دينا منير تكتب: أشعر بوجودهم داخل رأسي!
أعرف أنهم هناك في جميع أرجاء جسدي..
تسكنني العديد من الأصوات التي تتحدث طوال الوقت بصوت قوي يملأ كياني..
أسمعها وهي تنادي حبيبها بكل حالها وتسأله عن حاله وسط البكاء ليلًا ونهارًا، ثم تمسح دموعها وتتوعده ثم تواعده، ثم تعود لتبكي وتعيد الكرة، فأجد خديّ مبتلين وبجسدي آثار لذة..
أسمعها وهي تمارس الحب مع حبيبها وكأنها تعزف سيمفونية خلابة، ثم أسمع صراخها ممسكة بقلبها وهو يدمي إثر هجرانه لها، فأشعر ببلل نزفه في يدي..
أسمع أصواته وهو يضاجع النسوة، بعنف تارة وبرومانسية تارة أخرى، يقذف المال إلى إحداهن ثم يستلقي منهكًا في أحضان امرأة ثانية.. أحاول أن أنبهها أنه خائن فتختفي.
أسمع بكاء أطفال صغار يمزق أطرافهم ويقتلع عيونهم الأهل وسط عويلهم وألمهم، يعاملونهم كأنهم دمى خُلقوا لأجلهم.. أركض لإنقاذهم فأجدهم قد أصبحوا بالغين ممزقي الأطراف والأجنحة يزحفون ويرمقونني بخيبة، لقد فات الوقت.
موتى، ناصحون، عابرو الطريق، متصوفون، قتلة وأبالسة، متمردون، عشاق، سعداء، مخذولون، خائفون، حالمون، كئيبون، منتحرون، ناجون، وأدواتهم، فناجين قهوة، جدار، ورقة، فراشة، نيران مشتعلة، رماد.
الكثيرون والكثيرون بداخلي يعيشون حيوات كاملة، يدقون بقبضاتهم دائمًا على جدار روحي وخلايا جسدي وكف يدي وأطراف أناملي، ويهتفون بصوت ضاغط:
“اكتبي... اكتبي.. اكتبينا.. اكتبينا.. اكتبي...............”.