بسبب «استفتاء الحزب الواحد».. مصطفى أمين يكتب: «لا يصنع الطغاة إلا العبيد»
«صداقة قوية انتهت بمأساة».. أربع كلمات يمكن أن تلخص العلاقة التي كانت تجمع ما بين
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والكاتب الصحفي الراحل مصطفى أمين، فالأخير كان
واحدًا من ألمع الصحفيين المصريين، في عهد الملكية، وامتدت شهرته إلى ما بعد 23
يوليو 1952، غير أن مياه «عكرة» جرت في نهر العلاقة التي كانت تجمع بين «ناصر»
وصاحب دار «أخبار اليوم» انتهت بـ«مأساة» لـ«مصطفى» الذي كان من المبشرين
بـ«الثورة» و«الداعمين للثوار».
حكايات كثيرة يضمها أرشيف العلاقة بين «ناصر» و«أمين»، غير أن حكاية «استفتاء الحزب الواحد» تعتبر واحدة من أبرز الحكايات التي تكشف طبيعة العلاقة التي كانت تربط الرئيس الشاب – وقتها – بالصحافة والصحفيين، حيث يروي «أمين» في أحد فصول كتابه «لكل مقال أزمة»، تفاصيل جلسة جمعته مع «عبد الناصر»، طالبه الأخير خلالها بالكتابة عن «الحزب الواحد»، ومحاولة تقديم ودعم الفكرة، غير أن «أمين» رفض الكتابة عن الفكرة، متحججًا برفضه الكامل للفكرة، غير أنه ترك الباب مفتوحًا ليكتب صحفي آخر ما يريد الرئيس، بشرط أن تترك المساحة لـ«أمين» ليرد ويفند الفكرة.
ويروي «أمين» قائلا: «في أوائل أغسطس سنة 1953 اتصل بي البكباشي جمال عبد الناصر، وطلب مني أن أذهب إلى بيته لمقابلته، وكان جو القاهرة حارًا، فدعاني إلى الجلوس في حديقة البيت، وكان جو الحديقة في المساء جميلًا، ولم يكن جمال قد أدخل تكييف الهواء في بيته بعد، وقال جمال عبد الناصر بعد أن تحدث في موضوعات شتى، أنه بدأ يفكر فيما يجب عمله بعد انتهاء فترة الانتقال التي أوقفت الدستور وألغت الأحزاب، وأنه يري أن الحل هو أن يقوم في مصر حزب واحد، وطلب مني أن أكتب في صحف أخبار اليوم أدعو للحزب الواحد، وقلت له إنني مؤمن بأن الحزب الواحد ضد مصلحة البلد، ولا أستطيع أن أكتب ما يخالف ضميري، فقال عبد الناصر: هذا حقك، ولكن هل لديك مانع أن يكتب من هو مقتنع بالحزب الواحد؟.. قلت: إنني مؤمن بحرية الرأي، ولهذا فأنا مستعد أن أنشر أي مقال يدعو للحزب الواحد بشرط أن أكتب ردي وأقول إن من رأيي تعدد الأحزاب.. فقال عبد الناصر: اتفقنا.
ويكمل صاحب «أخبار اليوم»، القصة قائلا: «بعد أيام زارني الأستاذ محمد التابعي في مكتبي بأخبار اليوم، وقال لي إن البكباشي جمال عبد الناصر قابله وتحدث معه في أنه يرغب في القيام بحملة للمطالبة بقيام حزب واحد، وتمهيد الرأي العام لقبول هذه الفكرة، وقلت له إنني أخبرته أنني سأكتب مهاجمًا الحزب الواحد، وأنه وافق أن أكتب ما أريد، قال الأستاذ التابعي أنه أحس من حديث جمال أنه متمسك بالحزب الواحد، ويري أن مصر تحتاج إلى ثلاثين سنة على الأقل من حكم الحزب الواحد والرجل الواحد والرأي الواحد، وكتبت أن نظام الحزب الواحد في ألمانيا وفي اليابان وفي تركيا وإيطاليا، وكتب الأستاذ التابعي مقالًا يهاجمني، ويبشر بالحزب الواحد، وفي يوم 26 أغسطس سنة 1953 كتب مقالًا بعنوان (لا يا أستاذ تابعي)».
