بعد مرور 73 عاما على توقفها.. حقيقة تمويل اليهود لمجلة "الكاتب" وعلاقة طه حسين بها
في مثل هذا اليوم 19 أغسطس 1948 توقفت مجلة "الكاتب" عن الصدور بحجة أن ممولها ينتمى إلى عائلة يهودية "أسرة هراري" التي كانت تعمل في توكيلات بيع أدوات مكتبية في مصر والتي أعطت جزءا من أرباح توكيلاتها إلى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين بالإضافة إلى دعم من وزارة الثقافة لإصدار مجلة ثقافية في مصر هي مجلة الكاتب.
كلمة الافتتاحية
وكان العدد الأول من الكاتب قد صدر أوائل عام 1945 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وكتب فيها الدكتور طه حسين رئيس التحرير كلمة قال فيها:
“يقال إن الشعب المصرى أول من كتب بالقلم، واتخذ الحروف رمزا للكلام الذي يعكس ما يثور فى النفوس والعقول من العواطف وما يحظر لها من الآراء. وقد اتخذت هذه المجلة من الكاتب المصرى اسما وشعارا لها، وهذه المجلة تستمد برنامجها وخطتها وسيرتها فى تاريخ مصر القديم والحديث من المهمة التي نهضت بها مصر منذ شاركت في الحضارة الانسانية العامة”، مؤكدا أن هذه المجلة سوف تحرص أشد الحرص على العناية لتضمن الثبات والاستقرار والنمو والارتقاء للأدب العربي فتعنى بتقديم الأدب وتكشف اسراره وتعنى بالأدب الحديث وستنقل المجلة مختارات من الادب الحديث ومنها الآداب الأجنبية بالنقد والتحليل.
موضوعات الكاتب
تضمن العدد الأول من مجلة الكاتب موضوعات مثل عقد مقارنة بين الأدب العربي بين أمسه وغده، بريطانيا العظمى والشرق الأوسط، مستقبل الديمقراطية، وهناك باب ثابت بعنوان (الحياة الدولية) يقوم الدكتور طه حسين بتحريره بنفسه بتوقيع "طه"، كما كتب القانوني نبيل الهلالي عن مبدأ تكافؤ الفرص وقال إن هذا المبدأ أصابه العطب في مصر.
عالمية الريحانى
كما نشرت الكاتب دعوة للكاتب الفرنسي أندريه جيد الى ندوة تقيمها المجلة وبعد أيام من الدعوة حضر الكاتب الفرنسي الى مصر وشارك في ندوة عقدتها المجلة ونشرت المجلة الندوة وروت أن جيد تلقى دعوة لمشاهدة مسرحية مقتبسة عن رواية فرنسية اسمها بائعة الشوكولاته وبعد العرض صعد جيد على المسرح لتهنئة بطل العرض نجيب الريحانى ويقول له انه ليس فنانا مصريا فحسب ولكنه فنان عالمى.
معوقات الصدور
ونظرا لتطرق المجلة إلى قضايا الديمقراطية ومعاناة المواطن في مصر بعد الحرب، وبعد ثلاث سنوات من الصدور قامت وزارة التموين بإيعاز من السراى بمنع حصة الورق عن المجلة وأعلنت وزارة الثقافة الصحفي أحمد عباس صالح أن عدد أغسطس هو آخر عدد سيطبعه المجلة وهي المجلة الثقافية والأدبية الوحيدة التى كانت موجودة فى مصر آنذاك، وأن عليه أن يبحث عن مصدر تمويل آخر إن أراد الاستمرار للمجلة فتوقفت المجلة عن الصدور.
دفاع عن المجلة
كتب الدكتور طه حسين في آخر عدد يقول: لقد أرجف المرجفون والذين يسرهم الطعن في طه حسين والذين لا يعملون ويؤذي نفوسهم أن يعمل الناس، وقالوا إن مجلة الكاتب المصري قد صدرت لنشر الصهيونية، والآن وقد انتهى عمر المجلة فإن أعدادها كلها بين يدي القراء، فهم لا يرون فيها إلا دفاعا عن مصر والعروبة وخدمة لهما بقدر الوسع والطاقة.
وأضاف: ترجمنا إلى اللغة العربية إذن عن الإنجليزية والألمانية والفرنسية والفارسية، وقدمنا موسوعة قانونية ضخمة لعبد العزيز باشا فهمي، وترجمة عن أندريه موروا للشيخ الأستاذ عبد الحليم محمود، ونشرنا كتبا عربية لأعلام مثل الجاحظ وغيره، لقد التزمنا بما عاهدنا عليه قراء العربية فوصلناهم بعصورنا العربية والإسلامية الزاهية من جهة، وبهذا العصر الحديث الذي نعيش ويعيشون فيه من جهة أخرى..