قراءة في خطاب تأميم قناة السويس.. عبدالناصر يحقق المفاجأة وديليسبس كلمة السر.. واستعراض لأبرز عناوين الصحف
في مثل هذا اليوم عام 1956، أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارا من أعظم القرارات في تاريخ مصر الحديث، وهو تأميم شركة قناة السويس.
ويعد قرار التأميم من أخطر القرارات السياسية التى اتخذت وتعد بمثابة نقطة تحول فى تاريخ العالم وعلى مستوى الوطن العربى، وأعقبه رد فعل استعمارى عنيف وهو العدوان الثلاثى الذي شاركت فيه إنجلترا وفرنسا وإسرائيل والذى ووجه بتكاتف عبقرى بين الجيش والشعب وبخاصة في خط القناة وتدخل الاتحاد السوفيتي، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، وانتهى الأمر بانسحاب العدوان الذي أعقبه استقالة رئيس وزراء بريطانيا وأفول نجم الإمبراطورية البريطانية.
خطاب تأمين قناة السويس كان له خصوصية كبيرة مصريا وعربيا وعالميا، خاصة أنه أعاد الحق لأصحابه وصارت قناة السويس مصرية، كما سبق الخطاب إعداد محكم لاسترداد القناة، وكان أول خطاب يتضمن كلمة سر ما إن سمعها الفريق المكلف باسترداد القناة عمليا حتى بدأوا مهمتهم.
كان عبد الناصر يحرص على أن يحقق السرية التامة والمفاجأة، لذا لم يصرح بقرار التأميم إلا عندما استدعى المهندس محمود يونس، رئيس الهيئة العامة للبترول، فى ذلك الوقت، والمهندس عبد الحميد أبو بكر سكرتير عام الهيئة العامة للبترول فى يوم 24 يوليو 1956، وأبلغهم بأنه قرر تأميم قناة السويس، وأنهما المكلفان بالتنفيذ، وأن كلمة السر هى (ديلسيبس) التى سيذكرها فى خطبته فى المنشية.
وطلب المهندس محمود يونس من الرئيس جمال عبد الناصر أن ينضم إليهما المهندس محمد عزت عادل، السكرتير المساعد للهيئة المصرية العامة للبترول فى ذلك الوقت، فوافق الرئيس على هذا الطلب، وعهد إلى محمود يونس بالبدء فورا فى مهمة اختيار المجموعة التي ستتولى تنفيذ المهمة تحت قيادته، على أن يكون الإختيار من بين الأفراد الموثوق فيهم، ومن ذوى الخبرة والكفاءة، وكلفه أيضا بإعداد خطة عملية لتنفيذ التأميم والمحافظة على السرية التامة.
انتشرت الفرحة والسعادة بين جموع المواطنين وقتها، الذين خرجوا يحتفلون ويرددون الهتافات المؤيدة للقرار وصاحبه من مختلف أنحاء البلاد، لم تقتصر الاحتفالات على الشوارع والميادين فقط، بل شاركهم "لسان حال المصريين" في مانشيتات وموضوعات الصحف اليوم التالي للتأميم.
الأهرام
"تأميم شركة قناة السويس" اعتلت تلك الكلمة بخطها السميك صحيفة "الأهرام"، يوم 27 يوليو، والتي كان مانشيتها "الرئيس يعلن باسم الأمة: أموالنا وحقوقنا رُدت إلينا" لتصحبها صورة لعبد الناصر أثناء الخطاب.
كما تناولت الصحيفة احتفالات المواطنين في مختلف أنحاء البلاد، وبشكل خاص على سكان الإسماعيلية الذين استولوا على مرافق الشركة، وخرجوا يهتفون بحياة جديدة في ظل الحرية، استمر دويها حتى وقت متأخر من الليل واستعدادًا للاحتفال في اليوم التالي، الذي لم تتوقف فيه "الأهرام"، يوم 28 يوليو، عن متابعة تلك أجواء الفحرة التي عمت البلاد، وامتدت للدول العربية الذين أرسل رؤسائها برقيات تهنئة لعبد الناصر على قراره وتأكيد مساندتهم له.
الجمهورية
"تأميم شركة القنال فورًا".. بهذه الكلمات أظهرت صحيفة "الجمهورية" في مانشيتها يوم 27 يوليو، مدى الحسم والجديدة الكامنة خلف ذلك القرار، وسعت لبث العزيمة والتشابك بين جموع الصريين، والفخر برئيسهم، مشيرة لفرحة المصريين الذي مضوا يستولون علي منشآت الشركة أثناء إلقاء الخطاب.
وفي اليوم التالي، 28 يوليو، الذي تهافتت فيه جميع الصحف التسابق على العناوين المميزة، فعمودا بسيط على الجانب الأيمن لصحيفة "الجمهورية" مخصص لرئيس مجلس إدارتها وقتها، محمد أنور السادات، الذي كان على موعدا مع الرئاسة فيما بعد، خطف الأنظار بشكلا ملفتا لكونه حمل عنوانا "قادر وفاجر" تناول فيه شخصية جمال عبد الناصر، التي تتسم بقوة وحسم شديد، وذلك القرار الذي كان يحتاج لشجاعة كبيرة.
كما استعرضت الصحيفة مواقف دول الغرب بعد قرار التأميم.
كما استعرضت الصحيفة مواقف دول الغرب بعد قرار التأميم.
الأخبار
بينما حظيت صحيفة "الأخبار" بعنوان، يوم 27 يوليو، ظل محفورًا في عقول المصريين حتى اليوم، وهو "عبدالناصر يعلن: تأميم شركة القناة"، وتسلم مصر لإدارة الشركة، مستعرضة كافة النقاط التي تناولها الرئيس في خطابه، وصداه القوي بين كافة جموح المواطنين.