رئيس التحرير
عصام كامل

وقوع الغلاء أفضل من انتظاره.. عبد الغفار شكر: أقترح فرض ضرائب تصاعدية على الدخول المرتفعة

لا يختلف اثنان على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ورث إرثًا صعبًا عن أسلافه، يتمثل في كثير من الملفات المعقدة، غير أن الرجل بما يحظى به من رضا شعبي كبير لم يستسلم أو يتجاهل أو يخشى على شعبيته، فاقتحمها واحدًا تلو الآخر؛ من أجل إصلاح أخطاء الماضي، وتصحيح المسار وبناء وطن على أسس عادلة ومتكافئة.


رغيف الخبز المدعم واحدٌ من هذه الملفات الصعبة جدًا التي تسبب تجاهلها وعدم التعامل معها بواقعية شديدة في إصابتها بالجمود، حيث ظل سعر الرغيف المدعم ثابتًا ومستقرًا لا يراوح مكانه عند خمسة قروش، رغم التطورات والتغييرات الاقتصادية العاصفة خلال ما يقرب من أربعة عقود متصلة.
ثبات سعر الرغيف عند خمسة قروش فقط طوال هذه السنين أصاب عموم المزارعين بالكسل، فتخلوا عن إعداد الخبز في منازلهم، واستسهلوا شراءه بثمن بخس من المخابز التي انتشرت في عموم مصر، وتجاوزت 27 ألف مخبز، وبمرور الوقت تحولت منظومة الخبز إلى واحدة من بؤر الفساد الذي لا تخطئه عين منصفة.

رغيف العيش 


ومع تعاقب السنين.. تحولت مصر، التي كانت يومًا سلة غذاء العالم، إلى أكبر مستورد للقمح، برصيد 12 مليون طن سنويًا، بقيمة إجمالية تتجاوز ملياري دولار، كما أصبح المواطن المصري هو الأكثر استهلاكًا للقمح بحصة تصل إلى 180 كيلو جرامًا، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الحد العالمي 75 كيلو جرامًا فقط، وهذا البون الشاسع بين الرقمين الأخيرين يكشف جانبًا صارخًا من جوانب سوء الاستخدام للرغيف المدعم، حيث أجمع المهتمون والمتابعون على أن نسبة كبيرة جدًا منه تذهب علفًا للمواشي والطيور نظير 3 جنيهات للكيلو جرام.


ما تقدم من أرقام وغيرها كثير، يبرر توجيه الرئيس حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بتحرير سعر الرغيف المدعم، بما يناسب التحولات والتقلبات الاقتصادية المتسارعة.


ولأن المصريين يثقون في نوايا الرئيس السيسي الإصلاحية، فإنهم تفهموا توجيهه بإعادة النظر في سعر الرغيف المدعم؛ لإيمانهم بأنه يعمل من أجل الصالح العام، وهو ما يظهر جليًا في مبادرة "حياة كريمة"، وحركة التنمية الشاملة في المشروعات والطرق والكباري في عموم مصر.


عن التأصيل التاريخي لرغيف الخبز والتحولات والتطورات التي طرأت عليه طوال القرون الماضية، وعلاقة رؤساء مصر برغيف الخبز، وواقع الرغيف الحالي، وتوجيه الرئيس الأخير، والفساد الذي يعصف بمنظومة الخبز الحالية وسبل إصلاحها..تقدم "فيتو" عددًا خاصًا واستثنائيًا.
 

ترحيب حزبي

رحَّب عدد من القيادات الحزبية والسياسية بتحريك سعر رغيف الخبز إدراكًا منهم لثبات سعره طول هذه السنوات، في ظل التغيرات الاقتصادية العاصفة، غير إنهم طالبوا بأن يكون الارتفاع تدريجيًا، كما طالب آخرون بالبحث عن بدائل أخرى، وناشدوا الحكومة بألا تستسهل استنزاف جيوب الفقراء والمعدمين.

 

ضريبة دخل


فى هذا الإطار.. قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى الأسبق: إن توقيت توجه الدولة لرفع سعر الرغيف المدعم غير مناسب، لافتًا إلى أن هناك طرقًا أخرى بعيدة عن رفع سعر رغيف العيش واستبدال أي احتياج للدولة من طرق أخرى بعيدًا عن سعر الرغيف المدعم، بأن يتم فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء على سبيل المثال.


وأضاف نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان: الضرائب التصاعدية طريق بعيد عن رفع سعر الرغيف وخاصة أن الرغيف يعنى الفقراء وعندما يتم رفع سعر رغيف العيش ترتفع التكلفة على الفئات الفقيرة، وهو يعنى أن الدخل لن يكفيهم للعيش، موضحًا أنه حال رفع سعر رغيف الخبز إلى ١٠ قروش فقط فهذا يعنى مضاعفة التكلفة على الأسر الفقيرة بهذه الطريقة بالتالى فلا يوجد ما يعوضهم عن هذا الأمر.


وتابع شكر: حكاية أي ارتفاع للأسعار أي كانت ستنعكس على الفقراء بالسلب، مشيرًا إلى أن البديل الصحيح هو فرض ضرائب تصاعدية على الدخول المرتفعة وفى حال رفع الأسعار يكون على السلع الترفيهية ولا يقترب من رغيف العيش والدعم الذى يعطى على التموين، موضحًا إلى أن هناك سياسة يتبعها العهد الحالى عندما يكون هناك عجز فى الموازنة يجيبوا من الفقراء.

قرار حتمي


وقالت الكاتبة فريدة النقاش، القيادية بحزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ: إن قرار رفع سعر رغيف العيش كان لا بد أن يتخذ منذ زمن بعيد وخاصة أنه من غير المعقول أن يكون سعر رغيف العيش ثابتًا أكثر من ٤٠ عامًا وكل شيء ترتفع أسعاره ولكن من هذه القرارات لا بد أن نضع فى الاعتبار أن هناك قطاعًا كبيرًا من المصريين حوالي ربع المصريين فقراء.

