دين الأزهر ودين طالبان.. أفكار المنبر الشريف تعارض الإرهاب وتحارب خفافيش الظلام
مع عودة حركة طالبان لسدة الحكم مرة أخرى فى أفغانستان، ظهرت بعض الأصوات التى هاجمت الأزهر الشريف ومناهجه وعملت على إيجاد مساحات مشتركة بين المؤسسة الدينية الأكبر فى العالم الإسلامى، وبين الجماعة التى أعلنت أنها عادت لتقيم نظاما "إسلاميا" متكاملا فى بلد لم يهدأ خلال العقود الأخيرة من نيران الصراعات بين مقاتلى الحركة والقوات الأفغانية مدعومة بالقوات الأمريكية، لتنتهى فصل جديد من فصول الصراع الدامى بين المعسكرين بعودة طالبان للحكم مرة أخرى.
المنهج الأزهري
ولا بد هنا من ذكر أن المنهج الأزهرى يقوم على الفكر الأشعري، وهى فرقة تنتسب إلى الإمام أبى الحسن الأشعرى، وينتهى نسبه إلى الصحابى أبى موسى الأشعرى وكان من كبار الأئمة المجتهدين والمجددين لعقيدة المسلمين على مر العصور ويتبعه جماهير العلماء من مشارق الأرض إلى مغاربها من ذلك الوقت وحتى يومنا الحاضر، أما الماتريدية والتى يذهب البعض إلى تصنيف "طالبان" أنها تتبع هذا النهج فهى فرقة كلامية تنسب إلى أبى منصور الماتريدى المتوفى سنة 333هـ، وخلافهم مع الأشاعرة محصور فى مسائل يسيرة أوصلها بعضهم إلى ثلاث عشرة مسألة، والخلاف فى بعضها لفظى.
فيما يرى رأى آخر أن طالبان حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفى، وتعتبر الحكم الشرعى فى مذهبها حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان -حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها- واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه، وتعلم أفراد الحركة فى المدارس الدينية الديوبندية - نسبة إلى قرية ديوبند فى الهند-، وتأثروا بالمناهج الدراسية لهذه المدارس، الأمر الذى انعكس على أسلوبهم فى الحكم.
محاربة أفكار طالبان
لكن لماذا الربط؟.. بالنظر إلى الأصوات التى عملت على إيجاد الربط بين منهج الأزهر "الأشعري" ومنهج طالبان متعدد الخلفيات" على القول بأن هناك اتفاقا فى بعض الأفكار بين ما يتم تدريسه فى الأزهر وبعض المعتقدات التى تقوم على أفكار تنظيم "طالبان"، وفى هذا الإطار يقول الباحث فى الحركات الإسلامية سامح عيد: لا يوجد تطابق بالمعنى الحرفى بين منهج الأزهر الفكرى وطالبان لكن يمكن القول: إن هناك "تقاطعا" بينهما خاصة أن الحديث عن فكرة الخلافة الإسلامية والشريعة التى يؤمن بها بعض التيارات داخل الأزهر الشريف.
كما سبق للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رفض الحديث فى مسألة التراث، وتحدث فى أكثر من مناسبة عن الخلافة الإسلامية، وتراجع الأمة بعد العدول عن فكرة الخلافة، وهذا المنطق هو الذى تنطلق منه داعش، وطالبان، كما أن الحديث متواتر داخل أفكار تنظيم الحركة، الذين هم فى الأساس كانوا طلاب شريعة، والمناهج التى كانوا يدرسونها كانت يتم تدريسها بشكل أو بآخر داخل مؤسسة الأزهر الشريف، خاصة فيما يتعلق موضوعات تطبيق الشريعة وشموليتها وصلاحيتها للحكم فى كل زمان ومكان.
