مفاجأة روسية في أزمة سد النهضة.. نص كلمة سفير موسكو للمصريين
وجه سفير روسيا فى مصر، جورجي بوريسينكو، رسالة إلى المصريين، استعرض فيها مجالات التعاون بين البلدين على الصعيد السياسي والاقتصادي، ولم تخل الكلمة من التطرق لأزمة سد النهضة.
كلمة السفير الروسي، جورجي بوريسينكو، التى نشرتها سفارة موسكو فى القاهرة، حملت فى جوانبه المختلفة عديد من النقاط المهمة، وأشارت إلى توافق كبير في الرؤي بين الرئيسين عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وحملت ملامح مشروع الضبعة النووي، وحسمت ملف عودة السياحة.
فإلى نص الكلمة،،،
أيها الأصدقاء المصريون الأعزاء
تشهد العلاقات بين دولتينا التطور الديناميكي، اعتمادا على خبرتي الشخصية خلال فترة الشغل في بلدكم الرائع خلال السنة الماضية، أود أن أشاطركم بعض الحقائق والتقييمات التي تثبت أن روسيا ومصر صديقان حقيقيان وشريكان هامان.
وقبل وقت قصير في 23 يوليو الماضي، احتفلت مصر بالذكرى الـ69 لثورة يوليو 1952 التي قد دشنت ميلاد جمهورية جديدة، تسير منذ ذلك الوقت بخطوات مطمئنة نحو التنمية المستقلة والديمقراطية، في حين نهنئ المواطنين المصريين بهذا التاريخ نشير بكل سرور إلى الإنجازات الضخمة في المجالات المختلفة بما في ذلك في الاقتصاد والرعاية الاجتماعية والعلم والتعليم والثقافة.
وتتمتع جمهورية مصر العربية بنفوذ كبير على الصعيد الدولي بوصفها دون أي مبالغة بلدا طليعيا في الشرق الأوسط وإفريقيا وركيزة للاستقرار في المنطقة المضطربة والصعبة.
العدوان الثلاثى على مصر
تجمع شعبي روسيا ومصر المصالح المشتركة الطويلة الأمد والتعاطف المخلص، تتعامل دولتانا على هذا الأساس حصريا، كانت من دواعي سرورنا المساعدة للطرف المصري من أجل تنمية القدرة في المجال الصناعي بما في ذلك بناء سد العالي في أسوان كونه حاليا رمزا لعلاقات الصداقة. ساهم الاتحاد السوفيتي في تعزيز القدرات الدفاعية لمصر وقدم دعما خلال أزمة قناة السويس في 1956- العدوان الثلاثى- وفي اللحظات الحرجة الأخرى.
وبالتأكيد، لا نتذكر بفخر الانجازات الماضية وصفحات التاريخ المجيدة التي شهدتها العلاقات الثنائية فحسب بل نرى متفاعلين في المستقبل.
وحاليا، روسيا ومصر شريكان استراتيجيان يقومان بتوطيد التعاون متعدد الأطراف تحت قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي، اللذان يعملان في إطار حوار يتسم بروح الصراحة والثقة حول المسائل العديدة على الصعيد الدولي.
زيارات متبادلة
إن دخول اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي في حيز النفاذ في 10 يناير 2021 كان علامة بارزة ما أثبت النهج توسيع تعاوننا وتحسين نوعيته، تنص هذه الوثيقة، ضمن جملة أمور، على تكثيف الاتصالات السياسية، وحتى على الرغم من الظروف الوبائية الصعبة يتطور التفاعل على جميع المستويات بصورة ديناميكية، بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية بين الرئيسين وتبادل الرسالات بينهما فان زيارة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، إلى القاهرة في أبريل 2021 كانت من أبرز الأحداث في هذا العام ما أعقب زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري، إلى موسكو في أكتوبر 2020.
وتساهم اللجنة الحكومية المشتركة بين روسيا ومصر حول التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي مساهمة كبيرة في تعزيز التعاون بين رجال الأعمال وتمت دورتها ال13 في 23-24 يونيو 2021 في موسكو تحت رئاسة وزيري الصناعة والتجارة.
