رئيس التحرير
عصام كامل

من المسئول عن تحريف مقاصد الإسلام؟

على ضوء التجارب المريرة التي عاشها الوطن من جراء استخدام المساجد والزوايا في استغلال البسطاء والفقر والجهل لجذب المؤيدين بين التيارات الدينية المختلفة مما نجم عنه بث روح الفتنة والفرقة في الوطن الواحد وأدي لضياع كثير من أرواح المواطنين وتخريب الممتلكات نتيجة لتطرف الفكر المتشدد بغير علم، رغم عدم جواز استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية.

 

ولا يصح أن تكون بيوت الله محلًا للزج بها في الخلافات التي تنشب بين التيارات الدينية على أمور لا ترقى إلى جلال المساجد ورسالتها المضيئة، فالمسجد له من السمو والقدسية لتجميع المسلمين لا تفريقهم، ولم شمل الأمة بشعب الإيمان والفضائل لأداء حقوق الله والوطن واستلهام الرشد ما يجعله منزهًا عن كل دعوات التشدد أو الاستغلال السياسي بإسم الدين.

 

ووفقًا للقرار الجمهوري رقم 51 لسنة 2014 بشأن ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد استلزمت فيمن يمارس الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها الحصول على تصريح أو ترخيص من شيخ الأزهر الشريف أو وزير الأوقاف بحسب الأحوال.


القرار الجمهوري رقم 51


وفى ميدان الرقابة الحقيقية على خطباء المساجد والزوايا فإنها تقع فى المقام الأول على عاتق وزارة الاوقاف والعاملين المتخصصين بها الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الأوقاف ممن يمنحون صفة الضبطية القضائية بشأن تطبيق أحكام القرار الجمهورى لعام رقم 51 لسنة 2014

 

ويشترط في المجتهد شروطًا للصحة أهمها، أن يكون عارفًا بكتاب الله ومعاني الاَيات والعلم بمفرادتها وفهم قواعد اللغة العربية، وكيفية دلالة الألفاظ وحكم خواص اللفظ من عموم وخصوص وحقيقة ومجاز وإطلاق ومعرفة أصول الفقه كالعام والخاص والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والمحكم والمتشابه، وهي مسائل دقيقة للغاية تغم على عموم الناس من أدعياء الدين طالبي الشهرة ومثيرى الفتنة وجامعى الأموال والدين منهم براء، وهي في الحق تستلزم التأهيل في علوم الدين.

 

تشويه صورة المسلمين

 

علماء الأمة تواترت أراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة في المجتهد الذي يجوز له أن يفتى للناس في أمور دينهم ودنياهم، ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر في شأنهم أهلية الاجتهاد أو ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والإفتاء بدون علم، لما يترتب على ذلك من مآسي دينية ودنيوية أو الإساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب.

 

كما أن كبار الفقهاء الأوائل الذين أسسوا مدارس فقهية لها مناهجها العلمية فكانوا يتحرجون من الفتوى على عكس الأمر الحاصل الاَن من تجرؤ غير المتخصصين على الإفتاء الذين يجب عليهم الابتعاد عن دائرة الاجتهاد، حتى لا يصعب الأمر على المتلقى فى اختيار من يتلقى منه الفتاوى، ويجب أن يقتصر الإفتاء على العلماء الثقات الذين يجيدون الغوص فى بحر الاجتهاد المتلاطمة أمواجه القادرين على استنباط الحكم الشرعي المؤسس على فقه سليم.

 

وحاجة المسلمين في كل مكان إلى الإفتاء السليم الذى يربط بين العقيدة الصحيحة ومستجدات العصر في ظل الثورة العلمية التكنولوجية وما أفرزته من قضايا مستجدة، خاصة إزاء تقدم العلوم وتنوع التخصصات، فإن المسألة التى تتعدد فيها وجهات النظر وتختلف فيها الرؤى تكون بحاجة إلى نظر جماعي، أى الاجتهاد الجماعي لا الاجتهاد الفردي، تأسيسًا على أن المسألة الواحدة التى تنازعتها فتويان فإن الأمر يقتضى ترجيح واختيار الفتوى الأصوب والأرجح.

مقاصد الإسلام السمحاء

 

فالمسائل الخلافية التى تتعدد فيها اَراء العلماء لا يجوز أن ينفرد بالإفتاء فيها فقيه واحد، فيكون الاجتهاد الجماعى هو السبيل الوحيد للإفتاء فيها للعامة لترجيح واختيار الفتوى الأصوب والأرجح، فليس كل ما يعلم بين العلماء المتخصصين يقال للعامة وإلا أحدثوا فتنة وأثاروا بلبلة وعدم استقرار فى المجتمع الديني.

 

جاء ذلك عبر حكم قضائي مهم، وأنتهى إلى أنه نتيجة لإقدام غير المتخصصين من أهل العلم والفتوى على إصدار الفتاوى غير المسندة التي يبثونها عبر منابر العالم الافتراضي في وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر بعض المساجد والزوايا، ترتب أثارًا خطيرة سيئة على الأجيال الحالية واللاحقة، فيحرفون مقاصد الإسلام السمحاء، حفظ الله البلاد من أخطار شرور فتاوى دعاة التشدد والتطرف واستغلال الدين.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية