كينيا أفضل الدول الداعمة لمصر في ملف سد النهضة.. ولا قلق من الموقف الروسي لهذه الأسباب
لم تفض جلسة مجلس الأمن الدولى التى جرت بدعوة كل من مصر والسودان لمناقشة أزمة سد النهضة ومحاولة التوصل إلى اتفاق ملزم مع الجانب الإثيوبي بشأن ملء السد، وذلك بعد عقد من المفاوضات، إلى حل يرضى جميع الأطراف حتى الآن.
صحيح.. أن جلسة مجلس الأمن التى عقدت فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى تحدثت فيها الدول الـ15 الدائمة العضوية والمؤقتة، انتهت دون التوصل إلى اتفاق ملزم، لكنها بيت للعالم من هى الدول الداعمة لمصر والسودان فى قضية سد النهضة ومن الدول الداعمة لإثيوبيا.
فى بداية الجلسة جاءت كلمة إثيوبيا بادعاء وزير الرى الإثيوبى أن بلاده تعانى التعنت والمظلومية، وأن السد لا يشكل أزمة لأى من دولتى المصب، كما أنه وسيلة لإنقاذ الشعب الإثيوبى وحل أزمة المياه والكهرباء، زاعمًا أنه لا طائل من تدويل هذا الملف وعرضه على مجلس الأمن وأن ذلك ما هو إلا مضيعة للوقت ومخالفة لقانون الأمم المتحدة.
وبدا من كلمات مندوبى أعضاء المجلس الـ15 الدائمة العضوية والمؤقتة، أن الأغلبية تميل إلى اعتبار الاتحاد الأفريقى هو المكان الأنسب لحل الخلاف من دون قيد أو شرط، وذلك رغم فشل الاتحاد سابقا فى التوصل إلى اتفاق ثلاثى بشأن الأزمة التى تتحرك فيها مصر والسودان فى مكانهما، فى حين تتقدم إثيوبيا بخطوات ثابتة، كما أن دعم بعض الدول الأعضاء لأحد الجانبين وقع كالصدمة على الشعب المصرى والسودانى.
بعد جلسة الأمن
لكن التساؤلات هنا باتت تكثر حول ماذا بعد الجلسة التي عقدها مجلس الأمن؟ وما الرؤية التحليلية لكلمات بعض الدول التي جاء بعضها غامضا والآخر داعما لمصر السودان، وماذا عكس ذلك بالنسبة للجانب الإثيوبى؟ وما موقف الجانب الروسى من إثيوبيا؟
اللواء محمد الشهاوى، مستشار كلية القادة والأركان، يرى من جانبه، أن موقف الدول حول أزمة سد النهضة فى جلسة مجلس الأمن جاء مفاجئًا للجميع، فموقف تونس جاء داعمًا لحقوق مصر والسودان، وذلك من خلال مطالبتها إثيوبيا بالتوقف عن ملء خزان سد النهضة واستئناف المفاوضات بين الدول الثلاث فى غضون أشهر ومحاولة التوصل إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السد وإدارته.
بينما الموقف الروسي جاء مخالفًا للتوقعات، فروسيا ظهرت بأنها تتفهم وتدعم موقف إثيوبيا، وخاصة بعد تلك الكلمات التى ألقاها "فاسيلى نيبينزيا" مندوب روسيا فى الأمم المتحدة، خلال جلسة مجلس الأمن، والتى أكد فيها على رفض موسكو خطاب التهديد بين أطراف الأزمة، وأنه لا بديل إلا من خلال السبل السياسية بمشاركة الدول الثلاث، وأن السعى نحو الحل يجب أن يجرى فى إطار روح محتوى إعلان الخرطوم، مضيفا أن بلاده تعترف تماما بأهمية هذا المشروع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكن فى الوقت نفسه يجب تسليط الضوء على الشواغل المشروعة التى عبرت عنها السودان ومصر بشأن التبعات السلبية لتشغيل هذا السد فى غياب اتفاق حول تقاسم الموارد المشتركة".
دعم روسي
وأوضح أن السبب الذى دفع روسيا لتغيير رؤيتها ودعمها لمصر وتوقيع اتفاقية للتعاون العسكرى بين روسيا وإثيوبيا تزامنًا مع تواجد وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدى فى روسيا وبعد جلسة مجلس الأمن بأيام قليلة، ما هو إلا زيادة تأكيد أن موسكو تدعم الموقف الإثيوبى وأنها لديها مصالح كبيرة مع إثيوبيا تخطط للحفاظ عليها.