أزمة «الكتابة عن الحزب الواحد» لم تقف عند حد «مقال التابعي» و«رد أمين»، حيث تلقي الأخير بعد نشره مقال «لا يا أستاذ تابعي» اتصالًا هاتفيًا من جمال عبد الناصر ، قال له في بدايته: لماذا لم تجعل عنوان المقال «لا.. يا جمال عبد الناصر»، ليرد عليه «أمين» بقوله: «إنني كنت أرد على مقال التابعي»، فقال «عبد الناصر»: أنت تعلم جيدًا أن هذا ليس رأي التابعي وإنما هو رأيي أنا، وكل كلمة كتبها التابعي في هذا الموضوع سمعها مني، وأنت سمعتها مني ونحن نتحدث في هذا الموضوع، فعقب «أمين» قائلا: «نعم هذا صحيح، ولكن كل كلمة كتبتها في مقالي قلتها لك ونحن نناقش الموضوع، وأنا قلت لك أنني سأنشر رأيي وأنت وافقت على ذلك».
«الاستفتاء».. مقترح قدمه «ناصر» في المكالمة ذاتها، حيث قال لـ«أمين»: «هذا صحيح.. وسوف نعمل استفتاء في آخر ساعة ونسأل القراء.. وننزل على رأي الأغلبية»، ليرد «أمين»: «أنا مستعد أن أنزل على رأي الأغلبية»، وكان الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، يتولى – وقتها – رئاسة تحرير «آخر ساعة»، ونشر استفتاء في المجلة طلب من القراء ان يبدوا رأيهم في حزب واحد أو أحزاب متعددة، وانهالت أجوبة القراء على الاستفتاء، ليفاجئ «أمين» بورق الاستفتاء ينقل من مكتب «آخر ساعة» إلى مكتب جمال عبد الناصر بمجلس الثورة، لتظهر النتيجة بعد ذلك أن أغلبية القراء تريد الحزب الواحد، فما كان من «أمين» إلا أن يضع شرطًا واحدا مقابل موافقته على نشر نتيجة الاستفتاء، وهو ما حدث بالفعل حيث نشرت المجلة نتيجة الاستفتاء وفي نهايته تعليق كتابه مصطفى أمين، قال فيه: «لا يصنع الطغاة إلا العبيد».
حكايات كثيرة يضمها أرشيف العلاقة بين «ناصر» و«أمين»، غير أن حكاية «استفتاء الحزب الواحد» تعتبر واحدة من أبرز الحكايات التي تكشف طبيعة العلاقة التي كانت تربط الرئيس الشاب – وقتها – بالصحافة والصحفيين، حيث يروي «أمين» في أحد فصول كتابه «لكل مقال أزمة»، تفاصيل جلسة جمعته مع «عبد الناصر»، طالبه الأخير خلالها بالكتابة عن «الحزب الواحد»، ومحاولة تقديم ودعم الفكرة، غير أن «أمين» رفض الكتابة عن الفكرة، متحججًا برفضه الكامل للفكرة، غير أنه ترك الباب مفتوحًا ليكتب صحفي آخر ما يريد الرئيس، بشرط أن تترك المساحة لـ«أمين» ليرد ويفند الفكرة.
ويروي «أمين» قائلا: «في أوائل أغسطس سنة 1953 اتصل بي البكباشي جمال عبد الناصر، وطلب مني أن أذهب إلى بيته لمقابلته، وكان جو القاهرة حارًا، فدعاني إلى الجلوس في حديقة البيت، وكان جو الحديقة في المساء جميلًا، ولم يكن جمال قد أدخل تكييف الهواء في بيته بعد، وقال جمال عبد الناصر بعد أن تحدث في موضوعات شتى، أنه بدأ يفكر فيما يجب عمله بعد انتهاء فترة الانتقال التي أوقفت الدستور وألغت الأحزاب، وأنه يري أن الحل هو أن يقوم في مصر حزب واحد، وطلب مني أن أكتب في صحف أخبار اليوم أدعو للحزب الواحد، وقلت له إنني مؤمن بأن الحزب الواحد ضد مصلحة البلد، ولا أستطيع أن أكتب ما يخالف ضميري، فقال عبد الناصر: هذا حقك، ولكن هل لديك مانع أن يكتب من هو مقتنع بالحزب الواحد؟.. قلت: إنني مؤمن بحرية الرأي، ولهذا فأنا مستعد أن أنشر أي مقال يدعو للحزب الواحد بشرط أن أكتب ردي وأقول إن من رأيي تعدد الأحزاب.. فقال عبد الناصر: اتفقنا.
