«بلح العبيد» صيدلية الطبيعة في صحراء الوادي الجديد.. يستخدم في علاج الأمراض المزمنة
«صيدلية طبيعية مفتوحة».. الوصف الأدق الذي يمكن إطلاقه على محافظة الوادي، لا سيما أن عددا كبيرا من سكان المحافظة الحدودية لا يزال يعتمد على النباتات البرية التي تنبت في أرض الوادي الجديد، بعدما توارثوا «وصفات العلاج» عن الأجداد الذين اكتشفوا فعالية غالبية ما ينبت في الصحراء هناك في علاج العديد من الأمراض مثل «السكر» و«الضغط» وأمراض القلب.
«الهجليج» المعروف أيضا بأسماء «البلح المر» و«بلح العبيد» و«بلح الصحراء» من الأشجار التي تنمو في مناطق مختلفة بالصحراء الغربية بمحافظة الوادي الجديد، وينصح الأهالي والأطباء باستخدام ثمارها في علاج كثير من الأمراض المزمنة، لاحتوائها على العديد من العناصر الغذائية الفعالة والمعادن والفيتامينات المتنوعة.
بلح العبيد
« الهجليج» التي تعتبر من الأشجار المعمرة مستديمة الخضرة ذات أوراق صغيرة وأشواك حادة للغاية، فيما تأخذ ثمارها شكل تمور البلح متوسطة الحجم ولونها يكون ما بين الأخضر والأصفر، وتحتوى الثمرة على قشرة خارجية سهلة الكسر وبذور مغلفة بمادة شمعية، وتتحمل أشجاره كافة الظروف المناخية والعطش الشديد والتلقبات الجوية ودائما ما تنمو هذه الأشجار في المناطق التي يندر بها سقوط الأمطار والأراضي القاحلة والمالحة، ويصل ارتفاع الشجرة الواحدة لأكثر من 12 مترا، وتفضل الصقور والنسور بناء أعشاشها فيها نظرا لارتفاعها ولوجود أشواك حادة في أغصانها تمنع وصول أي خطر إليها.
وفى هذا السياق قال عمرو حسين، أحد المتخصصين في مجال النباتات الطبية والعطرية: أشجار الهجليج تنتج ثمارا صغيرة تشبه التمر، وتحتوى على مادة شمعية مرة الطعم، وتعتبر الأجزاء ذات القيمة الطبية لهذه النبتة هي الثمار والبذور والأوراق والجذور، ولكل منها استخدام طبي واقتصادي ذكر في الكثير من الكتب القديمة على مر العصور.
وأضاف: «الهجليج» تنمو في محافظات ومناطق أخرى بخلاف محافظة الوادى الجديد مثل أسوان وحلايب وشلاتين وجنوب قنا وسيناء، وأشجار الهجليج دائما ما تزهر في المناطق ذات المناخ الحار التي يندر بها سقوط الأمطار، وهناك العديد من الأشخاص يعتمدون في مصدر دخلهم على جمع تمور الهجليج لبيعها، وعملية الجمع صعبة للغاية خاصة أن الشجرة مليئة بالأشواك الحادة التي يتراوح طول الشوكة الواحدة فيها من 2–4 سم كما أنها تنمو في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية وفي بعض الأحيان تسكن تحت هذه الأشجار الأفاعي أو الحيوانات البرية المفترسة، لأنها شجرة كثيفة الأشواك ودائمة الخضرة طوال العام، لذلك تعتبر ملاذا وبيتا آمن لها.
وتابع: ثمار الهجليج تباع حاليا في محال العلافة والعطارة ويتراوح سعر الكيلو الواحد منها ما بين 10 إلى 15 جنيها، حسب جودة الثمار والمناطق التي جاءت منها، وهناك إقبال كبير عليها من جانب المواطنين، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة، نظرا لفاعليتها الطبية السريعة، وثمرة الهجليج تعتبر ملينًا طبيعيًا للمعدة وكذلك كمادة طاردة للديدان وتعتبر مادة فعالة للقضاء نهائيا على ديدان البلهارسيا نظرا لاحتوائها على مادة مفيدة للجسم وسامة في نفس الوقت للديدان، كما تستخدم لعلاج مرض السكر حيث تساعد على تحسين وضبط مستوى السكر في الجسم والشفاء منه وتساعد على تنظيم ضربات القلب وتنظيم الدورة الدموية، بالإضافة إلى علاج عسر الهضم، وتدخل أيضا في علاج الأمراض العصبية والنفسية وتستخدم في علاج الروماتيزم، وكذلك بعض الأمراض التي تصيب الجهاز التناسلي والهرمونات الجنسية وأمراض العقم والخصوبة وزيادة اللبن عند النساء حديثى الولادة.
وأضاف: كما تفيد الثمار في علاج الكحة والحمى الصفراء، وتساهم في خفض نسبة الكوليسترول في الدم، وذلك بامتصاص الشحوم من الجسم بنفس الطريقة التي تعمل بها الأدوية المستخدمة في علاج الكوليسترول، كما تستخدم الأوراق والثمار في علاج فيروس التهاب الكبد الوبائى، وتصنع من ثمار الهجليج المشروبات الكحولية وتعد مصدرًا للكحول مثل الإيثانول، ودخلت مؤخرا في صناعة مستحضرات التجميل في دول مثل موريتانيا، واستخدمت في صناعة صابون غسيل الملابس والمنظفات والشامبو كما أن جذوع الشجرة القوية تدخل في صناعة الأثاث.
التوسع في زراعة أشجاره
«حسين» طالب وزارتي «الزراعة» و«البيئة» بضرورة الاهتمام والتوسع في زراعة أشجار الهجليج خاصة أنها أشجار طبية ذات قيمة اقتصادية عالية، فهى صيدلية متكاملة في قلب الصحراء، ومن الممكن أن تتحول في يوم من الأيام إلى واحد من المشروعات المهمة في حال التوسع في زراعتها في البيئة المناسبة لها واستخدامها الاستخدام الأمثل في الأغراض الطبية التي تساهم في علاجها لافتا إلى أن دولا مثل موريتانيا والهند وباكستان والسودان تعرف جيدا قيمة بلح الهجليج، وهناك مشروعات قائمة عليها فعليا توفر مصدر دخل ثابت لمئات الأسر.
نقلًا عن العدد الورقي…،