كيف يتستر الإسلاميون بالدين للهروب من المساءلة الشعبية والقانونية؟
يتمسك الإسلاميون بشعارات دينية واضحة في العمل السياسي لكسب مميزات تزكيهم عن نظرائهم في القوى السياسية المدنية، وبالفعل ساعدتهم هذه الشعارات طوال تاريخهم في الإفلات من المحاسبة على كل المستويات، إذ يساوي التمسك بالمشروع الديني، المكسب بلا مجهود، والخروج الآمن عند الفشل.
أصول العمل العام
ويقول ماجد كيالي، الكاتب والباحث إن انتهاج حزب أو جماعة أو شخصية ما خطابًا دينيًّا، في العمل السياسي أو العمل العام، كان يفترض أن لا يمنحهم مكانة مقدسة، ولا يجنِّبهم المساءلة والمحاسبة، وهذا ما أسس له الخليفة الراشد الأول، أبو بكر الصديق، الذي قال في أول خطبة له بعد البيعة: أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسَنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني”.
وأضاف: لكن معظم الإسلاميون تعمدوا تجاهل ذلك، في محاولتها لإضفاء قدسية على جماعتهم، أو أطروحاتها، أو أئمتها، مردفا: كل منها تدّعي أنها تحتكر تفسير الإسلام، وتمثيل المسلمين، فأصبحنا إزاء جماعات تفرض دينها، أو تفسيرها، الخاص.
البيعة والطاعة
ولفت الباحث إلى أن الإسلاميين لا يطلبون أقل من الطاعة والبيعة لواليهم، أو خليفتهم، بل إن بعض الجماعات باتت تكفِّر غيرها من الجماعات الإسلامية ناهيك بتكفيرها مجتمعها ذاته إن لم ينصع لأطروحاتها.
وأوضح كيالي أن الحل هنا ليس في الدعوة إلى فصل الدين عن السياسة وتبني العلمانية بالشكل المتطرف الذي يروجه البعض، لأن ذلك ينتقص من مسألة الحرية واستقلالية الفرد، لكن الحل يكمن في تنزيه الدين عن صراعات السلطة وتحريره من هيمنتهم.
وقال: يجب التمييز بين الديني والدنيوي، وتضمين الدساتير والقوانين معاني العدل والمساواة والكرامة والحرية التي هي جوهر كل دين، ولا سيَّما الدين الإسلامي.
وأشار الباحث إلى أن سعي معظم الجماعات الإسلامية لدعوة المسلمين إلى نبذ الدولة الحديثة، أو الدولة الديمقراطية بدعوى أنها بدعة غربية، والعودة إلى الأصول أو إلى دولة الإسلام الأولية، أي الخلافة أطروحات ساذجة، إذ لا يميز الإسلاميون بين الدين بحد ذاته، وتاريخ المجتمعات الإسلامية، وهو تاريخ له ما له وعليه ما عليه.
أسباب التقصير
وأضاف: يقدم الإسلاميون صورة متخيّلة ومثالية للتاريخ تختلف تمامًا عن التاريخ الواقعي، كما تكمن مشكلتها في النظرة إلى الغرب، واعتباره بمنزلة شر مطلق، علمًا أن مجتمعاتنا مرتبطة بمنجزات الغرب العلمية والتكنولوجية والثقافية، أكثر مما نتصور.
اختتم حديثه قائلًا: معظم التقصير لدينا ناجم عن أسباب داخلية تخص نظرتنا للحياة، وليس أي شيء آخر.