دلتا بلس وكورونا.. اربط حزام الأمان
الحرص على ارتداء الكمامة.. الابتعاد عن الأماكن المزدحمة.. غسل اليدين بالماء والصابون جيدًا.. عدم المصافحة باليد.. تناول الخضروات والفواكه في الوجبات اليومية لأنها غنية بالفيتامينات التي تقوي الجسم وتعزز المناعة ضد الأمراض.. تناول كوب من الماء على الأقل كل ساعة حتى لا يتعرض الجسم للجفاف. هذا ما فعلناه منذ بداية جائحة كورونا المستجد (كوفيد -19)، وعلينا الإستمرار بنفس الإجراءات الاحترازية ومواصلة ما بدأناه بكل جدية وحسم، مع التأكيد على أهمية أن نحمي أنفسنا وأهلنا وأصدقاءنا، قبل أن نصل إلى أن يكون التطعيم إجباريًا، خاصة بعد أن أعلنت الحكومة بشكل رسمي هذا الأسبوع عن بداية الموجة الرابعة لفيروس كورونا في مصر، لتدق ناقوس الخطر، وترفع مستوى المخاوف في المجتمع المصري من المرحلة المقبلة، فعلينا جميعًا الاستمرار في ربط حزام الأمان حتى نخرج بأمان.
كل ما سبق من إجراءات ضروري جدًا بل يصل إلى درجة الإلزام، مع أهمية الحصول على اللقاح. ورغم أن الكثير من أفراد الشعب سجلوا ولا يزالون على قائمة الانتظار، إلا أن الدولة تسعى جاهدة لتوفير أكبر قدر من اللقاحات من النوعيات التي اعتمدتها هيئة الدواء المصرية، -وحسب وزارة الصحة والسكان- تم استلام أول مليون جرعة من لقاح (فاكسيرا- سينوفاك) المنتجة في مصر وتوزيعها على مراكز تلقي لقاح كورونا بمختلف أنحاء الجمهورية، والبالغ عددها 657 مركزًا على مستوى الجمهورية، من ضمنهم 145 مركزًا لتلقي اللقاحات للمسافرين، وتباشر هذه المراكز عملها من 9 صباحًا وحتى 9 مساءً.
فاكسيرا سينوفاك المصري
وكان قد تم الاتفاق على توريد المواد الخام لإنتاج لقاح فاكسيرا سينوفاك المصري، في شهر مايو عام ٢٠٢١، وتم تدريب الفرق الطبية والعاملين في شركة "فاكسيرا" بواسطة الخبراء الصينيين بشركة "سينوفاك" الصينية، والتي ساهمت في نقل تكنولوجيا تصنيع لقاح فيروس كورونا من جمهورية الصين، ضمن اتفاقية التصنيع، وتم بالفعل البدء في تصنيع جرعات لقاح (فاكسيرا- سينوفاك) في ٢٩ يونيو ٢٠٢١، حيث تم إنتاج 15 مليون جرعة من اللقاح وتم البدء في توريد أول مليون جرعة منها إلى المراكز الطبية اعتبارًا من 24 أغسطس الجاري.
ومن هنا، وفي ضوء عمل الحكومة على أن يتم تطعيم الصفوف الأولى (أطقم طبية.. كبار السن.. أصحاب الأمراض المزمنة.. المدرسين.. العاملين بالمطارات)، فإنه من الأهمية بمكان الإسراع في خطوات تطعيم المواطنين باللقاح، وذلك تجنبًا للسيناريو الأسوأ متمثلًا في تزايد حالات الإصابة بالمرض من جهة، وبدء ظهور حالات للعدوى بسلالات جديدة متحورة لفيروس كورونا، ومنها سلالة دلتا بلس، التي تم الإعلان عن ظهور بعض حالاتها في مصر مؤخرًا من جهة أخري، وقد صنفت منظمة الصحة العالمية متحور "دلتا بلس" بأنه "شديد الخطورة لسرعة انتشاره"، واستهدافه لفئات عمرية جديدة من بينها الأطفال، على عكس المتحورات الأخرى التي كانت تستهدف كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة.
وثمة مخاطر عدة سوف تترتب على تأخر الحصول على اللقاح وتطعيم المواطنين من بينها زيادة حدة الأعراض التنفسية الملازمة لفيروس كورونا، كما أن الوفيات لن تقل عما هي عليه، وذلك من شأنه أن يؤجل الرجوع إلى الحياة الطبيعية. وإذا كانت هناك إجراءات احترازية أيضًا أقل مما هي عليه الآن، فالتطعيم هام جدًا لأنه سيكون الحامي من طفرات الفيروس والعبور الآمن من هذا الوباء- حسب الخبراء والأطباء- ويجب على المواطن الخوف على نفسه وعلى أسرته والنجاة عن طريق التطعيم، فنحن أمام عدو جديد ودائمًا نقول إنه لا توجد أي قوانين مع كورونا.
