسبة لى لا يهمنى المكان بقدر اهتمامى بالمحتوى الذى سأتمكن من تقديمه بشكل جيد، أو "الحدوتة" التى سأتمكن من أن "أحكيها حلو"، لأن دورى كمخرج يكمن فى "إزاى أحكى الحدوتة".

*سعيد الماروق عاشق للسينما.. ولكنك قررت أخيرا اقتحام عالم المسلسلات.. ما تقييمك للتجربة؟
عشقى الأول والأخير هى السينما، وفى "دور العمر" لم أكن أشعر أننى أصور مسلسلًا فقد كنت أعمل وأصور وكأننى أشتغل "سينما"، ولقد أخبرت فريق العمل أننى لن أصنع مسلسلًا بل سأقدم 10 أفلام متصلة ببعضها البعض، أي أننى قدمت الدراما بأسلوب سينمائى، حتى أننى اعتمدت على التقطيع السينمائى، وبالرغم من المجهود أكبر لأننى أقدم 10 حلقات إلا أننى كنت "مستمتعا"، وكنت "مبسوط" خاصة مع ظروف كورونا وتراجع التواجد السينمائى.

*إذن سنرى العديد من التجارب القادمة لسعيد الماروق فى عالم المسلسلات.
نعم بالتأكيد، فأنا أحببت التجربة.

*هل كنت تتوقع هذا النجاح الذى حققه مسلسل دور العمر؟
لا يمكن لأحد أن يتوقع نجاح عمل له، ولكننى كنت أجتهد وأعمل بصدق وبحب وبإحساس، فقد كانت هناك مشاهد تنزل معها دموعى وأنا أصورها وكنت أشعر بـ"تعب" حقيقى بسببها، خاصة مشاهد الأم وتعذيبها من زوجها، ومشاهد دار الأيتام ومشاهد سويسرا الخاصة بسيرين عبد النور ومشهد انتحار والدتها، والأغنية الخاصة بـ"الصيصان" هذه تفاصيل وضعت روحى بها.

*وهل هناك جزء آخر من المسلسل؟
لقد انتهينا للتو من المسلسل، ونسعى أن يتم تقديم جزء ثان، وسيعتمد هذا على القصة وكيفية تقديمها.

*أخيرا.. ما تعليقك على الوضع فى لبنان؟
"الوضع مؤسف جدا".. لا أعلم لماذا تتعامل بلادنا مع شعوبها بهذه الطريقة، نحن بلاد غنية و"حلوة" وتستحق أن نعيش فيها بكرامة، كما تستحق منا أن نمنحها كل ما نملك، وإنه لأمر محزن حينما نجد طبقة فاسدة لا يهمها سوى الجشع، والأمر المؤسف أكثر وأكثر حينما يتحدثون عن الموقع الدينى وكأنهم "يعرفوا ربنا"، فكيف يريدون حماية الموقع الدينى وهم لا يرون الأطفال الذين يموتون؟! لبنان الآن لا بنزين ولا مازوت ولا أدوية ولا كهرباء ولا خبز ولا مستشفيات ولا مدارس "ولا أي حاجة، إحنا بقينا ولا أي حاجة"، ومصر مشكورة بدعمها للبنان وبـ"وقفتها" إلى جانب لبنان بإرسالها الأدوية، طول عمرها مصر حبيبتنا، والشعب المصرى حبيبي، وأنا أعشق مصر وشعبها، ونحن بلد واحد وأشقاء.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
 

الجريدة الرسمية