رئيس التحرير
عصام كامل

المال وقيمة الإنسان!

شاهدت مقطع من مقابلة مع أحد مطربى المهرجانات في إحدى محطات التليفزيون اللبنانية، وعلي الرغم أنني كتبت سابقا عن أن ما حققه هؤلاء المطربين وغيرهم من شهرة وثراء يُعد نجاحا طبقا لمفردات النجاح في كتالوج العالم كله، حتي وإن اختلفنا مع شخصياتهم وثقافتهم، إلا أن محتوي التصريحات التي خرجت من هذا الشاب الصغير في المقابلة أثارت داخلي حالة من الشفقة عليه وعلي كل من هم على شاكلته!


والحقيقة الكثير منهم قد يكون ضحية الفقر أو الجهل أو الأسرة، وهي أشياء ليس لأي منهم يد فيها، مثل عدم التحاقهم بالمدارس والجامعات، أو التحاقهم بها وفشلهم نتيحة عدم جاهزية الأسرة للمتابعة أو التحفيز لذلك ونشأتهم في مستويات إجتماعية ذات ظروف مادية وثقافية محدودة، ولذلك أري أن ما انتهجوه من طريقة مشروعة وإستغلال موهبة لديهم، إختلفنا أو اتفقنا عليها، لكسب المال ونجاحهم فيها هو رزق من الله وحده، ولا يجب علي أحد أن يحقد عليهم أو يسفه منهم!

لكن ذلك الشاب تجاوز في استعراضه للمال والسيارات التي يمتلكها، وعندما عرض عليه المذيع صورته مع سيارته المرسيدس، فرد عليه قائلا "حقي، وفلوسي، وده صورة قديمة وأنا دلوقتي راكب رانج روفر، وعندي بدل العربية تلاتة وأربعة وخمسة ولسه"! وبطريقة تحمل زهو وغرور شديد رغم استخدامه الكثير لكلمة "ربنا شاور عليا"! وهنا لم أتحمل إستكمال الحوار!

رسالة للشباب
والحقيقة أحمل رسالة للشباب ومنهم أبنائي: نعم أعترف أن هؤلاء الشباب حققوا نجاح ومهما تعددت أسبابه واختلفنا علي الكثير منها، إلا أنه يظل نجاح، ونعم المال هام في الحياة، ولكنه لا يصنع قيمة للإنسان، فقيمة الإنسان الحقيقية تكمن في دينه وأخلاقه وعلمه وبهذا الترتيب فقط دون مواربة، أما المال فهو زينة وليس قيمة، وهو وصف المولي عز وجل له وليس اجتهادي أو تقييمي، وببساطة شديدة، المال مثل المكياج الذي تستخدمه السيدات والبنات، فإن لم يكن لهم حظا طيبا من الجمال الطبيعي الذي يهبهم الله إياه، تستطيع أي منهم أن تتزين بهذا المكياج بعض الوقت أمام الناس، بل وتستطيع أن تخدع بعضهم من الذين لا يعلمون مستوي جمالها الحقيقي، لكنها دائما تعلم حقيقة مستوي جمالها، وهكذا المال يستطيع تجميل كل هؤلاء لكنه لم ولن يغير من حقيقتهم التي ليس لهم دخل بها (وأكرر ذلك مرة أخري) في شيء!

الجمال أولا 
نعم المال زينة جميلة وعن نفسي أحبه وأحمد الله أن رزقني بسطة في العلم والمال معا، وأحسب أن الله وهبني رزقًا طيبا من الدين والأخلاق، وأسعي دائما للتجويد قبل لقاء رب العالمين، ومع ذلك أحب زينة الحياة من السيارات الفارهة مثل هؤلاء الشباب وأقتني منها وأبنائي كل الماركات التي نحبها مثلهم تماما، لكن في صمت ودون إستعراض، لأنها في النهاية ليست غاية ولكنها مجرد زينة لا قيمة لوجودها بدون جمال حقيقي من دين وأخلاق وعلم يُعبر القليل من هذه الزينة الفانية عن الكثير في عيون كل جميل، بل يدعون بالبركة والزيادة!

أيها الشباب إبحثو عن الجمال أولا، وإسعوا لامتلاكه بكل قوة بالترتيب، الدين-الأخلاق- العلم، ثم إبحثو عن تزيينه بالمال، فإن كان فنعم و إن لم يُكن فالحمد لله رب العالمين علي عظيم فضله وفائض نعمته!!
الجريدة الرسمية