هل يجبر الاقتصاد الأفغاني المنهار طالبان على التفاوض؟
لا تزال الأحداث المتسارعة في أفغانستان، تسيطر على تقارير الصحف العالمية، إذ كان لها نصيب كبير من التقارير في الصحف الصادرة صباح اليوم الثلاثاء، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها حركة طالبان بعد سيطرتها على البلاد، بالإضافة إلى مخاوف محللين من استغلال متشددين لحالة الفوضى في تعزيز نفوذهم.
الاقتصاد الأفغاني
قالت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، إن الاقتصاد الأفغاني المفكك يضع حركة طالبان تحت ضغط كبير من أجل التفاوض، إذ لا تزال البنوك مغلقة، مع نقص كبير في الأموال، مع تعليق شحنات الدولار والمساعدات الخارجية.
وذكرت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني ”مع عدم وجود معارضة عسكرية تمثل خطرا كبيرا، فإن حكام طالبان الجدد في أفغانستان يواجهون تهديدا جديدا يتمثل بالانهيار الاقتصادي الذي يمكن أن يؤجج التحديات التي تواجه حكمهم، ويمثل ضغطا عليهم كي يتقاسموا السلطة مع أطراف أخرى“.
وأضافت: ”لا توجد حكومة شرعية في أفغانستان منذ هروب الرئيس الأفغاني أشرف غني ومعظم وزراء حكومته من كابول يوم الـ15 من أغسطس. وفي ثمانية الأيام التي تبعت ذلك، فإن البنوك ومكاتب الصرافة لا تزال مغلقة، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية، وتجمد النشاط الاقتصادي“.
ونقلت ”وول ستريت جورنال“ عن مواطن أفغاني مقيم في العاصمة الأفغانية، سبق له العمل كمسؤول مالي في شركة مقاولات، قوله ”الناس لديهم أموال، ولكنها في البنوك، وهذا هو السبب وراء توقف النشاط بشكل كامل في كابول“.
وتابعت الصحيفة ”لم تعترف أي دولة حتى الآن بالنظام الجديد في أفغانستان؛ ما يؤدي إلى أزمة اقتصادية يمكن أن تجبر طالبان على تشكيل حكومة شاملة ومعتدلة، تضم القوى السياسية المنافسة لها“.
تشكيل الحكومة
بدوره، قال عمر زخيلوال، وزير المالية الأفغاني السابق، الذي عاد إلى كابول هذا الأسبوع، للانضمام إلى مباحثات تشكيل الحكومة الأفغانية ”كلما أسرعنا في الوصول إلى تسوية سياسية، اقتربنا من إنقاذ أفغانستان من عواقب اقتصادية مؤلمة تلوح في الأفق. نعمل مع طالبان على إعادة الوجه الطبيعي لكابول مجددا، وفتح البنوك والمكاتب والوزارات مرة أخرى“.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه صندوق النقد الدولي، إن أفغانستان لم تعد قادرة على الوصول إلى مواردها، مع عدم وضوح الرؤية في المجتمع الدولي إزاء الاعتراف بحكومة في أفغانستان.
وأردفت قائلة: ”على العكس من الأنقاض التي كانت عليها أفغانستان عندما كانت حركة طالبان هي السلطة الحاكمة للمرة الأولى في عام 1996، فإن كابول أصبحت الآن مدينة متطورة، يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، حيث اعتاد جزء كبير من السكان على الحصول على رواتبهم من حسابات مصرفية، واستخدام الهواتف الذكية، ومشاهدة القنوات الفضائية، وتصفح الإنترنت“.
مخاوف من عودة الإرهاب
وفي سياق متصل، قالت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية، إن المتشددين يحاولون استغلال الفوضى في كابول، بحسب التحذيرات الصادرة عن مسؤول بريطاني كبير.
وذكرت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني ”تخشى وكالات الاستخبارات الغربية من أن تؤدي عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، إلى عودة ظهور الشبكات المتشددة مجددا في البلاد“.
وأضافت ”يستغل المتشددون المحتملون الذين يريدون إلحاق الأذى بالبريطانيين، فوضى عمليات الإجلاء في مطار كابول الدولي، من خلال محاولة الصعود على متن رحلات جوية متجهة إلى بريطانيا، بحسب ما قاله جيمس هيبي، وزير القوات المسلحة البريطانية، وعضو البرلمان البريطاني“.
وتابعت ”تعرضت الحكومة البريطانية لضغوط شديدة الأسبوع الماضي، على خلفية وتيرة إجلاء الآلاف من البريطانيين والأفغان من العاصمة كابول، في أعقاب سيطرة طالبان على السلطة، ولكن جيمس هيبي قال إن المسؤولين يقومون بعمليات فحص واسعة للتأكد من أن الذين يتم إجلاؤهم لا يمثلون تهديدا أمنيا“.
شبكات تنظيم القاعدة
وقالت الصحيفة ”تشعر أجهزة الاستخبارات الغربية بالقلق من أن تؤدي سيطرة طالبان على أفغانستان، إلى عودة شبكات تنظيم القاعدة الإرهابي في الدولة، والتي تم القضاء عليها إلى حد كبير خلال العقدين الماضيين، في ظل العمليات العسكرية لقوات حلف شمال الأطلسي، الناتو“.
ونقلت عن إليزا مانينجهام بولر، المدير العام السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية، قولها إن ”انتصار طالبان وخروج القوات الأجنبية من أفغانستان، سيكون لهما عواقب أمنية خطيرة بالنسبة لبريطانيا وحلفائها“.
وقالت ”سيؤدي انتصار طالبان إلى تعزيز قوة المتطرفين في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت ذاته، فإن هناك شكوكا واسعة النطاق إزاء التعهدات التي تقدمت بها القيادة الجديدة في أفغانستان، بمنع المتشددين من العمل انطلاقا من أفغانستان“.