رئيس التحرير
عصام كامل

د. سعد الدين الهلالى لـ"فيتو": فتاوى الاستشهاد باطلة وقتال المسلم للمسلم حرام

فيتو

من يفتون على الساحة الآن مفتئتون على المجتمع.
ليس هناك دين يعطى الحق لمعتنقيه في القتل أو التخريب.
إدخال الدين في السياسة أمر خاطئ.

الأحزاب المسماة بالإسلامية خطيئة كبرى.
الفتوى الآن أصبحت أسلحة يستخدمها مدعو التدين لمباركة كلامهم.
من يحمل الأزهر مسئولية العنف عليه أن ينظر للمتسببين فيه. 

أكد الدكتور سعد الدين هلالى رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الفتاوى التي خرجت تطالب بالاستشهاد باطلة لأن قتال المسلم للمسلم حرام.

وأوضح في حوار لـ"فيتو" أن الفتوى الآن أصبحت أسلحة يستخدمها مدعو التدين لمباركة كلامهم مضيفا: أن الفتوى الآن أصبحت لكل من يشاء دون معرفة ودراية وتخصص موضحا أنه لابد أن يكون من يفتى حاصلا على الدكتوراه في الفقه المقارن، وقال: إن تدخل الدين بالسياسة أضر كثيرا بالسياسة وسبب التباسا بين الناس وأضر بالمجتمع وبالدين وأن إصباغ الصفة الإسلامية على أمر من الأمور هو خطيئة كبيرة موضحا أن الرسول ترك مكة حقنا للدماء على الرغم أنها أحب البلاد إلى الله
وإلى نص الحوار: 

- في ظل هذه الأوقات التي تمر بها البلاد خرجت بعض الفتاوى الشاذة من قبل التيار الإسلامي التي تحرض على القتل بين المسلمين تحت مسمى الاستشهاد باسم الدين فكيف ترى هذه الفتاوى؟
الحقيقة أن هذه الفتاوى في المرسل والمطلق فتاوى شاذة ولا ينبغى العمل بها أولا لأن القتال بين المسلمين منهى عنه شرعا ولا يجوز فسباب المسلم فسوق وقتاله كفر وهناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه (إذا التقى مسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال إنه كان حريصًا على قتل صاحبه) ولكن أحب أن أوضح أن الفتوى هى عبارة عن بيان وإجابة عن سؤال وقد تكون الفتوى خاصة متعلقة بشخص وبزمن معين تتغير بتغير الزمن والشخص أو أحوالة، فالفتوى هى عبارة عن حكم خاص لشخص بعينه لكن ما ذكره بعض الشيوخ من فتاوى عامة بحكم إلزام الغير بها هى ليست فتوى ولكنها افتئات على الغير وأنا أعتبر أن هذه الفتاوى الشاذة هذه هى افتئات وليس فتوى لأن الفتوى كما ذكرتها هى بيان وإجابة لمن سئل أما أن ألزمك بها دون أن تسأل، فهذه ليست فتوى والفتوى بصفة عامة لا تكون فتوى إلا إذا طلبتها أنت منى لكن إذا لم تطلبها وقلتها لك أنا من تلقاء نفسى فهذا تعد على الحدود وافتئات.

- في نظرك، من يفتون هذه الفتاوى هل هم أهل للفتوى؟
لابد من التعارف للجميع أنه إذا أراد أحد بيان الحكم الشرعى في مسألة ما فعليه التوجه إلى أهل الاختصاص بمعنى أنه لابد أن نذهب للمتخصصين في الفقه لمعرفة بيان الحكم الشرعى وهذا أمر متعارف عليه عقليا فمثلا لو كنت مريضا هل ستذهب لمعلم أو مهندس ولكن ستذهب لطبيب وطبيب متخصص في العضو الذي تشتكى منه ولذلك فإن الفتوى لها أهلها ولها متخصصوها الذين يفتون في أحكام هذه المسألة الشرعية ولذلك حتى الفتوى متخصصة فإن كانت المسألة متعلقة بالمواريث فهناك مختص بعلم المواريث وإذا كانت متعلقة بحديث فهناك علماء الحديث وإذا كانت مختصة بآية قرآنية فهناك علماء التفسير، فالتخصص هو سيد الموقف لا يصح بحال من الأحوال مخالفتها وسؤال غير المتخصص هو ما أضر بالمجتمع وأضر بالدين وتم استغلاله استغلالا سيئا وأذكر في هذا حديثا ورد في البخارى عندما سأل الرسول ص متى الساعة فقال إذا ضيعت الأمانة فقال السائل وما الأمانة يا رسول الله ص قال: إذا وصد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ولذا أرى أنه إذا سألت غير أهل الاختصاص فقد ضيعت الأمانة.

