رئيس التحرير
عصام كامل

طلعت حرب.. ثمانون عاما على الرحيل !

هذا الرجل أعلن استقلال مصر علي طريقته.. صرخ بأن مصر للمصريين وعلى طريقته أيضا.. هذا الرجل أدرك أن مصر ستعود لشعبها طال الزمن أو قصر وأن حركة التاريخ سوف تسير يوم ما في طريقها الطبيعي والصحيح.. فرفع اسم مصر بأموال أبنائها في كل مكان.. مصر للطيران.. مصر للأقطان.. مصر للورق.. مصر للتمثيل والسينما.. مصر للغزل والحرير.. مصر للطباعة.. مصر للنقل والشحن.. مصر سوريا (شركة أسسها في العشرينات قبل الوحدة مع سوريا بأربعين عاما اللي لميس جابر تقولك لا شيء يربط مصر بسوريا والروابط موجودة منذ مئات السنين) وغيرها من الشركات التي لا يتسع المجال لذكرها.. تخيلوا أن مقالا لا يتسع لشركات أسسها رجل في ظل الاحتلال الأجنبي ورغما عنه وعن الملك المعين من المحتل !! 

 

المصريون يعرفون الرجل.. وقيمته وحجمه في تاريخ مصر المعاصر.. لكن كثيرين منهم لا يعرفون أنه مات كمدا في بيته بدمياط بعد إجباره على الاستقالة! كان الاستعمار لا يرحم ولا يمزح وقت الجد وقد انتبه لتمدد أفكار طلعت حرب ومشاريعه وتأثيرها على الروح الوطنية  للمصريين فقرروا إيقافه ووقفه عند حدوده.. وهم يدركون أن تغييبه يعني موات بطئ لمشروعاته.. بالتالي لروحه وأفكاره.. 

رحيل طلعت حرب

 

وبالتعاون مع الملك والقصر حوصر طلعت حرب في أزمة مالية ضربت مصر والعالم بسبب الحرب العالمية.. رفضوا إقراض بنك مصر.. رفضوا ضمان الحكومة للبنك.. رفضوا وقف السحب من بعض أنواع الودائع مثل البريد مثلا.. والحل؟ الإجابة: كل هذه الحلول متاحة إن تركتم البنك واستقلتم؟ وكان الرد: "يموت طلعت حرب ويحيا بنك مصر "! 

 

ويرحل الرجل إلى  بلدته.. يعيش وحيدا مبتئسا مسلما أمره لله وسيرته للتاريخ.. وتمر الأيام ويلقي وجه ربه مثل هذا اليوم من عام ١٩٤١ ويبقي خالدا في ضمير شعبه حتى ترد له ثورة يوليو اعتباره.. وتمصر ما نهب منه ومن أموال شعبنا.. وتطلق اسمه علي أهم ميادين المال والأعمال وقتها.. ميدان طلعت حرب (يقول عباس الطرابيلي - في ابتلاء بأفكار حزب الطرابيش- إن المصريين رفضوا أسماء الثورة علي الشوارع والميادين فبقي اسم سليمان الفرنساوي كما هو وليس طلعت حرب!) وأطلق اسمه على عشرات الشوارع والميادين الأخرى فضلا عن عشرات المدارس.. لتكرم مصر ويكرم شعبها ابن مصر البار.. طلعت حرب !

الجريدة الرسمية