النيل.. تحت رقابة الأقمار الصناعية 250 محطة قياس تراقب مناسيب مياه النهر
«شبكات الرصد».. واحدة من التحركات التاريخية التي تتخذها مصر لتوثيق رحلة نهر النيل في مصر، ومن المتعارف عليه تاريخيا أنه منذ دخول الحملة الفرنسية إلى مصر بدأت أحلام ترويض نهر النيل تعرف التوثيق، بعدما قفز إلى عقل راودت نابليون بونابرت نفس السؤال الذي شغل عقول المصريين والأجانب الذين مروا على أرض الكنانة.. كيف نمنع مياه النهر من الهدر في البحر؟.. وهو سؤال ظل بلا إجابة حقيقية وقاطعة حتى بناء السد العالي الذي خزن أمامه كل الماء الذي كان يهدر في البحر المتوسط سنويا، ومع تحكم السد في المياه قبل الحدود المصرية، بدأت وزارة الموارد المائية والري التوسع في شبكة نقاط الرصد المختلفة لقياس نهر النيل في رحلته الكاملة داخل الأراضي المصرية وحتى المصب في فرعي دمياط ورشيد.
بين 42 مليار م3 و151 مليار م3 يتغير فيضان نهر النيل عاما بعد عام، ووسط استحالة التوقع الدقيق لحجم الفيضان إلا بعد انتهاءه في شهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام، تأتي مهمة التوزيع العادل للمياه لكافة الاحتياجات المائية للنشاطات المختلفة في الدولة وبشكل سريع ودوري، كأحد أهم وسائل دعم الاقتصاد الذي يزدهر مع الاستقرار المائي والتحكم في المياه، وهو الدور الذي تؤديه نقاط قياس منسوب نهر النيل، والتي تختلف مهمتها بشكل كامل عن مقياس النيل التاريخي في جزيرة الروضة بالمنيل، الذي كان الغرض منه هو تقدير حجم الفيضان فقط، وليس المتابعة اللحظية والدقيقة لمناسيب المياه وتوجيهها وفقًا للاحتياجات اليومية. وفي هذا السياق كشف المهندس علاء عبد السلام، رئيس الإدارة المركزية لتوزيع المياه بوزارة الموارد المائية والري، أن منسوب المياه في نهر النيل يخضع لرقابة دقيقة على مدار 24 ساعة من جانب مهندسي الإدارة المنتشرين في 250 نقطة تراقب سير المياه بطول نهر النيل منذ لحظة مرورها من بوابات السد العالي، وذلك لضبط المناسيب في القطاعات المختلفة وفقا للاحتياجات المائية لجميع الأغراض التي تعتمد على مياه النيل.
«عبد السلام» أوضح أن نقاط مراقبة منسوب نهر النيل تحتوي على أجهزة مليمترية مرتبطة بالأقمار الصناعية وترسل قراءات المناسيب في القطاعات المختلفة بالوادي والدلتا والترع الرئيسية بداية من السد العالي وحتى سد فارسكور وقناطر أدفينا، وترسلها كل ساعة إلى مهندسي الإدارة لاتخاذ القرارات المناسبة لاستقرار منسوب المياه، وفقا لاحتياجات كل منطقة وتحقيق الاستفادة الكاملة من كل متر مكعب من المياه بلا هدر. وأضاف: كل مهندس مسئول عن نقطة مراقبة يتخذ القرار المناسب وفقا للاتحياجات وحجم المنسوب في القطاع الذي يتواجد فيه بناء على تحليل البيانات الوارد من الأجهزة والقمر الاصطناعي، ووفقا للتوجيه الوارد من الإدارات المركزية بوزارة الري والموارد المائية، وتبلغ مصلحة الميكانيكا بتلك القرارات لتنفيذها من خلال منشآتها على نهر النيل وهي 7 قناطر و6 آلاف منشأة تحكم تعمل وفق بيانات دقيقة على مدار 24 ساعة.
رئيس الإدارة المركزية لتوزيع المياه تابع: وفي حالة زيادة منسوب النهر يأتي دور استخدام المفايض الرئيسية للتحكم في حجم المياه المنصرف من السد العالي، وأهم تلك المفايض هي توشكى ومفيض ترعة الإسماعيلية إلى جانب فرعي دمياط ورشيد، والأخير هو الفرع الأكثر سعة في الدلتا، وتعتبر القناطر الخيرية مركز توزيع المياه إلى محافظات الدلتا لأغراض الزراعة والشرب حيث تعمل القناطر على تنظيم احتياجات المياه لقرابة 6 ملايين فدان في الدلتا إلى جانب مياه الشرب لملايين المواطنين القاطنين في محافظات الدلتا، كما تعمل محطات قياس نهر النيل على تنظيم عملية رفع منسوب النهر لخدمة النشاط السياحي في أوقات ذروة الرحلات النيلية السياحية في بعض المحافظات كالقاهرة والأقصر وأسوان، حيث يتطلب رفع منسوب المياه في تلك النقاط لخدمة حركة الملاحة النهرية، وهو ما قد تحتاجه أيضا بعض عمليات النقل النهري للبضائع.