- لكن ماهو الحكم الفقهى في الذين يقومون بتخريب الوطن ويدعون للتخريب من أجل مصالحهم ويطلقون يد الفساد ويعيثون في الأرض فسادا؟
هذا يعد إهلاكا للوطن الذي يعتبر هوية الإنسان وعنوانه وهنا يدخل باب الدين فلا أعتقد أن هناك دينا يعطى الحق لرجاله أو معتنقيه أن يقتلوا أو يخربوا أو يؤذوا حتى لو كان كما يزعم بعض المتسمين بالجهاديين بسهم خاطئ ( إن التخريب من أجل الوصول للتمكين جائز) فهذا نوع من العبث والتبرير غير الشرعى من أجل الوصول إلى مكسب غير شرعى، فما بنى على باطل فهو باطل كل نظام بنى على هتك أعراض أو بنى على قتل نفوس أو تخريب أموال حتى لو أعطى لنفسه تبرير القتل من أجل التمكين فهذا عبث بالوطن وعبث بالدين، وهذا يدخل تحت باب الغصب وقطع الطريق، ولابد للجميع أن يكون منتميا لوطنه فالانتماء للوطن يأتى قبل الانتماء للدين لأن الانتماء للدين يأتى بالعقل والانتماء للوطن يأتى بالنشأة ولهذا لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة قال اللهم إنى أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأحبها إلى نفسى ولولا أن أهل أخرجونى منك ما خرجت، فقد خرج منها ليكون محافظا لها وليس عدوا لها فخرج بدلا من أن تتحول إلى دماء وقتل وأن يحمى أخيه الإنسان ولما آن له أن يدخل دخل مكة آمنا وقال لخصومه اذهبوا فأنتم الطلقاء.

- الزخم الذي صاحب حكم الإخوان للمتحدثين بالإسلام والخالطين السياسة بالدين، هل أضر بالدعوة والدين ؟
بالتأكيد لأن المتواجدين حاليا من التيارات الإسلامية ومن يتحدثون باسم الدين يلبسون تصرفاتهم الزى الدينى وهو من أخطر الأسلحة التي قد تضر بالدين وبالداعى وبالدعوة وبالمجتمع، من هم حتى يتحدثون بالدين والشريعة الإسلامية فليسوا أوصياء على الناس وأنا أعتبرها خطيئة كبيرة فادخال الدين في السياسة أمر خاطئ ومثال على ذلك تدخل الدين في السياسة، وفى الاقتصاد مثلا عندما خرجت مسألة الصكوك الإسلامية فعندما يصف حزب ما أنه إسلامى فقد آل على الله ألا يحاسبه يوم القيامة لأنه يرى أنه له اسم يغنيه عن ذلك ويعطى الأوامر على أنها من الله ومن الإسلام ولكن لن يغنيه هذا الاسم عن محاسبة الله، وإلا لماذا وضع هذا الاسم إلا للتضليل وكأنك تريد أن تلغى عقولهم وتكسب أفئدتهم بهذا الاسم الإسلامي.

- خرج بعض المنتمين للتيار الإسلامي عقب فتوى شيخ الأزهر بشرعية الخروج السلمى عن الحاكم بعدة اتهامات له بأنه أشعرى ويدعون أن الأشعرية أقرب إلى الشيعه الإثنى عشرية وأن شيخ الأزهر يحرض على العنف ويحملونه أحداث العنف فما رأيكم ؟
بالنسبة إلى فتوى شيخ الأزهر فهو لم يحابى أحدا فيها، ففتواه هذه هى فتوى شرعية تاريخية نابعة من دور الأزهر الشريف ومن يحمل شيخ الأزهر مسئولية العنف فالأولى له أن ينظر إلى المتسبب الرئيسى في هذا، أما جانب أنه أشعرى والأشعرية شيعية فأقول: إن الأزهر يدرس الشريعة الإسلامية بكل مذاهبها التي تتفق مع الشريعة وأؤكد أنه ليس أشعريا ولكنه أزهرى الشريعة الإسلامية يدرس الشريعة والفقه والعلوم الإسلامية بتكوين علمى متزن ونحن نثق فيمن تكون تكوينا علميا متزنا أن يكون عطاؤه ثريا.
الجريدة الرسمية