وأضاف " عيد" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو": العناصر التى سبق ذكرها تدل على هناك مساحات مشتركة يمكن تسميتها بين منهج الأزهر وطالبان، على الرغم من عدم صلاحية الفكرة أو قابليتها للتطبيق فيما يتعلق بالمعتقدات التى تمثل أرض مشتركة بين الجانبين، لافتا إلى أن الأزهر يعد مخترقًا من تيارات تنظيمية راديكالية من بعض التيارات الدينية المختلفة، وذلك مع وجود تيار إصلاحى كان يمثله عدد من العلماء منهم الإمام محمد عبده وحمدى زقزوق وحاول هذا التيار تقديم آراء معاصرة تتوافق مع العصر الحالى، سواء فيما يتعلق بمسائل المرأة أو غيرها، ولكن هذا لا يمنع من وجود تيار "راديكالي" داخل مؤسسة الأزهر يتطابق مع طالبان وداعش.
وأوضح "عيد" أن حركة طالبان على المستوى الفكرى تأثرت بعدم تعلم أفرادها اللغة العربية واقتصار غالبيتهم على اللغة الأم "البشتونية" وذلك تعلموا بعض العلوم الشريعة البسيطة المترجمة إلى لغتهم، ويصعب هنا تصنيفهم تحت مظلة منهج فكرة محدد مثل الأشاعرة أو السلفية، خاصة أن لديهم قصور فى العلوم الشريعة، لكن يمكن القول بأنهم أقرب إلى السلفية الجهادية.
مؤكدا أن علماء الأزهر وأن تبروء إعلاميا من تبنى أي أفكار لحركة طالبان فإنهم فى النهاية يؤيدون الأفكار التى تقوم عليها الحركة، وربما يكون هناك حالة من الوعى التى نمت مؤخرًا لدى خريجى الأزهر من الانتماء إلى هذه التيارات إلا أنه يمكن القول إن هناك بعض المسائل التى يتم الاعتقاد فيها والتى تمثل أرضية مشتركة بين هذه التنظيمات، ومع حدوث أي لحظة توتر يمكن أن ينجذب هؤلاء الشباب إلى تلك الجماعات، وذلك لا بد من دعم صحوة التيار التنويرى داخل المشيخة وتطوير المناهج لتحصين الطلاب من خطر هذه الأفكار.
كذب وافتراء
من جانبه رد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والمستشار العلمى لمنظمة خريجى الأزهر الشريف، أن على الذى يحاول الربط بين الفكر الأزهرى وفكر طالبان، أن يقدم لنا الفكرين ولن يعلن ذلك ليكون كلامه جديرا بالرد، فنحن علماء الأزهر لا تعنينا التهويمات والتعويضات وليس عندنا من الوقت ما نضيعه فيما لا يفيد.
وأضاف "الهدهد" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو" معروف أن فكر تنظيم القاعدة يتماس معه كثير من فكر طالبان ولكن طالبان الجديدة ليست هى طالبان القديمة، فجزء كبير منهم اعتنق فكر تنظيم داعش الذى يقوم على تكفير الحكام وأعوانهم ومن يوافقهم من شعوبهم وبهذا يستوجبون الخروج عليهم وحمل السلاح واعتبار قتالهم ضرورة، لافتا إلى أن كل هذه الأفكار متشابهة إلى حد كبير مع طوائف من الخوارج الذين بدأت أول طائفة منهم بالخروج على أمير المؤمنين سيدنا على وتكفيره وحمل السلاح ثم تفرقوا من بعد ذلك نحوا من عشرين فرقة.
وأتم "الهدهد": "ما زلت أكرر على من يحاول الربط أن يذكر دليلا واحدا، وأن يكون شجاعا فى إعلان ما يقول، أما أن يفترى ويكون كطواحين الهواء فهذا غير مقبول، فالأزهر صمام أمان الأمة، وسيظل بإذن الله كذلك، مدافعا عن الإسلام مهما زعق الزاعقون".
نقلًا عن العدد الورقي…،