برلمان تحت الطلب.. كمال أحمد: لا يجوز التقييم على دور واحد.. والعليمي: اهتم بما تريده الحكومة
انفض دور الانعقاد الأول لمجلس النواب بنسخته الجديدة. وبلغة الأرقام والإحصائيات فإن مجلس النواب فى دورته الأولى عقد ٥٨ جلسة عامة بمعدل ٣٧٨ ساعة بعدد متحدثين من النواب 5320 متحدثًا، وعدد مداخلات بلغ ٤٢١٠ مداخلات، فضلا عن عقد ١٥٠٢ اجتماع للجان، ومناقشة ١٤٦ مشروع قانون بمجموع ١٧٤٩ مادة إلى جانب مناقشة ٢٨ اتفاقية دولية في ١٢٨ جلسة عامة و٨٣٨ طلبا باللجان النوعية و٣٣٠ سؤالا، إلى جانب ٣٦٥ مقترحا برغبة، فهل أبلى البرلمان بلاء حسنًا خلال دور الانعقاد الأول، وما يجب تداركه خلال دور الانعقاد المقبل؟
ويقول النائب السابق كمال أحمد، إن مجلس النواب فى دورته الأولى شهد اهتماما غير عادى بسرعة إصدار القوانين والتشريعات، وهذا دوره، لكن تقييم نواب المجلس خلال دورة واحدة أمر صعب نتيجة لأن معظم النواب جدد على الحياة البرلمانية إلى جانب أن الحياة الحزبية قوية، وبالتالى لا تتوفر الخبرة البرلمانية الكافية، ومن هنا لا يمكن الجحم عليهم خلال ٤ أو ٥ شهور.
وأضاف لو عدنا للدورة التى كنت بها مستاءً ووصل الأمر إلى حد تقديم استقالتى، وبالتالى لا يمكن التقييم قبل مرور ٣ سنوات على الأقل حتى لا يقال إننا فى حالة تربص بالبرلمان، وبالتالى علينا الانتظار.
واستطرد كمال أحمد قائلا: الفترة التى بدأنا فيها فى الدورة الماضية لجأنا إلى القرارات الجمهورية التى لها قوة القانون، وكان عددها نحو ٣٠٠ قانون أما كثرة القوانين فى البرلمان الحالى يجعل البعض يرى أن الهدف هو تمرير القوانين التى تتقدم بها الحكومة، خاصة أن هناك قوانين عطلت بالبرلمان رغم أهميتها مثل قانون المحال وقانون العلاقة بين المالك والمستأجر.
وأكد أن البرلمان الحالى لم يكلف موازنة الدولة كثيرا، لأن النائب فى البرلمان المصرى أقل مكافأة من برلمانات العالم، بل أقل من عضو البرلمان السودانى.
اهتمام حكومي
ويرى عبد المنعم العليمى، عضو مجلس النواب السابق وشيخ المستقلين بمجلس النواب، أن مجلس النواب الحالى فى دور انعقاده المنتهى تجاهل التعرض لبعض التشريعات المهمة التى حارب النواب من أجلها، وعلى رأسها قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وتحديد القيمة الإيجارية للإيجار القديم، وهذا من القوانين التى كان يجب إنجازها، خاصة أن هناك عددا من مشروعات القوانين التى قدمها النواب فى هذا الشأن، وهناك أيضا قانون المحال رغم أهميته فى محاربة الفساد.
وأكد للأسف البرلمان اهتم بما تريده الحكومة من قوانين فقط دون القوانين التى تمس السواد الأعظم من الشعب فاهتم بتشديد العقوبات فى بعض التشريعات مثل ختان الإناث.
وأضاف أن هناك اتفاقا وتنسيقا بين الحكومة والمجلس على التشريعات وإلا كانت تمت مناقشة استجواب خاص بتلوث مياه النيل فى نحو ١٦ محافظة، أو أصدر قانونا يمنح رئيس المجلس معاشا دون النواب.
وأكد العليمي: المجلس عمل على تنفيذ ما تطلبه الحكومة من تشريعات خاصة ما يتعلق منها بالجانب الاقتصادى وهناك قوانين وافق عليها البرلمان السابق تم إدخال تعديلات عليها بناء على طلب الحكومة.
