اليوم.. مراسم تنصيب "رئيسي" رئيسا لإيران بحضور خامنئي
يُنصَّب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي اليوم الثلاثاء رسميًا رئيسًا للجمهورية في إيران، في مهمة يواجه منذ مطلعها تحديات أزمة اقتصادية وتجاذبًا مع الغرب، لا سيما بشأن العقوبات الأمريكية والمباحثات النووية.
ويخلف رئيسي المعتدل حسن روحاني، الذي شغل ولايتين متتاليتين في منصب الرئاسة (اعتبارًا من 2013)، وشهد عهده سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا، وألمانيا).
وينصّب رئيسي خلال مراسم يصادق فيها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على "حكم رئاسة الجمهورية" وفوز الرئيس السابق للسلطة القضائية بانتخابات يونيو التي شهدت نسبة مشاركة كانت الأدنى في اقتراع رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية العام 1979.
وتقام المراسم في مجمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد وسط طهران اعتبارًا من الساعة 10:30 صباحًا (06:30 ت غ)، وفق وسائل الإعلام الإيرانية.
وتتخللها كلمة للرئيس الجديد للجمهورية يليها خطاب لخامنئي.
والخميس، سيؤدي رئيسي (60 عامًا) اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهمين عليه المحافظون، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب على تسميتهم.
ونال رئيسي نحو 62 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي بعد استبعاد ترشيحات شخصيات بارزة.
أمل بالمستقبل
ومن المتوقع أن يتيح توليه رئاسة الجمهورية، وتاليا السلطة التنفيذية، للتيار السياسي المحافظ بتعزيز نفوذه في هيئات الحكم، بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات التشريعية للعام 2020.
وأبدى رئيسي في تصريحات أوردها مكتبه قبل أيام، "أملًا كبيرًا بمستقبل البلاد"، مشددًا على أنه "من الممكن والمتاح تخطي الصعوبات والقيود الحالية".
وستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العائدة بشكل أساسي للعقوبات، والتي زادت من تبعاتها جائحة "كوفيد-19"، المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، كما في 2017 حين خسر أمام روحاني، شعارَي الدفاع عن الطبقات المهمّشة ومكافحة الفساد.
ويقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة فرانس برس: إن هدف رئيسي الأساسي "سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول المجاورة"، عبر "تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأمريكية"، ويعزز تبادلاتها مع الجوار وروسيا والصين.
وأبرمت إيران في العام 2015، اتفاقًا مع القوى الكبرى بشأن ملفها النووي أتاح رفع عقوبات عنها، مقابل الحد من أنشطتها وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه العام 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران انعكست سلبًا على اقتصادها.
مسار مختلف عن روحاني
وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018 ونوفمبر 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
كما شهدت محافظة خوزستان (جنوب غرب) احتجاجات خلال يوليو، على خلفية شح المياه. وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات لأسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
وغالبًا ما وجّه المحافظون المتشددون، الذين ينظرون بعين الريبة الى الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصًا، انتقادات لروحاني على خلفية إفراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي، وطالبوا مرارًا بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.
وفي كلمة خلال الاجتماع الأخير لحكومته الأحد، دافع روحاني عن سجل حكومته، معتبرًا أن "ما قمنا به أتى في ظل وضع صعب نتيجة الحرب الاقتصادية (العقوبات) وفيروس كورونا، وهذا العام، أضيف إليهما الجفاف".
ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن روحاني كان "مثاليًا" في علاقته مع الغرب، واعتقد أنها ستتيح "حل كل مشاكل البلاد سريعًا في الأمد القريب"، مرجحًا أن يعتمد رئيسي مسارًا مختلفًا.
الأولوية لدول الجوار
وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.
وهو سيتولى منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع العقوبات الأمريكية وتعيد واشنطن إليه، في مقابل عودة إيران لالتزام تعهدات نووية تراجعت عن تنفيذها بعد انسحاب واشنطن.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تولى مهامه خلفًا لترامب مطلع 2021، أبدى استعداده للعودة الى الاتفاق.
وأجريت ست جولات مباحثات في فيينا بين أبريل ويونيو، وأكد مسؤولون إيرانيون أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه.
وأكد خامنئي، الذي تعود إليه الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد، الأسبوع الماضي أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن "الثقة بالغرب لا تنفع".
وسبق لرئيسي، الذي يعد مقربا من خامنئي، التأكيد أنه سيدعم المباحثات التي تحقق "نتائج" للشعب، لكنه لن يسمح بـ"مفاوضات لمجرد التفاوض".
وفي توتر إضافي مع الغرب، تواجه إيران اتهامات من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، بالوقوف خلف هجوم طال ناقلة نفط يشغّلها رجل أعمال إسرائيلي في بحر العرب الخميس الماضي، أدى لمقتل اثنين من طاقمها.
وبينما أكدت واشنطن أنها "تنسق مع دول المنطقة وخارجها للتوصل إلى رد مناسب ووشيك"، نفت طهران الاتهامات، محذّرة من أنها سترد على أي "مغامرة" بحقها على خلفية هذه المسألة.