خطورة المتحور دلتا
ومما يزيد من خطورة تلك المسألة ظهور متحورات جديدة لفيروس كورونا، ومنها متحور كورونا دلتا بلس الذي يصيب الأطفال فقد صرح مستشار السيد رئيس الجمهورية للشئون الصحية والوقائية بأن متحور كورونا دلتا بلس يصيب الأطفال، وفيروس كورونا نفسه يصيب الأطفال، ولا يوجد أي فئة لديها مناعة كاملة أو عدد إصابة أقل، مضيفًا: "صحيح الفيروس يكون أشد وأكثر انتشارًا لعدة فئات، بينها كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، لكن لم نصرح من قبل بأن الفيروس لا يصيب الأطفال، وبالتالي فالمتحورات أيضًا تصيب الأطفال، لكن تتفاوت حدتها وشدّتها وانتشارها"، "خلاصة الأمر أن الوباء موجود ولم يرحل بعد، وهناك متحورات جديدة ظهرت وتنتشر عالميًا وأي احتمالات قادمة ممكنة".
وتُعد سلالة دلتا أكثر خطورة من السلالة الأصلية للفيروس، وتفوق إمكانية الإصابة بها مقارنة بالأنواع الأخرى من متحورات فيروس كورونا بنسبة 50%، وهو المعنى الذي أكد عليه المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط، بقوله: "العدوى بدلتا تتسبب بمقدار ضعف العدوى التي تسببها السلالة الأصلية من الفيروس، كما أنه أكثر عدوى بنسبة 50% من سائر المتحورات المثيرة للقلق، وتشير الدراسات أيضًا إلى أنه حتى في حالة الإصابة بعدوى هذا المتحور، فهناك احتمال بعودة الإصابة مرة أخرى". مضيفًا: "أن أغلب المصابين بـ "متحور دلتا" من غير المطعمين، هم أكثر عرضة للإصابة بأعراض حادة تستدعي الاحتجاز في المستشفى، أما الذين تم تطعيمهم فإصابتهم بمتحور دلتا نادرة الحدوث وفي حال حدوثها تكون مصحوبة بأعراض خفيفة".، والأعراض لا تختلف كثيرًاعن أعراض فيروس كورونا العادي، وتتضمن أعراضه سيلانا في الأنف والتهاب الحلق وصداعا شديدا.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الصحة والسكان في مكافحة مرض فيروس كورونا في حدود الإمكانات المتاحة لها، إلا أن هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى التعاون فيها مع بعض الوزارات الأخرى في الدولة، ومنها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يؤدي إلى تفعيل الآليات التي لجأت الوزارة إلى تطبيقها في مكافحتها للمرض، ومنها تطبيق "صحة مصر"، وهو البرنامج الرسمي المعتمد من وزارة الصحة للتوعية والإرشاد عن كيفية الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وكذلك كيفية التعامل عند الاشتباه في الإصابة بالمرض. فهذا التطبيق – للأسف - تطبيق عقيم ويصعب الدخول إليه من قبل الكثيرين، وهو يحتاج مساعدة من خبراء في الاتصالات حتى يعمل بشكل جدي، خاصة وأن مصر تحتاج بشدة إلى هذا التطبيق، وهو برنامج مطبق مثله في كثير من الدول الصغيرة، لاسيما في ظل ما تشير إليه منظمة الصحة العالمية بأن كورونا ومتحوراته ربما تستمر مع الإنسان أعواما وأعوام.
دور الصحافة والإعلام
وبجانب دور وزارة الصحة والسكان في مكافحة كورونا، فلا يمكن غض النظر عن دور الصحافة وإعلام الدولة في التعامل مع الأزمة. وليس هناك شك في أن الإعلام لابد أن يكون ركنًا أساسيًّا في استراتيجية الدولة لمكافحة فيروس كورونا المستجد ومتحوراته. ويجب الاستفادة من الجهات الاعلامية المملوكة للدولة خاصة ذات الاتصال المباشر بالمواطن، فمثلا لابد من أن تبذل الهيئة العامة للاستعلامات - ممثلة في مراكز الإعلام الداخلي – قدر أكبر والاعتماد على كوادرها الإعلامية والتعاون مع الأطباء والخبراء ورجال الدين لتستعيد دورها في توعية الجمهور - خاصة الأرياف والنجوع - بالخطر الكبير الذي يمثّله فيروس كورونا، وأهمية وضرورة التجاوب مع الجهود الحكومية لحصاره ومنع انتشاره، وحثّ الجمهور على تلقِّي اللقاح، باعتبار ذلك هو الطريق الوحيد للتعافي من هذه الجائحة، وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وفي ظلِّ المرحلة الحالية أرى أنه من الضروري تخصيص قناة تليفزيونية لمكافحة كوفيد -19 ودحض الأكاذيب التي قد تنتشر في بعض المراحل، وهناك ضرورة ملحة لإعداد دورات تثقيفية حول الوباء وطرق مكافحته للإعلاميين ومقدمي البرامج للتعرف على المخاطر والمحاذير.. حفظنا الله واياكم وحفظ مصر وقيادتها الحكيمة.