مستقبل قاتم.. شبكة أمريكية تحذر من مخاطر مائية تهدد الحياة في الشرق الأوسط
نشرت شبكة ”سي ان ان“ الأمريكية اليوم الأحد، تقريرا عن الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط محذرة من أن استمرار تلك الموارد في النضوب سيؤدي إلى زيادة التوتر وتحويل عدد من المناطق في بعض الدول إلى أماكن لا تصلح للعيش.
بحيرة الشرق الأوسط
وقالت الشبكة في تقرير لها إن ”العبارات التي كانت تنقل السياح من وإلى الجزر الصغيرة في بحيرة أورميا الإيرانية باتت صدئة وغير قادرة على الحركة بعد أن أصبحت البحيرة سهلا ملحيا وأنه قبل عقدين،فقط، كانت أورميا أكبر بحيرة في الشرق الأوسط، وكان اقتصادها المحلي مركزا سياحيا مزدهرا من الفنادق والمطاعم، وكان زوال البحيرة سريعا بحسب الشبكة التي أوضحت أن حجمها تقلص إلى أكثر من 5400 كيلومتر مربع في التسعينيات إلى 2500 كيلومتر مربع فقط حاليا“.
وأضافت أن ”مثل هذه المشاكل مألوفة في أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط حيث تنفد المياه ببساطة، وشهدت المنطقة جفافا مستمرا ودرجات حرارة عالية لدرجة أنها بالكاد تصلح لحياة الإنسان، أضف إلى ذلك تغير المناخ وسوء إدارة المياه والإفراط في استخدامها؛ ما يجعل التوقعات لمستقبل المياه هنا قاتمة.“
اكتفاء ذاتي
ونقلت عن تشارلز ايسلاند المدير العالمي للمياه في معهد الموارد العالمية قوله إن ”بعض دول الشرق الأوسط _بما فيها إيران والعراق والأردن_ تضخ كميات هائلة من المياه من الأرض للري بينما تسعى إلى تحسين الاكتفاء الذاتي من الغذاء، إنهم يستخدمون مياها أكثر مما هو متاح بشكل روتيني من خلال المطر بالتالي فإن مستويات المياه الجوفية تنخفض باستمرار نظرا لأنك تقوم بإخراج المياه بشكل أسرع من تجدد الأمطار“.
وأضاف ايسلاند أن ”هطول الأمطار والطلب المتزايد في هذه البلدان يتسبب في جفاف العديد من الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة، وقد تصبح المناطق غير صالحة للسكن، وحدث ذلك بالفعل ويمكن أن تتفاقم التوترات حول كيفية تقاسم الموارد المائية وإدارتها، مثل: الأنهار، والبحيرات ما يؤدي الى اندلاع المزيد من العنف السياسي.“
عواقب وخيمة
وحسب التقرير، فإن ”بحيرة أورميا تقلصت إلى حد كبير لأن الكثير من الناس استغلوها كما أن بعض السدود التي أقيمت في حوضها للري قللت من تدفق المياه إلى البحيرة، مضيفة أن مشاكل المياه في إيران هي بالفعل قضية قاتلة، ففي أسبوع واحد من الشهر الماضي قتِل ثلاثة متظاهرين على الأقل باشتباكات مع ضباط الأمن في مظاهرات ضد نقص المياه في جنوب غرب البلاد، فيما تشهد البلاد بعضا من أكثر الظروف جفافا منذ خمسة عقود، وفقا لخدمة الأرصاد الجوية في إيران“.
ومن المتوقع أن تزداد فصول الشتاء في الشرق الأوسط جفافا مع ارتفاع درجة حرارة العالم، وبينما سيكون الصيف أكثر رطوبة، من المتوقع أن تعوض الحرارة مكاسبها المائية وفقا لأحدث توقعات العلماء التي نشرتها اللجنة الحكومية الدولية للمناخ التابعة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال منصور المزروعي، مدير مركز التميز لأبحاث تغير المناخ في جامعة الملك عبد العزيز في السعودية إن ”المشكلة هي أنه مع هذا الارتفاع الكامل في درجة الحرارة، فإن أي هطول للأمطار سيتبخر بسبب شدة الحرارة، ستكون هناك أمطار غزيرة ما يعني أن الفيضانات مثل تلك التي تحدث في الصين وألمانيا وبلجيكا ستكون مشكلة كبيرة للشرق الأوسط. هذه حقا قضية تغير مناخي كبيرة ”.
في الأردن _أكثر دول العالم التي تعاني إجهادا مائيا_ اعتاد الناس العيش مع القليل من الماء فيما أظهرت دراسة أمريكية متخصصة أنه سيتعين على الأردنيين خفض استهلاك الفرد من المياه إلى النصف بحلول نهاية القرن، وأن معظم الأردنيين من ذوي الدخل المنخفض يعيشون على 40 لترا في اليوم لجميع احتياجاتهم بما فيها الشرب والاستحمام وغسل الملابس والأطباق فيما على سبيل المثال يستخدم الأمريكي العادي نحو 10 أضعاف هذه الكمية.
وقال دانييل روزنفيلد، الأستاذ في برنامج علوم الغلاف الجوي في الجامعة العبرية بالقدس ”يعاني الأردن الآن من نقص حاد في المياه اذ تصل المياه للمنازل مرة أو مرتين في الأسبوع“.
المياه الجوفية
وبينت دراسات في الفترة الأخيرة أن مستويات المياه الجوفية في الأردن تنخفض بأكثر من متر واحد في السنة، كما أن موجات اللاجئين فرضت ضغوطا إضافية على الموارد المائية المجهدة بالفعل، وقال الأمين العام لسلطة المياه الأردنية، بشار البطاينة إن البلاد بحاجة إلى مزيد من التمويل من بقية العالم للتعامل مع هذا الطلب المتزايد على المياه.
وأضاف البطاينة أن ”الأردن تحمل العبء الكبير من أزمات اللاجئين السوريين نيابة عن المجتمع الدولي وتأثر بشدة فيما يتعلق بالمياه، إذ يكلف اللاجئون قطاع المياه أكثر من 600 مليون دولار سنويا بينما حصل الأردن على جزء بسيط من هذا المبلغ من المجتمع الدولي، وأن هطول الأمطار في 2020 كان أقل بكثير مما كان عليه في العام السابق؛ ما يعرض أكثر من ربع الموارد المائية للخطر وخفض مصادر مياه الشرب إلى النصف“.
ويعتمد الأردن على مياه نهر الأردن، الذي يمر عبر إسرائيل والضفة الغربية وسوريا ولبنان فيما أدى بناء السدود على طول النهر إلى قطع شديد في تدفق المياه إلى الأردن.