 

وأضافت النقاش: الفقراء يعتمدون اعتمادًا كبيرًا على رغيف العيش فلا يكون الارتفاع الجديد ليس كبيرًا حتى لا يشكل ضربة موجعة للفقراء ولكنه يحل جزءًا من المشكلات التى تواجهها الحكومة على الدعم كدعم سلع أخرى.


وأوضحت النقاش: رغيف العيش أهم السلع المدعومة ولا بد أن يكون مدعومًا دائمًا بعد الارتفاع وألا تضع الحكومة فى اعتباراتها ارتفاعًا جديدًا فى القريب خاصة أن رغيف العيش وغيره من المواد المدعومة للفقراء، وبالذات رغيف العيش عنصر أساسي لعملية التغذية التى يعتمد عليها الفقراء.


وأشارت النقاش: الفقر يدفعهم للاعتماد على هذا الرغيف موضحة إلى أن الارتفاع سيرفر مليارات للدولة ستدخل فى احتياجات أخرى فى التعليم والصحة كل هذا التوفير سوف يدخل فى أشكال دعم أخرى للمواطن، لكن لا بد أن يكون هناك حذر بعد ذلك فى أي تفكير لرفع أسعار الرغيف، خاصة أن الفقراء يعتمدون عليه اعتمادًا أساسيًا والتأثير سيكون سلبيًا على الفقراء وسوف يبحثون عن حلول أخرى لإقامة حياتهم؛ لأنه يمثل العنصر الأساسى بالنسبة لهم بالتالى المساس به فى كل الحالات موجع لهم.


وتابعت النقاش: إلا أن الدولة عندما تضع الموازنات وتخطط للأسعار تقوم بعمل موازنات كبيرة ومعقدة للغاية والدولة تجنبت طيلة أكثر من ٤٠ عامًا تفادى رفع رغيف الخبز لأنها تعرف جيدا أن الفقراء يعتمدون عليه اعتمادا أساسيا، لكن هناك أيضا من يستخدم العيش المدعم للمواشى والدواجن بسبب السعر الرخيص له، بالتالى العملية معقدة للغاية، وهناك نطاق دائم منذ سنوات وهو كيف نقدم الدعم دون المساس بالرغيف لكن كل البدائل من الصعب تطبيقها وهناك قطاع كبير ممن يقعون تحت خط الفقر والمجتمع المصرى ما زال به شريحة تتجاوز الـ٢٠% تقع تحت خط الفقر وهذه هى القضية الأساسية التى يجب أن نجد لها حلولًا.

أعباء الاقتصاد


وقال عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب: نختلف على توزيع أعباء الإصلاح الاقتصادى، ولا يمكن أن تكون هناك مساواة فى تحمل تكلفة أعباء الإصلاح الاقتصادى، ولا بد أن يتحمل كل مواطن بقدر استطاعته.


وأضاف نائب رئيس حزب التجمع: قبل أن تستسهل الحكومة فى جيب المواطنين عليها أن تفتش فى بيتها ٧ مرات، ولا نناقشها بمعزل عن ما يتحمله المواطن، وعندما نناقش أي زيادة نناقشها فى ضوء ما يتحمله المواطن وخاصة أن لدينا معدلات فقر كبيرة ولدينا نسبة تحت خط الفقر، وهذا الأمر سيؤثر على الفقراء وخاصة أن الخبز مكون رئيسى فى غذائه، موضحًا أنه لا يمكن للحكومة أن ترفع الدعم للمصدرين والمصنعين وأصحاب المصانع والحل فى دعم المواطن الحل الأمثل لحماية الأسر، وأكررها ثانية قبل أن تستسهل الحكومة طريقها لجيب المواطنين عليها أن تفكر فى دفاترها ٧ مرات وهذه الطريقة استسهال من الحكومة، وهذا الأمر له ثمن غال سيدفع فى المستقبل.


وقالت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق: إن التوجه نحو رفع سعر رغيف الخبز المدعم بلا شك هو عبء كبير على الفقراء، لافتة إلى أن هناك مجالات أخرى لترشيد الاستهلاك غير رغيف الخبز خاصة أنه بالنسبة للمواطن المصرى آخر حائط دفاع يستطيع أن يقيم به حياته.


وأضافت الجبالى: كنا فى حاجة إلى ترشيد الإنفاق الحكومى بدلًا من رفع سعر الرغيف المدعم الترشيد فى السيارات وهناك مجالات كثيرة لم تمس فيها إجراءات الترشيد الحكومى وهو الذى من الممكن أن يوفر للدولة ميزانية، وأؤكد أيضًا على الترشيد الحكومى السيارات الفاخرة والديكورات وغيرها وليست الأولوية لتوفير سيولة للدولة هو رغيف الخبز، وأكررها لو اتفتح ملف الترشيد سيوفر كثيرًا للدولة.


وتابعت نائب رئيس المحكمة الدستورية الأسبق: أي كان حجم التوفير الذى سيأتى من رفع سعر الخبز المدعم فهو عبء جديد على الطبقات الشعبية، وهل الأولوية لزيادة رغيف الخبز حاليًا فهو مزيد من الأعباء على الطبقات الشعبية، وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة، وكيف يمكن للحكومة أن توفر سيولة دون المساس بالخبز المدعم.


وأشارت الجبالى: هذا الأمر مساس بمبدأ العدالة الاجتماعية وعدالة توزيع الأعباء والتفاوت القائم والطبقى كل هذه الأمور تحتاج إلى مراجعة والتوجه الذى تتبناه الدولة تعميم الظلم.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية