حسب الله الكفراوي.. ثوري في بلاط حكم مبارك
![الراحل حسب الله الكفراوي](images/no.jpg)
“قدمت استقالتي 3 مرات في أول مرة قال لي الرئيس الأسبق حسني مبارك، لو خرجت من الوزارة رجلي على رجلك، زي ما دخلناها مع بعض هنخرجها مع بعض، وقتها تراجعت عن الاستقالة، وقمت بتقديمها مرتين وفي آخر مرة وافق عليها ولا أعرف لماذا وافق الدكتور عاطف صدقي على استقالتي”.
هكذا قال وزير الإسكان التاريخي لمصر حسب الله الكفراوي الذي رحل عن دنيانا منذ ساعات، خلال آخر تصريحاته الصحفية، ليضع الرجل توصيفا موضوعيا لعلاقته مع الرئيس الراحل حسني مبارك ومنظومة السلطة التي ثار عليها المصريون وأسقطوها في 2011.
بلاط الحكم
كان حسب الله الكفراوي ثوريًا في ثوب إصلاحي، ينتهج طريق المكاشفة والصراحة التامة، ما كان يقلق مضاجع أجنحة الحكم في عصر مبارك، التي هاجمها كثيرا ووصف أقطابها بالشلة المسيطرة على الحكم، واتهمهم بتحويل أرصدتهم للخارج بالملايين، ما كان يجلب عليه الكثير من الضرر، وكثيرا ما نشرت الصحف تلقيه تهديدات من جهات عليا بسبب جرأته في النقد والهجوم على أعلى مستويات نظام مبارك.
استمر حسب الله الكفراوي وزيرا للإسكان لمدة 16 عاما من سبتمبر 1977 حتى أكتوبر 199، كما عين محافظا لدمياط في نوفمبر 1976، وعين أيضا رئيسا لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عام 1980 وانتخب نقيبا للمهندسين عام 1991، وهذه التوليفة من المناصب جعلت الرجل على دراية تامة بـ"دبة النملة"، فوضع يده داخل كل أوكار الفساد، الذي توحش بعد رحيله ناقما على أسلوب العمل وتردي الدولة في جميع مستوياتها.
نيشان الكفراوي
صنع الكفرراوي في الذهنية الوطنية حالة خاصة، إذ لم تتلوث سمعته بالفساد رغم "النيشان" الذي حصل عليه من المجتمع بإطلاق لقب "أبو المدن الجديدة" عليه اعترافا بفضله، في تأسيس مشاريع الجيل الأول للمدن الجديدة في مصر، أنذاك.
ترك الرجل الوزارة وفي سيرته الذاتيه 17 مدينة جديدة بمجتمعاتها الصناعية والعمرانية المتطورة، والتي بدأت جميعها في نفس الوقت بالإضافة إلى ست مناطق حضرية في القناة والساحل الشمالي وسيناء، ومع ذلك لم يستطع رموز عصر مبارك التي دخل في صراعات كبيرة معهم ضرب سمعته أو وصمه بنفس الخطايا التي طاردهم بها.
نصائح مبارك
خرج حسب الله الكفراوي من الوزارة، لكنه استمر في تتبع مصير الوطن، نصح الرئيس الأسبق كثيرا، كانت اكثرها وضوحا إبلاغه عام 2005 أن مصر على وشك الانفجار، فرد عليه قائلا: "اطمئن البلد ممسوكة كويس".. كان الكفراوي يحذر مبارك انذاك من لعنة الغرور التي أصابت الحزب الوطني ورجاله من أعلى المستويات لأدناها.
في نفس العام أيضا حذر حسب الله الكفراوي بحسه السياسي الذي شكلته خبرة السنين حسني مبارك من فراغ السلطة حال رحيله، وطالبه بحسب تصريحات له بتعيين عمر سليمان نائبا له «حتى ينظف البلد».
لكن صفوت الشريف، أكبر خصم للكفراوي، وأحد أهم اسباب خروجه من الوزارة، جعل الرئيس الأسبق يتخوف من هذا الطرح وأوغر صدره من أهم وزير للإسكان في العصر الحديث فأصبح يتجاهله، حتى قامت الثورة وانتهى النظام.
تعرض حسني مبارك لأكبر محنة في تاريخه بالسجن، نجا منها بعدد وافر من البراءات ليتوفي الرجل، وينعيه الكفراوي وينصفه ويدين نظامه الذي أفسد مصر وتسبب في تراجع مهين للدولة يدفع المصريون جميعا فاتورته حتى الآن.