رئيس التحرير
عصام كامل

19 سنة على رحيل مفيدة عبد الرحمن.. أول محامية مصرية وعربية

المحامية مفيدة عبد
المحامية مفيدة عبد الرحمن

استمرت نائبة بمجلس الأمة 17 عامًا

حصلت على ليسانس الحقوق.. وزوجها لم يحصل على الابتدائية

أنجبت 9.. وربتهم مع 5 من أبناء زوجها

أول سيدة تشغل منصب عضو مجلس إدارة بنك 

"كنت أعدّ لزوجي ملابسه وأمسح حذاءه بنفسي.. وكنت أرى في ذلك فخرا لي .."

 

فتحت الأبواب المغلقة أمام المرأة لتثبت وجودها.. فتحت باب الجامعة في الثلاثينيات أمام حواء وأبواب كلية الحقوق التي لم يكن يلتحق بها إلا صفوة الرجال، درست المحاماة في وقت لم تخرج فيه المرأة للعمل بالمحاماة، ولذلك كانت مفيدة عبد الرحمن ـ رحلت فى مثل هذا اليوم عام 2002 ـ أول محامية مصرية، وعربية أيضًا.


كما قيدت أمام محكمة النقض كأول سيدة في هذا المجال، ثم اقتحمت مجلس الأمة لتستمر عضويتها 17 عامًا عن قسم الأزبكية والظاهر، وهو رقم قياسى بين الرجال وفريد بين النساء.. إنها واحدة من رائدات الحركة النسائية فكانت نموذجًا للمرأة الناجحة.

 

وُلدت مفيدة عبد الرحمن عام 1914 بالدرب الأحمر، حصلت على ليسانس الحقوق لتكون أول فتاة تلتحق بكلية الحقوق 1935 وكانت وقتئذ أمًّا لأربعة أبناء، اتجهت كذلك إلى الاقتصاد فكانت أول سيدة تشغل منصب عضو بمجلس إدارة بنك، وكان ذلك عام 1962، وترافعت أمام المحاكم العسكرية، شغلت عضوية مجلس نقابة المحامين، استمرت في العمل العام تتصدى لمشاكل الأسرة لمدة تزيد عن ستين عامًا حتى بلغت الثامنة والثمانين من عمرها.

تزوجت الكاتب الإسلامي محمد عبد اللطيف الذى كان يمتلك مطبعة ويخط المصحف بيديه، وأنجبت 9 أبناء قامت على تربيتهم مع 5 أبناء للزوج من قبل ليصبح عدد الأبناء 14، ودام زواجها ما يقرب من نصف قرن قدمت فيها نموذجا للحياة الزوجية القائمة على الاحترام المتبادل والتضحية.

تقول: "عندما نجحت وصرت عضوة في البرلمان وفي مؤسسات كبيرة كنت أعدّ لزوجي ملابسه وأمسح حذاءه بنفسي.. وكنت أرى في ذلك فخرا لي ..".

عضوة بمجلس الأمة 

كانت أول سيدة تشغل منصب عضو بمجلس إدارة بنك، وأول سيدة مصرية تستمر عضوا بمجلس الأمة 17 عاما متصلة، وأول محامية في العالم العربى تترافع أمام المحاكم العسكرية العليا، وأول محامية تقيد بالنقض.

محامية تحت التمرين 

تحكي عن بدايتها في عمل المحاماة مع مجلة "سيدتي" عام 1987، فتقول: "عندما انتهيت من دراسة الحقوق كنت متزوجة ولديَّ خمسة أبناء، عملت في مكتب محاماة في الجمالية حيث موطن عائلة زوجى فقال الجميع: زوجة محمد عبد اللطيف تعمل محامية وشاع الخبر".


وكانت أول قضية ترافعت فيها قضية نجار اعتدى على سيدة بالضرب وسط حى الصاغة، وكانت هذه السيدة من فتوات الجمالية، وحصلت للسيدة على البراءة أمام النجار وسط زغاريد أهل الحى، وكنت وقتها محامية تحت التمرين، وكان أجري عن هذه القضية 10 بيضات في منديل.

40 قرشًا أتعابًا 

أما أول أجر نقدى فكان 40 قرشا في قضية نزاع على مسكن من الجيران.. المهم أننى لم أربح من المحاماة لأن طبيعتى غير مادية وكان أغلب ميراثى من ميراث أبى.
كانت أول قضية حقيقية وأول أجر تقاضيته لها قصة طريفة.. فقد جاءتني قضية من باب الله ولم يكن موكلى من أصدقائنا أو معارفنا، وإنما بعث به الاستاذ أحمد الشربيني المحامي، وكانت القضية من قضايا المخدرات والمتهم فيها ليس موكلى وحده انما كانوا أربعة، ونجحت فى القضية وأخذت البراءة لموكلي فجاء يشكرني فى مكتبى وقدم لى عشرة جنيهات، وفرحت بها لأنها كانت اول جنيهات أتقاضاها لأول قضية كبيرة في حياتى ثم جاء بعدها شقيقات العشرة جنيهات.

عن الحب في حياتها قالت مفيدة عبد الرحمن: عشت أسعد زوجة في العالم، وعرفت السعادة الحقيقية مع زوجي، فلا أذكر أنه وبَّخني يوما، ولا أغضبته يوما فقد كنت زوجة مطيعة، حاصلة على الليسانس في الحقوق، وزوجي لم يحصل على الابتدائية لكنه كان حافظًا للقرآن الكريم، وكان أديبا وشاعرا.

السعادة الحقيقية 

وأسعد أوقاتى كانت هي التي أقضيها يوم الجمعة بين أولادي وأحفادي وأحس بالعرفان لزوجي الذى منحنى الفرصة ومهد لى الطريق لكى أثبت ذاتى وأحقق طموحاتى، وأتذكر جيدًا مواقفه معي حين كان يسهر بجانب الأولاد إذا مرض واحد منهم لكى يمنحنى فرصة الاستذكار، وأنا ما زلت طالبة في كلية الحقوق، ولذلك فإننى أؤمن أن وراء كل امرأة ناجحة زوجًا متحضرًا يؤمن بحق المرأة كإنسان. 

الجريدة الرسمية