ويكمل صاحب «أخبار اليوم»، القصة قائلا: «بعد أيام زارني الأستاذ محمد التابعي في مكتبي بأخبار اليوم، وقال لي إن البكباشي جمال عبد الناصر قابله وتحدث معه في أنه يرغب في القيام بحملة للمطالبة بقيام حزب واحد، وتمهيد الرأي العام لقبول هذه الفكرة، وقلت له إنني أخبرته أنني سأكتب مهاجمًا الحزب الواحد، وأنه وافق أن أكتب ما أريد، قال الأستاذ التابعي أنه أحس من حديث جمال أنه متمسك بالحزب الواحد، ويري أن مصر تحتاج إلى ثلاثين سنة على الأقل من حكم الحزب الواحد والرجل الواحد والرأي الواحد، وكتبت أن نظام الحزب الواحد في ألمانيا وفي اليابان وفي تركيا وإيطاليا، وكتب الأستاذ التابعي مقالًا يهاجمني، ويبشر بالحزب الواحد، وفي يوم 26 أغسطس سنة 1953 كتب مقالًا بعنوان (لا يا أستاذ تابعي)».
أزمة «الكتابة عن الحزب الواحد» لم تقف عند حد «مقال التابعي» و«رد أمين»، حيث تلقي الأخير بعد نشره مقال «لا يا أستاذ تابعي» اتصالًا هاتفيًا من جمال عبد الناصر ، قال له في بدايته: لماذا لم تجعل عنوان المقال «لا.. يا جمال عبد الناصر»، ليرد عليه «أمين» بقوله: «إنني كنت أرد على مقال التابعي»، فقال «عبد الناصر»: أنت تعلم جيدًا أن هذا ليس رأي التابعي وإنما هو رأيي أنا، وكل كلمة كتبها التابعي في هذا الموضوع سمعها مني، وأنت سمعتها مني ونحن نتحدث في هذا الموضوع، فعقب «أمين» قائلا: «نعم هذا صحيح، ولكن كل كلمة كتبتها في مقالي قلتها لك ونحن نناقش الموضوع، وأنا قلت لك أنني سأنشر رأيي وأنت وافقت على ذلك».
«الاستفتاء».. مقترح قدمه «ناصر» في المكالمة ذاتها، حيث قال لـ«أمين»: «هذا صحيح.. وسوف نعمل استفتاء في آخر ساعة ونسأل القراء.. وننزل على رأي الأغلبية»، ليرد «أمين»: «أنا مستعد أن أنزل على رأي الأغلبية»، وكان الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، يتولى – وقتها – رئاسة تحرير «آخر ساعة»، ونشر استفتاء في المجلة طلب من القراء ان يبدوا رأيهم في حزب واحد أو أحزاب متعددة، وانهالت أجوبة القراء على الاستفتاء، ليفاجئ «أمين» بورق الاستفتاء ينقل من مكتب «آخر ساعة» إلى مكتب جمال عبد الناصر بمجلس الثورة، لتظهر النتيجة بعد ذلك أن أغلبية القراء تريد الحزب الواحد، فما كان من «أمين» إلا أن يضع شرطًا واحدا مقابل موافقته على نشر نتيجة الاستفتاء، وهو ما حدث بالفعل حيث نشرت المجلة نتيجة الاستفتاء وفي نهايته تعليق كتابه مصطفى أمين، قال فيه: «لا يصنع الطغاة إلا العبيد».