رئيس التحرير
عصام كامل

الطريق والخوازيق!

الطريق هو ما نمضى عليه من الأرض، ممهدا مطروقا أي معبدا، ويرتاده الناس ذهابا وإيابا، يأخذنا من مكان ويفضي بنا إلى مكان، وبالعكس. هذا تعريف بديهي لكنه لم يعد بديهيا شأن مسلمات كثيرة في حياتنا. أما الخازوق فهو النتوء من الشى، صلب مبروم يستدق في الأرض أو فى الشيء أو فى الشخص، وتقام عليه الصبات أو الشدات أو المكائد. ولن أتطرق إلى استخداماته فى أزمنة تعذيب الملحدين والمفكرين.. والمجتهدين أو المعارضين!


بقدرة قادر صارت للمصريين موهبة فى جعل الخازوق ليس فقط من نصيب الأرض، بل جعلوه من نصيب بعضهم بعضا عند التباغض وعند التنافس بغرض الإقصاء.. لكن ليست تلك قصتنا هذه المرة. قصتنا عن الإبداع العبقرى فى تطوير الخازوق ليصير بمستوى الأرض ثم يهبط، ويتقور ليصير حفرة. ولا يمكن إغفال مهارات شركات تعبيد الطرق أيضا فى جعل الخازوق مفلطحا مستعرضا، ممددا كالمرأة الحامل .
لا هذه قلة ذوق منى في الكتابة. لقد رأيت في التجمع المتمدن خازوقا مفلطحا ممددا عالى البطن ضخمها كما البقرة المشبوحة. هذا أكبر خازوق مفرطح مسطح ملطح.

حين تتسع عيناك إعجابا بطريق من الطرق الجديدة، فرحا بأن بلدك فيها هذا المستوى الراقى من الرصف والتشطيب، فخذ بالك جيدا ولا تستغرقك الفرحة فهنالك، فى أية لحظة خازوق لأسفل ستلبسه سيارتك بكل طمأنينة.

إنها حفرة. من أين ولماذا؟ هذا سر لا يعلمه الإ الحفار أو المسفلتاتي. هل ترك الحفر فى شوارعنا الجديدة إرث أو طقس من الطقوس. هل هى تعويذة ضد الحسد. هل الحفر ضرورة حياة . هل هي ضريبة السير الآمن المبتهج على طريق جديد من طرق مصر الجديدة؟

حفر وبالوعات
عشرات الأسئلة. لن تجد اجابة. لماذا الحفرة والنقرة؟! ثم خذ عندك: لماذا غطاء البلاعة العالى المحفف بالاسمنت؟ الطريق رائع ومنطلق وفجأة أنت فى حفرة أو داخل على بالوعة طالة بغطائها، تلبس فيها سيارتك بكل أريحية!

لكي نعرف السبب الغريب المريب، لابد من التفتيش بأسلوب علمى، واستبيان يوزع على شركات الطرق، عامة وخاصة، نسألهم: ما الحكمة، وما الهدف وما السر فى ولع المهندسين وعمال الرصف بترك الحفر والمطبات والبالوعات البارزة؟ هل هناك بروتوكول تعاون مع مستوردى قطع غيار السيارت وأقسام الطوارئ بالمستشفيات، ومتعهدي دفن الموتى؟ ما السر الحقيقي فى عدم انجاز الشئ كما يجب. لماذا دائما توجد عورة. يوجد عيب. يوجد نقص.

مؤكد أن هناك مهندس استلام ومعاينة وتصديق على انتهاء المشروع وفق أدق المواصفات. هل اتعمى هذا المهندس؟ هل العمى طبيعي أم مالي؟ أليس فوق المهندس مهندس وفوق المهندس مهندس وهكذا؟ نعم هناك هكذا.. لكنه سلو بلدنا.. الزرار الناقص. البقعة السودة. التفنيش الغبى.

خلونا نفرح مرة بعمل كامل، نصبر على شغلنا ونراجعه ونحاسب من قصر ومن تقاعس. أنظر إلى العامل المصرى المبدع فى الحفر على النحاس والخشب في خان الخليلي. أنظر إلى دقة وقوة وكمال المعمار في مصر الفرعونية. أنظر إلى العامل والمهندس المصرى والفنان المصرى فى كمال وروعة موكب المومياوات.
لن أتطرق هذه المرة الى حفر ومطبات وبالوعات الشوارع الداخلية، الرئيسية أيضا، فهنالك العذاب الحقيقي. أدعو شركات تعبيد ورصف الطرق إلى مراجعة مشروعات الطرق وحسن تشطيبها وإنهاء الأعمال على الوجه الذى يرضى الله ثم المصريين .
الجريدة الرسمية