حقيقة انتماء حركة طالبان إلى منهج «الأزهر الشريف»
على مدار الأيام الماضية، واسم الأزهر الشريف وفكره ومنهجه، يزج به من التيارات الدينية، في محاولة لتبرئة ساحة حركة طالبان من العنف، وزعموا أنها تتبع أحد فروع الأشعرية ـ منهج الأزهر الشريف ـ وروجت هذه الرواية على نطاق واسع، الأمر الذي يستلزم توضيحا للفرق بينهما، لاسيما أن الأشعرية تتعامل بفروض العصر والمنطق، ولا تتبع فكرًا جامدا في المظهر والسلوك مثل طالبان.
ما هي الأشعرية ؟
الأشعرية تنسب إلى إمامها ومؤسسها أبي الحسن الأشعري، الذي ينتهي نسبه إلى الصحابي أبي موسى الأشعري، وهي مدرسة إسلامية سنية، اتبع منهاجها في العقيدة عدد من العلماء الكبار أمثال البيهقي والباقلاني والقشيري والجويني والغزالي والفخر الرازي والنووي والسيوطي والعز بن عبد السلام والتقي السبكي وابن عساكر وغيرهم، وسلك مسلكها الأزهر الشريف.
والأشاعرة هم جماعة من أهل السنة، لا يخالفون إجماع الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إبن حنبل، ولا يكفرون أحدًا من أهل القبلة، ويعتبر منهجًا وسطا بين دعاة العقل المطلق وبين الجامدين عند حدود النص وظاهره.
ومع أن الأشاعرة قدموا النص على العقل، إلا أنهم جعلوا العقل مدخلًا في فهم النص، كما أشارت آيات كثيرة وحثت على التفكير والتدبر، ولهذا لم يؤسس الإمام الأشعري مذهبًا جديدًا في العقيدة الإسلامية، لكنه وجد من منهج أهل السنة ضالتهم التي طالما بحثوا عنها.
كان الأشعري مؤمنًا بأن مصدر العقيدة هو الوحي والنبوة المحمدية، وما ثبت عن الصحابة، وهذا مفترق الطريق بينه وبين المعتزلة، إذ يتحدث الأشاعرة بلغة العصر، ويستعملون المصطلحات العلمية في مناقشة المعارضين، لكنهم لا يتعاملون مع العقل باعتباره إلها، لا مرجع إلا إليه.
منهج طالبان
طالبان حركة سلفية جامدة، وتعتبر الحكم الشرعي حكما واحدا لا يحتمل الأخذ والرد حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان -حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها- واجبا دينيا لا مفر من تنفيذه.
أثبتت طالبان خلال توليها الحكم في تسعينات القرن الماضي، أنها لا تملك إلا صورة مشوهة للنموذج الإسلامي في الحكم، من التعصب للرأي، وعدم التأهيل الجيد، بجانب افتراسها للمعارضين والتنكيل بهم بسبب قلة اهتمامها بالعلم والثقافة العصرية.
ليسوا أشاعرة
يقول محمد دحروج، الداعية والباحث في شون الجماعات الإسلامية، إن حركة طالبان الأفغانية سلفية جامدة وتتبع عقائديا أبى منصور الماتريدى، وأنصارها ليسوا أشعريين، ولا علاقة لهم بالأزهر الشريف كما يتوهم وينقل الكثير من الإسلاميين دون تدقيق.
أشار دحروج إلى أن فكر الأزهر الشريف ليس له علاقة بإيواء والتحالف وعمل علاقات مع حركات مسلحة مثل طالبان والقاعدة وغيرهما بحجة رد الجميل أو الأخوة الإسلامية والمصالح المشتركة، فهذه الأدبيات لاعلاقة لها بالأشعرية بالمرة، مردفا: التعاون مع الإرهاب لأي سبب كان خطأ جسيما.