ويرى النائب سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ وعضو النواب السابق، أن دور الانعقاد الأول لمجلس النواب كان موفقا من ناحية أداء الأحزاب أو الشخصيات المستقلة، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار عدد القوانين التى عرضت عليه وعدد لجان الاستماع التى عقدت وإعطاء الفرصة لكل الاتجاهات للتعبير عن رأيها.
وأشار إلى أن سرعة إصدار القوانين فى دور الانعقاد الأول لا يمكن قياسه بزمن النقاش حولها لأنها تناقش باستفاضة فى اللجان النوعية، بل إن بعضها يناقش فى أكثر من لجنة، ولا يوجد قانون لم يتم إدخال تعديلات عليه.
وأكد لا يمكن وصف البرلمان بأن الحكومة استخدمته لتحرير القوانين، فهذا غير صحيح، لكن يمكن القول إن هناك قوانين أيضا مهمة لم تظهر للنور مثل قانون الإدارة المحلية لمشكلات تخص التطبيق رغم جاهزيتها من لجنة الإدارة المحلية، وبالتالى القانون يحتاج إلى ضبط حتى لا يطعن عليه بعدم الدستورية، أما ما يتعلق بقانون الإيجارات القديم فلا يوجد قانون معروض على البرلمان، والأمر لا يتعدى توقيعات نواب، لكن هذا القانون مهم لتنظيم العلاقة الإيجارية.
احترام الدستور
من جانبه.. قال الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين الأسبق إن تقييم أداء البرلمان الحالى في دورته المنتهية تجعلنا ننتبه إلى العوامل الحاكمة لأداء البرلمان مثل النصوص الدستورية بدستور ٢٠١٤ والمعدلات ٢٠١٩ فالمادة ١٢٢ من الدستور تنص على أن للرئيس ورئيس الوزراء وكل عضو من أعضاء البرلمان اقتراح القوانين، وتحال للجان النوعية للمناقشة إذا كانت من الحكومة أو من النواب بموافقة عشرة أعضاء المجلس، وهذا لن يتحقق إلا في وجود حزب الأغلبية، وبالتالى قدرة المجلس على تقديم مشروعات قوانين تقل أمام الحكومة.
وأضاف جودة: هناك أيضا المادة ١٨٦ من لائحة مجلس النواب تنص على اعتبار مشروع القانون المقدم من الحكومة أساسا إذا تعددت مشروعات القوانين في نفس الموضوع، وبالتالى في ضوء نص المادة ١٢٢ من الدستور والمادة ١٨٦ من لائحة المجلس نجد فرص المجلس ضعيفة، أضف إلى ذلك أن تركيبة المجلس الحالى الأغلبية فيه لحزب مستقبل وطن، والذى يملك القدرة على تقديم مشروعات القوانين بالحصول على عُشر أعضاء المجلس، وبالتالى يمكن اعتباره النسخة الجديدة للحزب الوطنى الذي تم حله.
واستطرد جودة عبد الخالق قائلا: البرلمان تجاهل قوانين مهمة لها شعبية مثل: قانون الإيجارات القديمة الذي ما زال في طى التجاهل والذى له شقان: الأول ثروة عقارية، والآخر ناحية اجتماعية، وهذا يتطلب تشريعا جديدا سريعا يحدث التوازن بين المالك والمستأجر، بالإضافة إلى تجاهل العلاقة الإيجارية في الزراعة؛ لأن القانون الحاكم هو قانون الإصلاح الزراعى الصادر فى١٩٥٢ وتعديله في ١٩٩٢، وتم تفعيله في ١٩٩٧ وهذا الأمر لا يحقق العدالة للفلاحين، مما أدى لهجر الأراضي الزراعية، أضف إلى ذلك تجاهل المجلس لإصدار قانون المحليات لتحقيق الخدمة للمواطن ومحاصرة الفساد، وهذا لن يتحقق إلا بمجالس محلية منتخبة.
نقلًا عن العدد الورقي…