نجل شاه مسعود يكشف عن شرطه الوحيد للتنحي وترك السياسة لحركة طالبان
تعهد أحمد مسعود، الذي أعلن نفسه زعيما للمقاومة الناشئة ضد طالبان في وادي بنجشير، بمقاومة الحركة، وتحقيق ”حلم والده“ في أفغانستان، لكنه أكد أنه ”سيتنحى ويترك السياسة“ مقابل شرط واحد.
الاستقلال الكامل
جاءت تصريحات مسعود في مقابلة نشرتها مجلة ”فورين بوليسي“، الثلاثاء، بالتزامن مع تغريدة للمتحدث باسم طالبان، هنأ فيها أفغانستان بـ“الاستقلال الكامل“ عقب انسحاب آخر جندي أمريكي.
ولا يزال وادي بنجشير، الواقع شمال شرق كابول، المنطقة الوحيدة في أفغانستان التي لا تخضع لسيطرة طالبان، رغم أنه محاصر بشكل كبير، وتم قطع الاتصالات عنه، ولا يزال هناك قتال شرس على أطرافه.
وكان المناضل الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، القائد السابق في التحالف الشمالي، قد عمل على ضمان ألا يسقط وادي بنجشير في أيدي طالبان، خلال فترة حكمهم التي استمرت سابقا بين عامي 1996 و2001، والآن يبدو أن التاريخ يعيد نفسه مع ابنه أحمد مسعود في هذا ”الوادي الأسطوري“، بحسب ”فورين بوليسي“.
وأعلن أحمد مسعود الوادي ملاذا آمنا من حكام أفغانستان الجدد، ويقول إنه يفعل ذلك بناء على طلب شعبه (الطاجيك المستقلين)، الذين أبقوا الوادي مغلقا أمام معظم الغرباء، منذ دخول الولايات المتحدة العام الماضي، إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مفاوضات مع طالبان، ما أدى إلى منحهم الشرعية، وتقويض الحكومة الأفغانية والجيش، وساهم في انتصار المتمردين.
المقاومة الوطنية
وبحسب ”فورين بوليسي“، ”يقول متمردو بنجشير، الذين يطلقون على أنفسهم جبهة المقاومة الوطنية، إن لديهم عدة آلاف من المقاتلين، بالإضافة إلى معدات عسكرية لدعم معركتهم، من أجل الحكم الذاتي. ووصلت المفاوضات مع طالبان لإدراج الجبهة في حكومة مستقبلية إلى طريق مسدود، مع عدم استعداد أي من الجانبين لتقديم تنازلات“.
ونقلت المجلة عن أحمد مسعود قوله إنه لا يتلقى أي دعم خارجي، في حين أن السناتور ليندسي جراهام، والنائب مايك والتز، عضوا مجلس الشيوخ والنواب عن الحزب الجمهوري الأمريكي، طالبا بلدهما مطلع الأسبوع الجاري بالاعتراف بمسعود ونائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، أنهما يمثلان الحكومة الشرعية في أفغانستان.
السلام أولا والحرب مفروضة
وفي إجاباته عن الأسئلة التي تلقاها من المجلة عبر البريد الإلكتروني، أكد مسعود أنه ”يسعي لتحقيق السلام أولا، والعمل على تجنب الحرب والصراع“.
وأضاف: ”كان نضالنا طوال 50 عاما من أجل السلام. والحرب كانت دائما مفروضة علينا. ومع ذلك، فإن السلام لا يعني الاستسلام، والسماح باستمرار الظلم وعدم المساواة في أفغانستان“.
وتابع: ”إذا كانت طالبان مستعدة للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة، حيث يتم توزيع السلطة بالتساوي، عندها يمكن التحرك نحو تسوية مقبولة للجميع. أي شيء أقل من هذا لن نقبله، وسنواصل نضالنا ومقاومتنا حتى نحقق العدل والمساواة والحرية“.
وفي رده على سؤال حول إن كان الأفغان سيؤيدونه، قال مسعود: ”بالطبع، إنني أملك الدعم الشعبي.. لن يسمح شعبنا للمعتدين بغزو مقاطعتهم والسماح لهم بإخضاعنا، لهذا السبب، طلب مني الناس بدء التعبئة قبل عامين، بالتحديد في 5 سبتمبر 2019، عندما علموا بأن عملية السلام في الدوحة ستؤدي في النهاية إلى الوضع الحالي“.
وأكد أنه ”من دون دعم شعبي، لم يكن من الممكن إطلاقا تشكيل المقاومة في وادي بنجشير“.
ليست حربا أهلية
وحول احتمال انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية، قال أحمد مسعود: ”لا أرى أن هذه حرب أهلية، هذه حرب مفروضة علينا، بواسطة جماعة تعتمد على عدد من الدول، وليست حركة قومية مستقلة“.
وأضاف: ”إذا كانت طالبان مستعدة لتقاسم السلطة مع الجميع، وإقامة العدل والعمل على المساواة في الحقوق والحريات لكل الأفغان، فإنني في تلك الحالة سوف أتنحى، وأترك السياسة تماما“.
وأشار أحمد مسعود إلى أن ”الصراع في أفغانستان له أبعاد إقليمية وعالمية، حيث تستخدم دول المنطقة أفغانستان في التنافس بينها، وكانت على استعداد لتمويل الوكلاء للقتال ضد بعضهم البعض في أفغانستان نيابة عنهم“.
وأشار مسعود إلى أن هناك ”عمليات إعادة اصطفاف حدثت في السنوات القليلة الماضية، حيث دفعت حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، العديد من دول المنطقة إلى الوقوف بجانب طالبان، نتيجة خطابها القومي العرقي، ما أدى إلى استفزاز جيران أفغانستان، وإثارة عدائهم، واقترابهم أكثر من طالبان“.
وأردف بالقول: ”السبب الآخر الذي جعلهم يقتربون من طالبان هو وجود الولايات المتحدة، وأنهم كانوا قادرين على إلحاق الضرر بأمريكا وحلف شمال الأطلسي، الناتو، من خلال دعم التمرد“.
وقال مسعود: ”تنظر الصين إلى طالبان على أنها عامل استقرار، وإلى أفغانستان كدولة يمكن أن تكون بمثابة جسر بري يربط بينها وبين إيران بسهولة. وتعتقد بكين أن بإمكانها ممارسة نفوذها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحدي الولايات المتحدة إذا كانت مرتبطة بإيران عبر أفغانستان. لهذا السبب، فهم على استعداد للاعتراف بحركة طالبان ودعمها“.
وختم مسعود مقابلته مع ”فورين بوليسي“ بقوله: ”أملي أن تكون أفغانستان دولة يتم فيها توزيع السلطة والموارد بالتساوي، ويتمتع المواطنون بجميع حقوقهم وحرياتهم، مع إقامة العدالة الاجتماعية، وإحياء الإسلام الوسطي، وتعزيز التعددية السياسية والثقافية، ويتم من خلالها الحفاظ على الديمقراطية“.
وأضاف: ”أعتقد أنه لا تزال هناك فرصة في أن تتحقق كل هذه الآمال مستقبلًا، وأن المقاومة ستكون قادرة على تحقيق حلم والدي في أفغانستان“.