خبير: التحول الرقمي حقق تقدمًا متسارعًا مدفوعًا بتداعيات جائحة كورونا
كشف تقرير جديد حول حالة التكنولوجيا في مجالي المالية والمحاسبة في منطقتي الشرق الأوسط والهند تحولًا رقميًا واسعًا على مستوى وظائف المالية والمحاسبة للشركات من مختلف الأحجام والتي تنشط في كلتا المنطقتين. ويسلط التقرير الضوء على الدور الذي لعبته جائحة كوفيد-19 في تسريع وتيرة التحول الرقمي، إلى جانب التنافس الطبيعي بين الشركات.
وقالت هنادي خليفة، مديرة العمليات بمعهد المحاسبين الإداريين: "تسهم توجهات التحول الرقمي في إحداث تغييرات جوهرية تشمل طريقة مزاولة الشركة لأعمالها وكيفية اتخاذها وتطبيقها للقرارات وتقييمها لموظفيها، وبالتالي كيفية توفير القيمة لعملائها، وينبغي لوظائف المالية أن تواكب هذا التحوّل لتحافظ بذلك على أهميتها وقدرتها على تعزيز تنافسية الشركات، ويبين التقرير أن مشاركة أقسام الشؤون المالية في هذا التحول يتباين إلى حد كبير من شركة لأخرى، لا سيما عند تناوله من منظور حجم الشركة".
أبرز النتائج
فيما يتعلق بالتحول الرقمي الشامل في مجال الشؤون المالية، شهد أكثر من نصف الشركات الكبيرة (ألف موظّف أو أكثر) تطبيق مسارات التحوّل الرقمي إلى حدّ كبير. وتعتبر هذه النسبة أعلى بكثير (50% تقريبًا) قياسًا بمعدل تطبيق مسارات التحول الرقمي على مستوى وظائف المالية في الشركات الصغيرة (أقلّ من خمسين موظّفًا).
وفي الواقع، سجلت النسبة المئوية للوظائف المالية في الشركات الكبيرة التي أعلنت عن اعتماد تحولات رقمية واسعة النطاق بين عامي 2019 و2020 زيادة كبيرة بمقدار النصف تقريبًا. وكان هذا التغيير ملحوظًا على نحو أكبر بين الشركات متوسّطة الحجم، التي غالبًا ما تعاني من هوامش أضيق وموارد أكثر محدودية، مع تسجيلها لزيادة في هذه النسبة بواقع أكثر من الضعف.
وتؤثر التكنولوجيا أيضًا على العمليات المالية، بدءًا من التخطيط المالي ووضع الميزانيات، وهي المشكلة الأبرز التي تواجه المدراء التنفيذيين للشؤون المالية والتي ساهمت الجائحة في زيادة حدتها، وبينما تلجأ الشركات بمختلف أحجامها إلى التكنولوجيا لتحسين عمليات التخطيط ووضع الميزانيات، يرجح لهذا أن ينطبق بشكل أكبر على الشركات الكبيرة (59%) بالمقارنة مع الشركات الصغيرة.
وليست هذه النتيجة المتسقة عبر جميع الدول الخاضعة للدراسة مفاجئةً، باعتبار أن الشركات الكبيرة تشهد حاجة أكبر للتخطيط الاستراتيجي المتكامل كما أنها تمتلك موارد أوسع يمكن تخصيصها لهذا الغرض.
ويتركز التأثير الأكبر للثورة الرقمية على العمليات التي تتطلب أتمتة المهام الروتينية المتكررة، حيث يتألف العديد من العمليات المالية من مهام مشابهة وتعتبر بمثابة مرشح محتمل لخوض التحول الرقمي. وتؤكد الدراسة المتسقة مع دراسة أخرى سابقة أجراها "معهد المحاسبين الإداريين" على ما يلي: جاءت النتائج متسقة عبر جميع البلدان المشمولة بهذه الدراسة، وكانت عمليات الشركات الأكبر حجمًا هي الأكثر تأثرًا بالتحول الرقمي، في حين كانت الشركات الأصغر هي الأقل تأثرًا.