محطة الضبعة
وتضم قائمة المشاريع المشتركة بناء محطة النووية المصرية الأولى في الضبعة لتوليد الكهرباء الذي تقوم به هيئة دولة روسيا الاتحادية للطاقة النووية "روسأتوم" على أساس القرض من الطرف الروسي، مؤخرا، زار محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة روسياـ من أجل انطلاق إنتاج المعدات لاستخدامها في هذه المحطة النووية التي بدورها تستجيب أعلى المعايير الدولية.
وفي نفس الوقت عملية تنسيق القاعدة التشريعية لإنشاء منطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس جارية على قدم وساق وستعمل هناك شركات روسية خاصة ما يمكن أن يجلب حتى 7 مليار دولار للاقتصاد المصري والتكنولوجيات الحديثة والآلاف من فرص العمل.
التعاون العسكري
وتقليديا، يتصف تعاوننا في المجال العسكري بالعلاقات الراسخة أخذا في الاعتبار تنويع شكله في الآونة الأخيرة بسبب العمل النشيط للجنة الحكومية الخاصة التي يترأسها وزيرا الدفاع لبلدينا ومن المخطط عقد دورتها التالية في أغسطس 2021. بالإضافة إلى نقل نموذج الأسلحة الروسية الأكثر الفعالية إلى مصر تُنظم بصورة منتظمة مناورات عسكرية مشتركة. بالأخص، تمت المناورات البحرية "جسر الصداقة" في نوفمبر 2020 في البحر الأسود الذي وصلت هناك السفن المصرية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل.
ونسعى إلى توحيد جهودنا في مجال التصدي لتحد جديد وهو فيروس كورونا، كانت روسيا البلد الأول الذي سجل اللقاح ضد هذه العدوى الخطيرة، زودنا مصر بعدة شحنات من لقاح SPUTNIK Vبما في ذلك تم تقديمه مجانا إلى كل من وزارة الدفاع والإنتاج الحربي ووزارة الشباب والرياضة من اجل تلقيح عسكريين ورياضيين مصريين، في الخريف المقبل من المفترض انطلاق الإنتاج لهذا الدواء الفعال للغاية في القاهرة بواسطة مشاركة التكنولوجيات اللازمة.
إن عام التبادل الإنساني بين مصر وروسيا الذي أعلنه رئيسا فلاديمير بوتين وورئيسكم عبد الفتاح السيسي، يهدف إلى إعطاء دفعة للعلاقات الثقافية والاتصالات العامة، قد افتتح برنامج العام هذا بحفل الرقص الرائع الذي قدمته الفرقة الأكاديمية الحكومية الروسية المشهورة للرقصات الشعبية "بيروزكا" في 18 يونيو الماضي في دار الأوبرا المصرية.
سيشهد البلدان أكثر من 100 فاعلية حتى الربيع لعام 2022 ما سيوفر فرصا مميزة للتعارف والتفاهم بين الشعبين.
عودة الرحلات
ويساعد اتفاق الرئيسين على استئناف الرحلات المباشرة بين مدن روسية ومنتجعات مصرية على ساحل البحر الأحمر في الحفاظ على دينامكية الاتصالات المباشرة بين الناس. سيتم انطلاق الرحلات المنتظمة إلى الغردقة وشرم الشيخ من 9 أغسطس 2021 ما أصبح ممكنا بعد العمل المكثف والجدي بين الطرفين. وستزداد كميتها سريعا إذا سمح بهذا الوضع الوبائي.
المطارات والمنتجعات المصرية عززت الإجراءات الأمنية بشكل ملحوظ
ونؤكد أن المطارات والمنتجعات المصرية عززت الإجراءات الأمنية بشكل ملحوظ، لذلك نأمل في أن السواح الروس الذين يتذكرون الضيافة المصرية المشهورة ويشتاقون إلى البحر الأحمر سيجدون في نهاية المطاف الاستراحة الآمنة والمريحة، يقدم هذا فرصا هائلة للتفاعل في قطاع السياحة.
نقدر تقديرا عاليا التعاون على الصعيد الدولي والإقليمي. إن مواقف موسكو والقاهرة من معظم المسائل المحورية متقاربة أو متطابقة ما يشكل أساسا طبيعيا للحوار البناء، إننا مع مصر نتبع نهجا لدعم النظام العالمي متعدد الأقطاب ونعمل بصورة وثيقة في الأمم المتحدة والهيئات الأخرى لمواجهة تهديدات خطيرة بما فيها في مجال مكافحة الإرهاب الدولي.
