رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ "العــريـفى" المصـرى!!


أعلم أن الحديث عن الدكتور السعودى محمد بن عبد الرحمن العريفى فى هذا الوقت تحديدا سيصب علىّ اللعنات، ويجعلنى لقمة سائغة فى أفواه الذين نصَّبوا أنفسهم حماة للشريعة، وحراسًا على العقيدة.. ويضعنى فى مرمى الاتهامات.. إما بالعلمانية والليبرالية، أو ربما تصل إلى الإلحاد والخروج عن الملة.

بداية أكن كل الحب والتقدير لشخص الشيخ العريفى، الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود والداعية الإسلامى المعروف، وكل مواطن عربى أو أجنبى يعرف قدر مصر، وينزلها منزلتها التى تستحقها، ويحترم شعبها.. وأقدم له جزيل شكرى وعظيم امتنانى بحديثه عن مصر.. والتغزل فى ترابها.. والثناء على علمائها وأزهرها..
لكن أبدًا.. لست راضيا عن الطريقة التى تم استقباله بها.. فالعريفى ليس فاتحًا مغوارا، ولا عالمًا فذًّا، ولا إمامًا مجددا لتفتح له أبواب مساجد مصر، ويعتلى منابر بلد الأزهر الشريف.. وتفتح له استوديوهات القنوات الفضائية بطريقة وكأنه المهدى المنتظر، أو كأنه المسيح الذى هبط إلى أرض الكنانة ليخلص المصريين من الآثام والشرور..
المبالغة فى استقبال العريفى جعلتنى أتأكد أن "زامر الحى لا يطرب".. وأن "الشيخ البعيد سره باتع".. يا الله.. هل ما عند العريفى من علم غير موجود عند علمائنا ومشايخنا الأجلاء؟ هل البضاعة التى يروجها غير البضاعة التى عندنا؟ هل كنا بحاجة إلى شخص ليذكرنا بأفضال أمنا "مصر" على سائر الأقطار العربية والإسلامية؟ هل كنا بحاجة إلى شخص يوصينا بأمنا الغالية، بلد التين والزيتون وطور سيناء؟.. بالتأكيد لا..
لو كان شيخا أزهريا أو عالما معممًا هو الذى خطب فينا ما سمعنا له.. لو كان داعية مصريا هو الذى يوصينا بتهدئة الأوضاع والانتباه إلى المؤامرات التى تحاك ضد مصر فى الداخل والخارج، لاتهمناه بالتخريف والتهويل وخدمة النظام الحاكم.. لو كان داعية مصرى هو الذى خطب فى المساجد التى خطب فيها العريفى، ما استمع إليه أحد، واتهمناه بأنه طالب شهرة، ويروج لأشياء وأفكار بعينها.. لكنه الداعية الأجنبى.. تماما كالمدرب الأجنبى..!
لقد ترسخت فى أذهاننا "عقدة الخواجة" فى كل مجالات حياتنا.. فى السياسة، والاقتصاد، والرياضة.. حتى فى الدين.. فلم نعد نعجب بشىء إلا المستورد.. لم نعد نقتنع إلا بفتاوى علماء وشيوخ ودعاة دول النفط.. الذين يحاولون "دس" ثقافة بلادهم فى الفتاوى التى يصدرونها، والخطب التى يتحفونا بها.. ويوجهون بوصلة الأحداث السياسية بما يخدم مصالحهم وأهدافهم.. خاصة وأنهم يجدون أحضانا مصرية يرتمون فيها.. وقلوبا مصرية تستقبل كلامهم دون المرور على عقولهم..!!
إننى على يقين أن مصر عامرة بآلاف العريفى المصريين، الذين يفوق علمهم واجتهادهم ومكانتهم ما عند الشيخ السعودى.. وهذا ليس تقليلا من شأن الرجل، ولكن وضع الأمور فى نصابها.. ويكفى أن "العريفى" اعترف بفضل "الأزهر" على العالم.. فى الوقت الذى يُهاجَم فيه الأزهر وشيوخه وعلماؤه من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وقيادات التيار السلفى..!!
وحسبى الله ونعم الوكيل
الجريدة الرسمية