رئيس التحرير
عصام كامل

مطبلاتية الحكومة

يقينى أن كثيرا ممن يحتلون مناصب وزارية فى هذا البلد باتوا يشكلون خطرا على النظام أكثر من أعدائه، نظرا لانفصالهم التام عن الشارع وافتقادهم لواقع ما يعانيه المصريين من أزمات، وإصرارهم على إصدار قرارات ومشروعات قوانين تزيد من معاناة المواطن.. تلك كانت إجابتى المباشرة على اتهام وجهه لى صديقى المنحاز على الدوام لكل قرارات الحكومة، بأنني دائم الهجوم على حكومة الدكتور مصطفى مدبولي دون داع.

ولأن صديقي يرى فى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى النموذج المثالى الذى افتقدته مصر على مدار عصور، فقد رأى في نهج النقد تربصا لا يتفق والإنجازات التي تحققها الحكومة يوميا في الشارع المصري.

 

 

فقلت له: اعتقد يا صديقي أنك وكثيرا من وزراء الحكومة الذين ضاقت صدورهم بالنقد قد غاب عنكم أن الصحافة كانت ومازالت جزء من النظام، وليست عدو للنظام، بل كانت ومازالت عين النظام التى ترى وترصد، لا بهدف الهدم والهجوم، ولكن بهدف البناء والإصلاح.. أى أن الصحفى الذى يوجه نقدا للحكومة يا صديقي أكثر وطنية وحبا وحرصا على هذا الوطن من الآف المطبلاتية من معدومي الموهبة، الذين يصفقون ويهللون ويفردون صفحات لعرض مواد لا تقرأ، من أجل نيل الرضا وتقلد مناصب على حساب أصحاب الكفاءات.

قرارات الحكومة

قال: وهل معنى هذا أنك لا ترى لتلك الحكومة إنجازا؟

قلت: من يستطيع أن يقول هذا، وقد حققت تلك الحكومة على أرض الواقع ما لا ينكره إلا جاحد، بل وانجزت على الصعيد الاقتصادي والسياسي والخدمي ما لم تنجزه أنظمة كامله على مدار عقود.

 

قال: إذا كنت تعترف بانجازات الحكومة فلماذا إذا سهام النقد التي توجه إليها بين الحين والآخر؟

قلت: للأسف يا صديقى أن واقع القرارات ومشروعات القوانين التي صدرت وقدمت للبرلمان من الحكومة خلال الشهور الماضية، تؤكد أن تلك الحكومة أغلب اعضائها لديهم انفصال كامل عن واقع ما يعانيه المواطن الفقير، الذى تحمل دون ملل طوال السنوات الماضية التبعات الثقيلة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، إلا انه بات خلال الشهور الأخيرة لديه قناعة أن الحكومة تلاحقه وتحاصرة لمجرد جمع الأموال، وهى إجراءات تنعكس بالسلب وللأسف على النظام بأكمله.

قال: ماذا تقصد بالتحديد؟

قلت: هل يعقل يا صديقى أن تتبع الحكومة كل قرارات رفع الدعم عن المحروقات والخدمات بقانون التصالح في مخالفات البناء، الذي ما كاد المواطن يفيق من أعباءه، حتى تلاحقه بقانون الشهر العقاري الذي تدخل الرئيس وأوقف العمل به لمدة عامين، ورغم ذلك تصر الحكومة على فرض العمل به ضمن شروط منظومة البناء الجديدة، ثم تعقب ذلك بقرارات رفع أسعار الكهرباء والمياه، وزيادة رسوم كثيرا من الخدمات الحكومية بموجب مشروعات قوانين اقترحتها الحكومة ووافق عليها البرلمان.

تخفيف العبء عن المواطنين

قال: ولكن كل ما تتحدث عنه كان لابد أن يتم منذ سنوات وأهملته أنظمة سابقة.

قلت: نعم هذا صحيح، إلا أن ذلك يجب أن يأتي بشكل تدريجى لا يرهق كاهل المواطن الفقير، الذى أصبح لديه يقين أن الحكومة تفرض عليه جبايه دون وجه حق، مثلما تفعل وزارة الكهرباء، التى تتعمد نقل المواطنين من شرائح أقل إلى شرائح أعلى وتحصيل مبالغ شهرية باهظة لا طاقة للمواطن بها.

للأسف يا صديقي أنه يوجد فى تلك الحكومة من ينتهج ثقافة غير أمينة تفتقد للشفافية فى العرض، لا تهدف سوى للحفاظ على مناصبهم، بصرف النظر عما سيلحق بالبلاد والنظام من أضرار، بدليل العجز الكبير في إيرادات قطاعات الكهرباء والمياه والغاز الطبيعى والشهر العقارى بسبب القرارات والتشريعات الغليظة، التي فتحت الباب على مصرعيه للمرتشين للتلاعب بالمواطنين والالتفاف على الطرق الرسمية.

صديقي، لا ينكر حجم الإنجاز الذى يتم على أرض مصر إلا جاحد أو حاقد أو عدو، غير أن خطورة المرحلة ونوايا المتربصين في الداخل والخارج تفرض على الحكومة ضرورة إعادة النظر في كثير من القرارات والتشريعات التي صدرت خلال الشهور الأخيرة، وتخفيف العبء عن المواطن الفقير الذي إنحاز لمصريته في 2014، وتحمل بصدر رحب كل التبعات الثقيلة لقرارات الإصلاح الاقتصادي.. وكفى.

الجريدة الرسمية