تقليص التكاليف التشغيلية
وبهدف تعزيز القيمة وتقليص التكاليف التشغيلية، يتجه العديد من الشركات نحو أتمتة العمليات الروبوتية للمساهمة في إحداث نقلة نوعية على مستوى العمليات التنظيمية والمالية. وقد سجلت أنشطة تطبيق تقنيات أتمتة العمليات الروبوتية زيادة هائلة. ففي عام 2019، أشارت نسبة 57% من الشركات إلى أنها لم تطبق تقنيات أتمتة العمليات الروبوتية. وبعد مرور عام واحد، انخفضت نسبة الشركات المشمولة بالدراسة والتي لم تباشر هذه الرحلة إلى 28% فقط.
وفي حوالي ربع الشركات (22%)، يقود قسم الشؤون المالية أنشطة تطبيق أتمتة العمليات الروبوتية، وفي 43% من الشركات الأخرى، يتعاون قسم الشؤون المالية مع قسم تكنولوجيا المعلومات للمضي قدمًا في العملية. وفقط في 26% من الشركات، يلعب قسم الشؤون المالية دورًا محدودًا (حيث يقود قسم تكنولوجيا المعلومات أنشطة تطبيق أتمتة العمليات الروبوتية وينحصر دور قسم الشؤون المالية بتقديم المشورة)، بينما لا يلعب قسم الشؤون المالية أي دور يذكر في النسبة المتبقية من الشركات والبالغة 9%. وكانت هذه النتيجة متسقة عبر جميع البلدان المشمولة بالدراسة.
وكانت نسبة الشركات الكبيرة التي طبقت الأتمتة الذكية (أي أتمتة العمليات الروبوتية إلى جانب تطبيقات الذكاء الاصطناعي) قد ارتفعت من 18% إلى 32% بين عامي 2019 و2020، في حين ارتفعت نسبة الشركات متوسطة الحجم من 2% إلى 16%. ولكن الشركات الأصغر حجمًا لا تزال متأخرة عن نظيراتها الأكبر، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن قدرتها على اعتماد التقنيات الرقمية بالشكل المناسب.
وبالرغم من الفوائد التي يوفرها اعتماد قدرات التكنولوجيا والتحليلات المتقدمة، تواجه الغالبية العظمى من الشركات (95%) بعض التحديات على صعيد تطوير هذه القدرات. وتتمثل التحديات الأكثر انتشارًا في تكلفة الاستثمار في تقنيات جديدة (30.3%) يليها مباشرة تطوير المهارات اللازمة لدى الموظّفين الحاليين (29.4%) ومحدودية موارد الموظّفين/ التركيز على المبادرات المتنافسة (29.2 %) وصعوبة تعيين موظفين يمتلكون المهارات اللازمة (28.6%).
وعلاوة على ذلك، خلص التقرير إلى نتيجة مفادها أن مسألة اعتماد التقنيات الجديدة وزيادة استخدام أدوات وتقنيات التحليلات المتقدمة ساهمت في تغيير شكل العلاقة بين الشؤون المالية وغيرها من المجالات التنظيمية. وبالنسبة إلى الشركات بمختلف أحجامها، تجد الغالبية العظمى منها (78%) أن الشؤون المالية باتت تعتبر بمثابة شريك حقيقي للأعمال، إذ أنها تساعد على تحسين عملية اتّخاذ القرارات وإدارة الأداء.
التحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا
وفي هذا الصدد، قال رائف لاوسون، المحاسب الإداري المعتمد والمحاسب القانوني العام: " تمامًا كنظرائهم حول العالم، يستجيب العاملون المتخصصون في مجال الشؤون المالية والمحاسبة في منطقة الشرق الأوسط والهند إلى التحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا المتطوّرة لإحداث تحول رقمي على مستوى الوظيفة المالية.
وتحمل الثورة الرقمية تأثيرات ملموسة على العديد من عمليات الشؤون المالية في الشركات الكبيرة والصغيرة على حدّ سواء، وقد تمكن القطاع من إحراز تقدم كبير في هذا الإطار خلال فترة الدراسة وسيواصل هذا التقدم مع مرور الوقت.
ومن خلال الجمع بين الخبرات الأساسية التقليدية في مجال الشؤون المالية والمهارات التقنية والتحليلية المحسّنة، يمكن لقطاع الشؤون المالية أن يصبح شريكًا حقيقيًا للأعمال ليدعم الدعم للشركات في اتّخاذ قرارات قائمة على التقارير المتعمقة، وبالتالي المساهمة في تعزيز القيمة المؤسسية".