رئيس التحرير
عصام كامل

النفحات العطرة في فضل يوم عرفة

في كل عام ننظر النفحات الطيبة العطرة لفضل يوم عرفة المبارك فمع شروق شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة يخرج الحاج من منى متوجهاً إلى عرفة للوقوف بها، وهذا اليوم المبارك له من الأفضلية والتكريم ما ليس في غيره  من الأيام الأخرى؛ حيث إن هذا اليوم ميَّزه الله تعالى بأفضلية تتمثل كما يلى:


• فقد أقسم الله سبحانه وتعالى بيوم عرفة، وهذا إنْ دلَّ على شيء، فإنَّما يدل على أنَّ العظيم لا يُقسم إلّا بعظيم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ" (سورة: البروج : 3) فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود، يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة) مسند الإمام أحمد: 13/352، (7973)
كذلك  ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم أنَّ يوم عرفة هو الوتر؛ إذ يقول الله تعالى في محكم تنزيله: "وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر" (سورة الفجر:3)

وفي هذا قال  جابر بن عبد الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر" مسند الإمام أحمد:  22/389 ، (14510)

فضل يوم عرفة
• أكمل الله تعالى في هذا اليوم المبارك يوم عرفة الملة، وأتمَّ به النعمة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن رجلًا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا» (سورة المائدة:5)

• ومن أفضليته المباركة أن  الله عز وجل يباهي  بأهل عرفة أهل السماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السَّماءِ، فيقولُ لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا ( صحيح ابن حبان: 9/163 (3852)، علاوةً على أنه يوم من مفاخر المسلمين وأعيادهم، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب) سنن أبي داود 2/320(2419)

• وهو يوم تغفر فيه ذنوب العباد، ويعتق الله  الكثير من النار، فقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص؟، فقال:(هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب) الجامع الصحيح للسنن والأسانيد: 7/311.

وروت السيدة  عَائِشَةُ رضى الله عنها عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ الله فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ»، رواه مسلم (1348(

• ومن أفضليته أنه أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء (سنن أبي داود: 2/325)  (2438)

صيام يوم عرفة
• ومن أفضلية يوم عرفة: الصيام فيه لغير الحاج، فصومه يكفر سنتين، فقد روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوم يوم عرفة يكفر سنتين, ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية " رواه مسلم، في صحيح مسلم، حديث رقم: 1162.
 
أما صيام الحاج  في يوم عرفة لا ينبغي عليه  الصيام، بل عليه أن يتفرّغ لعبادة الله بسائر الأعمال غير الصيام كالدعاء والذكر وقراءة القرآن، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات.

وروي  أيضًا عن عمير، مولى أم الفضل، أن أم الفضل أخبرته: "أنهم شكوا في صوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن، فشرب وهو يخطب الناس بعرفة على بعيره"  مسند الإمام أحمد: 44/451 (26881)

• وأفضل الدعاء يوم عرفة: الذي ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُ الدُّعاءِ يومُ عرفةَ، و خيرُ ما قلتُ أنا و النَّبيون من قبلي: لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ) شرح السنة: 7/157(1929)
أسأل الله عز وجل أن يتقبل منا طيب الأعمال وأن يرزقنا جميعا فضل يوم عرفة.

الجريدة الرسمية