ظاهرة التقزم وأزمة رغيف العيش
ظاهرة التقزم وانتشارها بين شبابنا هى ظاهرة حقيقية وخطيرة، تنتشر وتنمو بقوة فى السنوات الاخيرة وبصورة ملحوظة جدا بين الإناث والعجيب أن ننتظر ليلفت الإنتباه وضرورة التوقف عندها بالدراسة من رئيس الدولة وليست الجهات البحثية رغم كثرة مراكز البحوث القومية والاجتماعية التى نملكها، ولكن لا نرى لها دور توجيهى أو حتى جرس تدقه فى أسماع التنابلة من مؤسساتنا الشعبية أو النافذة والمعنية باتخاذ القرار.
أما عن الربط بينها وبين أزمة رغيف العيش أو غياب التغذية المدرسية فهذا أمر يحتاج إلى دراسة متأنية خاصة أن ظاهرة التقزم تطال حاليا كل مستويات الأسر المصرية ومن المشاهدات نجد إنها تطال الشرائح الناعمة بالنصيب الأوفر من الصحة الغذائية وليس العكس.. إذا ظاهرة التقزم تحتاج لدراسة متعمقة تشترك فيها كل الجهات العلمية المعنية بالدراسة والتحليل والاشاعات المقطعية إن إحتاج الأمر، ولا يصلح معها التشخيص النظري إن أردنا أن نصل إلى نتائج حقيقية تعين صاحب القرار والجراح على التدخل لاستئصال المرض وعلاجه قبل أن يتفاقم..
دراسة أسباب التقزم
فهل السبب هو زيادة التلوث البيئي في بلادنا أم قصور فى التغذية أم تغير طال جيناتنا الوراثية ولا ندري هل زيادة حالة القلق والتوتر وتنوع الأمراض الهيستيرية التي بات يعانيها رب الأسرة في بلادنا مع دخولنا عصر دنيا الفواتير المتلاحقة التى أفقدته النوم وحرمته الحصول على قسط من الراحة لمواصلة رحلة الشقاء اليومية هو السبب أم شيئ آخر.
يخالجني شعور قوي أن رغيف الخبز متهم بريء ومظلوم فى جناية التقزم التى حلت بأولادنا فى الوقت الراهن، وأحرى بنا أن نكثف التحريات عن الجانى الحقيقى، فقد تكون جريمة منظمة أو حرب بيلوجية تمارس حولنا من شياطين الإنس طالت غذاءنا كله وزراعاتنا الحديثة بالأحرى ونحن لا ندرى وليس رغيف الخبز المتهم الشقى دائما فى كل بلاوينا.. لا نلوم أو نعظم من الأزمة والشكوك فى كل ما يدور حولنا أمر واقعي، خاصة بعد ما لحق بالعالم من كوارث عظمى على يد كورونا وشيطانها الخفي.
أزمة رغيف العيش
أما ما أثير عن قضية ضرورة تحريك أسعار رغيف العيش فى هذا التوقيت فهي قضية أخرى فأنا لا أشارك المتخوفين من التحريك للأسعار أو التثبيت، كما لا أرى أنها قضية سلعة تجارية أو حتى قضية دعم حكومي، رغم أن دعم الخبز ركن أساسي في منظومة الدعم الحكومى منذ ولدت فى ستينيات القرن الماضي وتوقفت الآن لتضم ٢١ نوعا وكانت تمثل نحو ٢٣% من جملة انفاقنا الحكومى قبل أن تخفض إلى نحو ١٦% منه فى السنوات الاخيرة بعد جراحات الإصلاح ورفع الدعم عن المحروقات والطاقة.
الإعتماد على رغيف العيش فى بلادنا ليس ككل بلاد العالم، فهو حاجة أساسية تعتمد عليه نسبة لا تقل عن ٧٠% من الشعب كركن أساسى للوجبات اليومية وهناك أسر لا تقل نسبتها عن ١٠%من مجتمعنا الريفى ومناطقنا العشوائية يعتمدون على رغيف العيش لسد رمق الجوع سواء توافر لهم "غموس" أم عجزوا خاصة وأن أغلب تلك الأسر ليس لديها مصروف يومي بالأساس..
إذا رغيف العيش فى بلادنا ليس سلعة أو بند في فاتورة الدعم الحكومي، إنما هو قضية أمن غذائي واستراتيجي يحتاج للتعامل مع مستجداته إلى كنسولتو يقوده جراح ماهر لضمان حياة كريمة للجميع.