أزمة سد النهضة
وفى تغير واضح تجاه أزمة سد النهضة، قال السفير فى كلمته التى مثلث مفاجأة على عكس موقف بلاده فى جلسة مجلس الأمن: بطبيعة الحال، نرى أن الأمن المائي يمثل لمصر التحدي الجدي. في الحقيقة هذا أمر وجودي للبلد، خلال ألاف السنين كان نهر النيل ولا يزال مصدرا واحدا لمياه عذبة تضمن الحياة لأكثر من 100 مليون نسمة. في هذا الصدد نتفهم جيدا قلق شديد لأصدقائنا المصريين حول بناء سد النهضة الإثيوبي.
مياه النيل أمر وجودي لـ 100 مليون مصري
كانت ولا تزال روسيا تدعو إلى الحل العادل للنزاع حول هذا التشييد أخذا في الاعتبار المصالح لكل من مصر والسودان وإثيوبيا. نحن مقتنعون تماما بأنه يتعين على الجيران البحث عن حلول توافقية ستوفر فرصا لكل من الدول الثلاث من أجل تنفيذ البرامج الوطنية للتنمية في جو من حسن الجوار والسلام والاستقرار. نحن مستعدون القيام بما في وسعنا للتوصل إلى الهدف المذكور وفي هذا السياق نعمل مع أديس أبابا من أجل تحقيق الاتفاق المقبول لجميع أطراف النزاع.
ملف ليبيا
بالنسبة إلى النزاعات الإقليمية الأخرى نتعاون مع القاهرة بشكل وثيق بغية تسوية الأزمة الليبية، تعرف روسيا حسنا أن جمهورية مصر العربية تعاني المصاعب بسبب الوضع المعقد في البلد المجاور وتوجد بينهما الحدود البرية المشتركة. إلى حد كبير بفضل عملنا المنسق على المضمار السياسي الدبلوماسي يمكننا في السنة الماضية وقف إراقة الدماء التي شهدتها دولة ليبيا خلال حوالي عشر سنوات وفي نفس الوقت إبعاد المسلحين الإرهابيين عن الحدود المصرية.
نواصل التعاون حول مسالة انسحاب كل الفصائل العسكرية من ليبيا. في نفس الوقت ننطلق من فهم الضرورة للقيام بهذه العملية في كل أنحاء البلد وبصورة تدريجية ومتزامنة تفاديا زعزعة الهدنة الهاشة وانزلاق الوضع إلى مواجهة عسكرية جديدة.
قضية فلسطين
نعرف أن المصريين يشعرون بقلق شديد إزاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. إن روسيا مثل مصر تدعو إلى تسوية هذا الصراع على أساس القانون الدولي المعترف به دوليا وفقا لقرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية.
أدى تصاعد التوتر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في مايو الماضي إلى ارتعاش كل العالم. نجحنا في "إخماد الحريق" بواسطة مجهودات مصر لكن يمكن الاندلاع من جديد، يعني هذا أن المجتمع الدولي يجب اتخاذ الخطوات الفعالية لإطلاق عملية المفاوضات بين الطرفين. ونسعى إلى مواصلة العمل جنبا إلى جنب مع القاهرة في هذا الاتجاه.
في هذا السياق أود أن أعرب عن خالص التقدير للسلطات المصرية للمساعدة الكبيرة في إجلاء المواطنين الروس وبعض مواطني الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة من قطاع غزة في 26 مايو و10 يونيو 2021 الذين تم نقلهم عبر الأراضي المصرية إلى مطار القاهرة الدولي وبعد ذلك إلى موسكو على متن الطائرات الحكومية الروسية. كما تم إجلاء من الأراضي الفلسطينية العانية من الأزمة الإنسانية 176 شخصا معظمهم من النساء والأطفال.
آفاق جديدة
تهتم روسيا للغاية بتعزيز العلاقات المتعددة الأوجه مع مصر من أجل التنمية المتبادلة ودعم الأمن الدولي والاستقرار الإقليمي، وهذا يتمشى مع الأهداف التي وضعها رئيسا بلدينا ويتطابق مع المصالح الطويلة الأجل لشعبينا، لا شك لدينا في بأننا سنحرز نجاحا في تنفيذ التطلعات وفتح آفاق جديدة للتعاون إذا عملنا معا بروح الصداقة التقليدية والتفاهم والاحترام المتبادل.