هل يقلب نجل شاه مسعود الطاولة على طالبان؟
بعد أيام قليلة عاشتها حركة طالبان الأفغانية في حالة من النشوة والفرح بعد أن تغلبت على الجيش الأفغاني، وانتزعت السلطة عنوة حتى ظهر لها شبح جديد وهو مسعود أحمد شاه مسعود، نجل الزعيم الأفغاني الراحل الذي كان على صدام كبير مع الحركة ورفض نهجها فدفع الثمن حياته.
وأحمد شاه مسعود، هو قائد المقاومة المناهضة للسوفيت، وقتل على يد القاعدة قبل أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 التي كانت تؤويها حركة طالبان وتوفر لها الحماية ما أوقع البلاد في أغلال الاحتلال الأمريكي لمدة 20 عاما.
أما نجله مسعود، فيقيم في إقليم بنجشير شمال شرق أفغانستان، ويرفض التسليم لحركة طالبان، وأعلن أنه وغيره من الأفغان ليسوا على استعداد "للاستسلام لإرادة الإرهاب" حسب قوله، موضحا أنهم مستعدون لتشكيل حكومة شاملة مع طالبان من خلال المفاوضات السياسية، لكن ما هو غير مقبول له ولأقرانه تشكيل حكومة أفغانية تتميز بـ"التطرف والأصولية" من شأنها أن تشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط لأفغانستان ولكن للمنطقة والعالم على حد قوله.
رد فعل طالبان
المطلع على الأحداث سيجد أن انتصار طالبان العسكري الشامل في الأسابيع الأخيرة يشير إلى أن الحركة ليست في حالة مزاجية لإجراء محادثات، وخاصة بعد سيطرة قواتها على عواصم المقاطعات كاملة، ما يفتح الباب لصراع مسلح مع أتباع أحمد شاه مسعود وطالبان، قد تتدخل فيها القوى الغربية والسكان المحليين، الرافضين لعودة حكم طالبان الوحشي ولاسيما أن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني كان قد وافق على تسليح المدنيين لمقاومة تقدم طالبان، مما يعني أن السلاح تسرب لقطاعات كبيرة من المدنيين.
ويلعب مسعود أحمد شاه مسعود على نفس خطة والده، في إحياء تحالف من الميليشيات العرقية المناهضة لطالبان على غرار التحالف الشمالي في أواخر التسعينيات ونجحت الخطة آنذاك، لكن التخلص من شاه مسعود منح طالبان أفضلية كبرى في المواجهة.
نظام عادل
ولا يثق مسعود والطبقات العرقية المعادية لطالبان في الحكم القادم، أو قدرته على إقامة نظام عادل يحترم التنوع والتعدد العرقي، وبالتالي تمكين الميليشيات المحلية المناهضة لطالبان قد يكون البداية لشكيل جيش وطني يتعلم من أخطاء الماضي، وخاصة إذا ما أصرت طالبان على إقامة حكم ديني لن ينال اعتراف العالم.
يمضي نجل الزعيم الأفغاني السابق في مخطط استفزاز طالبان، حيث يطالبهم بأشياء مستحيلة، مثل إيقاف أفرادها عن القتال، ودمج المؤهل منهم فقط في جيش بعقيدة وطنية وليست دينية، ويبرر مسعود مطالبه بأن مسلحي طالبان أصبحوا أكثر تطرفًًا من آبائهم الذين قاتلوا في التسعينيات بفضل صلاتهم بالجماعات الجهادية الحديثة مثل داعش والقاعدة، مؤكدا أن طالبان لم يتم إصلاحها.
ويروج إبن شاه لحل الأزمة الأفغانية بأيدي الأفغان أنفسهم، حتى يقتنص دعم الغرب، وخاصة أنهم على اقتناع أن الطريقة الأكثر فعالية للضغط على طالبان هي الردع، فبمجرد أن يدرك قادة الجماعة أنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم عسكريًا في أفغانستان، فمن المرجح أن يكونوا أكثر انفتاحًا على الحوار السياسي، وبالتالي إيجاد توازن يقنع طالبان أن الوصول للسلطة يكون عن طريق محادثات السلام أو الانتخابات وليس الحرب.