عبد الوهاب مطاوع يحكي تجربته مع بريد الجمعة
يعتبر الصحفى القدير عبد الوهاب مطاوع أول من طور بريد الجمعة فى الأهرام حتى أصبح أهم أبواب الأهرام، وفى مجلة “كلام الناس” عام 1990 يحكى عبد الوهاب مطاوع ـ رحل فى مثل هذا اليوم 6 أغسطس 2004 ـ تجربته مع بريد الجمعة بعد مضى 22 عاما على تولي إدارته، فقال:
توليت الإشراف على بريد الأهرام في أغسطس 1982 بتكليف من الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، وكان الباب يتلقى شكاوى الجمهور، وكان يوم الجمعة مخصصا لنشر ردود المسئولين على مشاكل الناس العامة، ومنذ أول يوم كلفت بالباب قررت تطويره.
لجأت إلى تحقيق هذا الهدف إلى وسيلتين؛ أولاهما تحويله إلى باب للرأي، إلى جانب كونه مخصصًا للشكاوى.. الأمر الثاني إدخال لمسات إنسانية عليه، وأدى هذا التغيير إلى نجاح شهد به الجميع.
منبر للرأى العام
عن الجانب الأول، فإن القارئ العادي كاتب صادق ليس عنده حسابات أو أغراض شخصية يتميز بالشجاعة ويكره التزييف، وعند تحويل الباب إلى منبر للآراء العامة أقبل عليه الكثيرون، وكانت فرصة للتعبير عن رأيهم بحرية، لم أحاول أن أحُد من اندفاع القراء في الكتابة، وكل ما حرصت عليه هو عدم تجريح الأشخاص.. فمن حقك أن تهاجم الوزارة التي لا تعجبك أما شخص الوزير فأرجوك ابعد عنه.
أول رسالة
عن أول رسالة نشرها في بريد الأهرام، يقول مطاوع: رسالة مؤثرة جدًّا من شاب فقد طفله الوليد، وقررت أخته أن تلغي حفل السبوع الخاص بوليدها مشاركة منها لشقيقها في مأساته، اصطحب كل أطفال العائلة في سيارته وذهب الجميع إلى منزلها لحضور السبوع، وأخذ الشقيق يغنى للصغار من قلب مجروح ولم يستطع أن يدخل البهجة إلى قلوبهم وتحول السبوع إلى نكد وبكاء، وهو يسألني: هل أخطأت في تصرفى هذا ؟ كانت في رسالته حرارة غريبة.
قلت له: أنت إنسان عظيم، وطلبت من القراء أن يشاركوا برأيهم، فوصلنى أكثر من ستين خطابًا، وكان هذا أمرًا جديدًا على الصحافة المصرية يتمثل في المشاركة الإنسانية لمشاعر الآخرين الذين لا تعرفهم، والاهتمام بأمر إنسان لم تره في حياتك، وقد أصبحت هذه المشاركة الوجدانية من العلامات المميزة لصفحة الجمعة.
تقبيل أحذية النساء
أما أغرب خطاب جاءه من قارئ فهو يحتج على معاملة الناس له، هو غاوى تقبيل أحذية السيدات؛ لذلك كثيرا ما تلقى الصفعات والركلات، مع انه كان يتصور العكس، وهل تحلم امرأة أن يقبل رجل حذاءها مهما بلغ عشقه لها؟! وكان ملخص ردى ضرورة العلاج عند طبيب نفسى في أسرع وقت حتى لا يتلقى مزيدًا من اللكمات والشلاليت.
أروع رثاء
وعن أروع رسالة وصلت الأستاذ عبد الوهاب مطاوع فيقول: خطاب من أم فوق الستين مقيمة في حلوان فقدت ابنها الشاب فأرسلت ترثيه، ورغم مرور سنوات طويلة على هذا الخطاب إلا أنى مازلت أتذكره، فقد جاء فيه 24 وصفا لفلذة كبدها الذي توفي، استخدمت فيها الطباق مثل: كان ليلي ونهاري، أرضي وسمائي، شمسي وقمري، يومي وغدي..
ويضيف مطاوع: أذكر أنى أفردت لهذا الرثاء صفحة كاملة.