وأضاف مستشار كلية القادة والأركان، أنه من بين الدول الداعمة لمصر والسودان فى قضية سد النهضة كينيا التى تدعم اتفاقية "عنتيبي" -وهى الاتفاقية الإطارية التى وقعت عليها دول المنبع فى حوض النيل، بينما اعترضت عليها دولتى المصب مصر والسودان، لأنها تنهى ما يسمى بالحصص التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل- واستكمال جهود الاتحاد الأفريقى، لافتًا إلى أن كينيا أفضل الدول الداعمة لمصر ولديها تحفظات على إثيوبيا.
وتابع اللواء محمد الشهاوى، أنه بالنسبة لبريطانيا فموقفهما كان عائمًا إلى حد ما، وذلك من خلال مطالبتها جميع الأطراف المعنية استئناف المفاوضات وتقديم تنازلات تحت إشراف الاتحاد الأفريقى تمكنهم من الحل السلمى، مؤكدة على أنها بعيدة عن هذه الأزمة، لكن كونها عضو دائم بمجلس الأمن للأمم المتحدة، فإنها لا تريد التدخل فى تفاصيل المفاوضات.
ولكن ما تريده هو مساعدة جميع الأطراف المعنية وتشجيعهم من أجل الوصول إلى حل سلمى وإيجابى، وكذلك الموقف الأمريكي الذى أكد على الالتزام بتقديم الدعم لجميع الأطراف وعدم الانحياز لطرف على الآخر، مشيرًا إلى أنه على غرار أمريكا وبريطانيا جاء الموقف الهندى محايدًا ومطالبًا بتحقيق المصالح التى يمكنها إرضاء جميع الأطراف، أما فيتنام فكان موقفها يؤكد على تطبيق القانون الدولى الذى تنادى به دولتى المصب مصر والسودان.
أوضح أن الصين، ترى من جانبها أن إعلان المبادئ هو إطار مناسب للتوصل لحل، كما أنها ترفض فكرة الملء الثانى الأحادى لإثيوبيا، بينما المكسيك كانت مع الموقف المصرى والسودانى أيضا محذرة من نشوب صراعات وحروب، داعية إلى ضرورة وجود اتفاق ودى، أما فرنسا فكانت كسابقتها من الدول الأخرى تجاه الموقف المصرى والسودانى وأكدت على أن الملء المنفرد يقلق مصر والسودان.
القاهر لا تخضع
وبدوره قال الدكتور أشرف كمال مدير المركز المصرى الروسى للدراسات، إن الموقف الروسى تجاه مصر بشأن أزمة سد النهضة خلال جلسة مجلس الأمن غير صادم وإنما هو مجرد سوء توضيح أو فهم من البعض، خاصة بعد أن أكد مندوب روسيا أن بلاده ترفض التهديد العسكرى، لكن المعنى لا يشير بالضرورة إلى دعم روسيا لإثيوبيا، فعلى العكس موسكو أكدت رفضها لأى عمل أحادى، وأنها مع المفاوضات السلمية بين جميع الأطراف، مؤكدا أن العلاقات المصرية الروسية أقوى بكثير من العلاقات الروسية الإثيوبية.
وعلى الصعيد العسكري بشأن توقيع عدد من الاتفاقيات الخاصة بالتعاون العسكري مع أديس أبابا فى ختام الاجتماع المشترك الحادي عشر للتعاون التقني العسكري الإثيوبي-الروسى، ذلك الأمر لا يرقى بوصفه "اتفاقا"، وإنما هو بمنزلة بروتوكول للتعاون التقنى فى عدد من المجالات بين البلدين، وليس تعاونا عسكريا، كما يمكن وصفه أيضا، بالتفاهم بين مجموعة خبراء عسكريين على تحديث الأسلحة الروسية الموجودة فى إثيوبيا بالفعل، ومساعدة روسيا لإثيوبيا فى تدريب كوادرها على التقنيات العسكرية الحديثة.
ولا يعنى أبدا دفاع مشترك أو مبيعات أسلحة أو إجراء مناورات عسكرية روسية كما يحدث مع مصر، والدليل أن ما وقع على ذلك البروتوكول هو مدير إدارة التكنولوجيا فى وزارة الدفاع الروسية مع وزيرة الدفاع الإثيوبية، فذلك ليس تعاونا عسكريا بالمعنى الدقيق، وإنما لتبادل المعلومات فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة، خاصة أن إثيوبيا تشهد صراعا داخليا متزايدا، وروسيا بدورها تولى اهتماما بالحرب الدائرة فى الداخل الإثيوبى، بدافع الخوف وتطوير أسلحتها هناك يأتي من باب الحماية.
نقلًا عن العدد الورقي…